زار البنفسجُ دارنا |
هتكَ الغناءُ ازارنا |
وتمايلْت حبلى بشهوتها أصابعُنا، |
ونّزّلْنا على وادي الهوى أمطارَنا |
يا حُبُّ... عِرقُكَ نابضٌ بالحبِّ، |
فلتتبَعْ إذاً آثارنا |
ولنُنْهِ في هذا اللّقاء حصارنا. |
... |
... ... جاثٍ على أعتاب ذاكرتي ... ... |
رسمتُ حديقةً أجريتُ فيها سلسبيلاً، |
ثمّ جئتُ بمقعدين: |
هنا تكّورَ هيكلي، وهناك مازال الفراغُ... |
لمستُ أطراف الهواء فمسَّني بردٌ، رجفتُ |
ورحتُ أُنطِقُ صمتَ هذا الأفق، |
كان الأفقُ شمساً مقفلَهْ |
بعثرتُ أسئلتي، فبعثرني المدى بالأسئلَهْ |
من أين يأتي الشّعرُ؟ |
هذا المقعدُ الخشبيّ يزحفُ |
باتّجاه الجدول العسليِّ |
يلقي فيه ظلاًّ: |
/ أيّها الماضي إلى الماضي، |
هرمتُ من الفراغ ومقلتا هذا المغنِّي |
تثقبان سياجَ صمتي. |
هل فيكَ ما يعلو على الإدهاش؟ |
هل في ضفتيك كمونُ سيّدةٍ تهبُّ من العراءِ؟ |
تريحُ فخذَيْها هنا، |
ينشقّ نهداها عن الأسرار يكشفها المغنّي إذ يسمِّيها بنفسجةَ |
الولادةِ، يجمعان فتات أحلام الخريفِ |
يتأمّلان سحابةَ الجوع المخيفِ |
أو يسجدان إلى الرَّغيفِ؟ / |
من أين يأتي الشّعرُ؟ |
مَنْ يحنو عليّ أنا المغنّي |
متأبّطاً شمسَ النّهار وشهوةً ترعى غزالتُها على جسدي، |
أنادي: يا غزالة فلتجنِّي |
إنّي جننتُ بشهوتي وجنحتُ للعشق المجنّح: طِرْ... |
فما أبقتْ رياح اليأس من قمحي ومنّي، |
غيرَ التَّعلُّق بالخطايا... |
من أينَ يشرقُ وجهكِ المطمورُ تحت الماءِ؟ |
آه يا بنفسجة العذارى |
آن لي أن أفتحَ الرّئتين حتَّى آخر الأفق |
المعبَّأ بالنَّسيمْ |
شعراً ملأتُ الأرض، |
شعراً في الحنان وفي الحنين وفي الجنونِ... |
فأشفقي يوماً على هذا الجحيمْ... |
... |
... ... جاثٍ على أعتاب ذاكرتي/ |
هي الذّكرى تصبّ حرائقاً في كأس جمجمتي |
فتشتعلُ الزّهورُ البيضُ في رئتي |
وتلهثُ شهوةً لغتي ويسرقني البنفسجْ |
ليحلَّ فيَّ الكوكبُ الجنسيُّ مخموراً، بنشوته توهَّجْ... |
وتركتُ يأسي في الحديقة، عدتُ، |
كان المغربُ الورديُّ منهمكاً بقبلاتِ الوداعْ |
يمَّمتُ شَطْرَ مآذن الحيّ المُقيمِ، |
حملْتُ صُلباني، |
ومغشيّاً عليَّ رُميتُ من وَجْدِ السَّماعْ. |
كان البنفسجُ عالقاً بضياء مئذنةٍ... |
سيجلدُني البنفسجُ كلَّ يوم خمسَ مرَّاتٍ، |
وأسهرُ تحت أضلاعي لأروي عن فروض الحبِّ إرثاً |
بات يسكنُ في النّخاعْ |
كم غبتُ عن وَصْلِ البنفسج... يا سَهَرْ |
وشُغلْتُ عن حبّ البنفسج بالصَّلاة على حَجَرْ |
جادلتُ شكَّ الرّوحِ، هل تمضي فصولي قبل أنْ |
أجدَ البنفسجَ في النّشيدِ، على الجدارِ، |
على المدار، على الشَّجرْ؟ |
من أين يأتي العقمُ؟ |
من سمّى الغيابَ إلهنا؟ |
ربّي هنا جسدٌ طهرْ |
لامستُهُ بأصابعي فتنزّلتْ منه قناديل القمرْ |
وهتفتُ فيه أن ينقّب في ظلام الرَّمل عن وجه المطَرْ |
أنا كائنُ الأفراح، لا غيبٌ يساومني على الرّؤيا |
ترابيٌّ أنا |
أن لامسَ العشّاقُ وجهي قلتُ: |
ها... إنَّ البنفسج قد حَضَرْ. |
وبهذه الرؤيا أفكُّ عُرى الحوارْ |
وأشكّ في ظلِّي وفي قولي وفي أهلي وفي شكل الغبارْ |
حتّى يطلُّ عليَّ عيدُ الأرض، |
أحشدُ فيه أعراس الطُّفولةِ... |
فلتقمْ من قبرها أمم السَّنابلِ |
ولتؤرّخْ من جديدٍ روحها |
ولتمض، تسكُبها جرارُ الحبِّ من دارٍ لدارْ. |
... |
زار البنفسجُ دارنا |
هتكَ الغناء ازارنا |
................. |
............. ولنُنْهِ في هذا اللِّقاء حصارَنا |
_________ |
4/5/1992. |