غزال سديميّ تراءى ليَ الليلَهْ |
فما كان إلاّ أن أضاء المدى كلّهْ |
تحدَّر من أقصى غمامات عالمي |
وكانت شريداتِ البصيرةِ، معتلَّهْ |
وألقى على روحي بأطياف نوره |
أنا المختفي في ظلمةٍ تلدُ الظُّلمَهْ |
تلقّيتُ عينيه اللّتينِ أشعَّتا |
بعينين أرمي فيهما كلَّ ما أتى |
ورحتُ -كبرقِ الغيب- أسمو إلى القمَّهْ... |
... |
غزالٌ سديميٌّ... |
تَهَّيجتُ فيه صورةَ القلب إذْ أَجْرى |
بفضَّته العذراء في اللَّحظة العذرا |
... |
وبالحبِّ يَطْوى خطوتي ويمدّها |
إلى آخر الأشواق، مجنونةً حيرى... |
... |
غزالٌ أراقَ الكأسَ فوق حجارتي |
أنا بيتُ ميلادِ الهيام، ومايَهْمي. |
به مالئٌ قَلْبي، به كاتبٌ اسمي |
هيامٌ تناءَى الرّوح في فَلواتِهِ |
كرحلةِ مجنون يفتّشُ عن أنثى |
رَمْته كحقلِ اليأس تحرثُهُ حَرْثا |
غزالٌ بلا جسمٍ تقدَّم صاعداً |
غيوبَ دمي العليا، فغامَتْ به الرؤيا |
مزيجاً من الألوان كانَ، كثيفا |
تناثرَ في صمتِ الهواء خفيفا |
وأنشدَني من طيّبِ الذِّكْر سورةً |
تفطّرَ منها القلبُ منكسرَ النَّبْضِ |
وكنتُ حزيناً أستديرُ على بَعْضي |
أهذا أبي من قبره قام، راشقاً |
ندى اللَّه قدسيّاً على جسد الأرضِ؟ |
ولكنَّ هذا الصَّوت صوتُ حبيبتي |
بكيتُ له من ألف عامٍ... فهل أبكي |
له الآن، إذ تنمو فروع قصيدتي؟ |
... |
وأوقفني في موقف الشَّكِّ، قال لي: |
أنا السّرُّ، والبوحُ القديمُ، أنا الأوَّلْ |
أنا آخرُ الأشياء في بُعْدِها المُهْمَلْ |
أنا الذَّكَرُ، الأنثى، الفضاءُ وقيدُهُ |
أنا قبحُكَ الموروثُ، والأجمل الأجمل... |
... |
بكيتُ له من ألفِ عامٍ، فهل أبكي |
وقلبي "عصيُّ الدمع" في موقف الشَّكِّ؟ |
_________ |
7/9/1991 |