وأتركُ قَلْبي على سفْح أغنيةٍ نبتَ الحَجَرُ الزَّمنيُّ عليها. |
أحدّق في ثغرة الكونِ: |
أكبرُ من ثغرةِ الكونِ قلبي |
فكيف لسَفْحٍ تضاءلَ، يحملُ قَلْبي؟ |
ويستأنسُ النَّبضُ بالموحشِ السَّرمديّ |
لماذا عليَّ إمالةُ قلبي ليسكبَ ميراثَهُ وطناً وطناً |
ونقاءً نقاءْ؟؟؟ |
تناءيتُ عن غسق الرّوحِ، |
مغتربٌ... مذْ ولدتُ أسمَّى هجينَ الكلامِ |
فكيف يجيءُ حليبُ الطّفولة من أسفل السَّفْحِ |
وجهي تمرَّغَ بالطِّين... |
عينايَ نايان ينفخُ خلفهما غامضُ الحُزْنِ |
تبكي الفضاءاتُ... |
ما عاد في داخلي غيرُ نَوْح الفضاءْ |
زمانُ القوافل يهربُ من فسحة الذَّاكرةْ |
وكان المغنّي يهيجُ المسافاتِ، |
تُرْخي المسافاتُ أعناقَها أسفاً: |
كيف لم يتوقف العاشقينَ القدامى |
لكي يُقْتَلُوا أصدقاءْ؟ |
وليس لأجراس من عانقونا صدى |
والمدى أكل الجائعينَ |
ومات المغنِّي... سُدى |
... |
ويلتمعُ البَرْقُ... ينكشفُ البَرْقُ عن جسدٍ |
يتهرَّأُ عضواً فعضواً |
فأبحثُ في مزَقِ الكونِ عن وجه أنثى |
اصطفيتُ صهيلَ يَدَيْها إذا هدأتْ |
لأريحَ تراثَ التّقهقرِ فوق أصابعها |
وأُسرُّ: أحبُّكِ، فلنهربِ الآن من صدأِ الكونِ |
قبلَ يَحُلّ الخواءْ... |
بها أنا أُرْقصُ قطعانَ، روحي الشَّريدة |
مزمارُها المطريُّ يباركُ معبدي الفارغَ الجنباتِ |
وأذبَحُ سرَّ دمي بين أقدامها |
ثمَّ أدفع بالنَّومِ يسرق حرَّاسَها |
أتوغَّل في شَفَتيْها |
أقطّرُ فيها دمي قُبلةً |
وأضجُّ بأعراسِ قلْب تزغردُ |
أطلقُ شَعْبَ الحمام |
وأقرأ تعويذة الحبِّ |
أدعو على من يصيدُ الحمامَ |
بألاَّ تذوقَ خلاياه موْجَدَةَ العشقِ |
أدعو على من يربيِّ الحمام بأن |
يلمَعَ البرقُ داخله |
ويلمَّ الهوى ماهوى منْ مشارفهِ العاليَهْ... |
... |
على سفْح شعري وقفتُ وقُلْتُ |
أنا قمَّةُ الكلماتِ |
وفي قاعِ روحيَ تُسْكَبُ خمرُ المساء |
وأرجفُ مِنْ جمرة الحبّ |
أسقطُ من كوكبٍ صاعدٍ |
وأغنّي وأهلُ الغناء نيامْ: |
"دعوني دعوني أناجي حبيبي |
ولا تعذلوني فعذلي حرامْ"... |
تميلُ الأعالي إليَّ تصلّي عليَّ |
لمجدٍ تلِفْتُ بتَعْتيقِ خمرتِهِ فوق نار الهيامْ. |
وأسأل قاصيةَ الهجر: |
من أيِّ حبٍّ أفرُّ إلى أيِّ حبٍّ؟ |
وكيف يغافلني شَبَحُ العشْقِ يقذفُ ريحانَهُ |
فوق صدري فأشهقُ؟ |
أوقظُ في خيمة الرّوح من نامَ من عاشقينَ، |
وأكسرُ كأس المنامْ. |
وأشربُ من سهرِ الذّكرياتِ الرَّجيمةِ فيضاً رماني |
سُرِقْتُ إلى الموج.... |
يا غارقاً خلفَ لؤلؤة الحبَّ |
سوف تموتُ غريقاً ولؤلؤةُ الحبِّ |
تقرأ بعدكَ عَنْك السَّلامْ. |
هو الحبُّ يا بحرُ... تغلي النَّوارسُ فيه وتدنو |
تحاول تأويلَ قرآنِهِ، تتلاشى بإشعاعهِ |
وهو يبقى وحيداً يوحِّد أشتاتَ أرواحِ مَنْ أسرَفَ |
العمرُ في نأيهمْ عن بداياتِ ألواحهِم... |
هو الحبُّ يا بحرُ، صخرٌ على شاطئٍ |
فوقَهُ يجلسُ العشقُ مرتبكاً من ملائكةٍ يسجدون |
لأنثى تُنفِّضُ عن صدرها الموجَ، |
تخرجُ بيضاءَ أسماؤُها اتَّضَحَتْ |
غير أنَّ ملائكة البَحْرِ ذاهلةٌ بالخروجِ الطُّقوسيِّ |
يا بحرُ يا بحرُ هذا هو الحبُّ |
لا اسم له وهْو كُلٌّ |
ولا شكل فيه ولكنَّنا منهُ نعرفُ نشأتنا والطًّريقْ. |
... |
على سفْح شِعْري وقفْتُ |
لأُخرِجَ من معطف الحزن وجهي الجديدْ |
وقيلَ جميعُ المحبيِّن عندَ حبيباتهم |
والكلامُ يمرُّ سريعاً ليسرقَ وجهَ الَّتي كنتُ |
أسرقها من يد الموتِ |
لا تغربي يا شروقَ الغناءِ أكمِّلُ نَزْفَ وريدي |
على حجرٍ في النَّشيدْ. |
تغادرني المرأةُ اللُّغويَّةُ والوَرَقُ الأبيضُ البكْرُ |
ما زال أبيضَ... لا تغربي واتركي خطوةَ الرِّيحِ |
تصعدُ في فلكٍ من جموحٍ. |
فإنْ عاتبتكِ القبيلةُ فيَّ |
فلا تغزلي زهرة الدَّمع من قمرٍ ساهرٍ |
قُرْبَ مَهْدِكِ، |
لاترسمي صورتي في جدار الَّذين مَضَوا، |
كم ألِفْتُ انفصالَ الأصابعِ عن كفّها |
وألِفتُ البقاءَ وحيداً |
وحيداً بقلبٍ وحيدْ... |
... |
على سفح وحدتي القاحلَهْ |
حفرتُ كهوفاً أخبِّئ فيها عزيفَ الرَّياحْ |
وأحمي بها زوجةَ الزَّمن المتداعي عن الذئب |
بعد ثلاثين جيلاً من الجَدْب |
يا ذئبُ أنتَ تقاسمني لقمةَ الماءِ |
قل لي: أما امتلأتْ غابةُ الشِّعر بالجثث المرعبَهْ |
وقلْ: أحرامٌ على شاعرٍ أن يشمَّ |
ولو في القصيدةِ نارَ الجسدْ؟؟؟ |
... |
على سفح موتي وقفتُ أغنِّي لأهل المقابرْ |
وما الفرق في لغة الموت بين جدارٍ وشاعرْ؟... |
_________ |
24/8/1992 |