هَلَ أَنْتَ مُحَيِّي الرَّبْعَ أَمْ أَنْتَ سائِلُهْ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
هَلَ أَنْتَ مُحَيِّي الرَّبْعَ أَمْ أَنْتَ سائِلُهْ | بِحَيْثُ أَحالَتْ في الرِّكاءِ سَوائِلُهْ |
وكَيْفَ تُحَيِّي الرَّبْعَ قَدْ بَانَ أَهْلُهُ | فلمْ يبقَ إلاّ أُسُّهُ وجَنادلُهْ |
عفَتْهُ صناديدُ السِّماكَيْنِ ، وانْتَحَتْ | عليهِ رياحُ الصيفِ غُبْراً مَجاوِلُهْ |
وقَدْ قُلْتُ مِنْفَرْطِ الأَسى َ إِذْ رَأَيْتُهُ | وأَسْبَلَ دَمْعِي مُسْتَهِلاًّ أَوَائِلُهْ |
ألا يا لَقَومٍ للدِّيــارِ ببَدْوَة ٍ | وأنِّي مِرَاحُ المَرءِ ، والشَّيبُ شامِلُهْ |
وللدارِ مِنْ جَنْبَيْ قَرَوْرى كأنَّها | وُحِيُّ كتابٍ أتبعَتْهُ أناملُهْ |
صَحَا القَلْبُ عَنْ أَهْلِالـرِّكاءِ وفَاتَهُ | عَلَى مَأْسَلٍ خِلاَّنُهُ وحَلاَئِلُهْ |
أَخُو عَبَرَاتٍ سِيقَ لِلشَّامِ أَهْلُهُ | فلا اليأسُ يُسْلِيهِ ولا الحزنُ قاتِلُهْ |
تَنَاسأَ عَنْ شُرْبِ القَرِينَة ِ أَهْلُهَا | وعادَ بها شاءُ العدوِّ وجامِلُهْ |
تُمَشِّي بِهَا شَوْلُ الظِّبَاءِ كَأَنَّهَا | جَنى مَهْرَقانٍ فاضَ بالليلِ ساحِلُهْ |
وبُدِّلَ حالاً بعدَ حالٍ وعِيشة ً | بعيشَتِنا ضَيْقُ الرِّكاءِ فعاقِلُهْ |
سَخَاخاً يُزَجِّي الذِّئْبُ بَيْنَ سُهُوبِهَا | وفَحْلُ النَّعامِ رِزُّهُ وأَزامِلُهْ |
أَلاَ رُبَّ عَيْشٍ صَالِحٍ قَدْ لَقِيتُهُ | بِضَيْقِ الرِّكَاءِ إِذْ بِهِ مَنْ نُواصِلُهْ |
إذِ الدهرُ محمودُ السجِيَّاتِ ، تُجْتَبى | ثِمَارُ الهَوَى مِنْهُ،ويؤْمَنُ غَائِلُهْ |
وحَيٍّ حِلاَلٍ قَدْ رَأَيْنَا ومَجْلِسٍ | تَعَادَى بِجِنَّانِ الدَّحُولِ قَنَابِلُهْ |
هُمُ التَّابِعُون الحَقَّ مِنْ عِنْدِ أَصْلِهِ | بأحلامِهمْ حتى تُصابَ مَفاصِلُهْ |
هُمُ الضَّارِبُونَ اليَقْدُمِيَّة َ تَعْتَرِي | بما في الجفونِ أخلصَتْهُ صَياقِلُهْ |
مَصاليتُ ، فَكَّاكُونَ للسَّبْيِ بعدَما | تَعَضُّ عَلَى أَيْدِي السَّبِيِّ سَلاَسِلُهْ |
وكَمْ مِنْ مَقَامٍ قَدْ شَهِدْنَا بِخُطَّة ٍ | نَشُجُّ ونَأْسُو،أَوْكَرِيمٍ نُفَاضِلُهْ |
وكَمْ مِنْ كَمِيٍّ قَدْ شَكَكْنَا قَمِيصَهُ | بأزرقَ عَسَّالٍ إذا هُزَّ عامِلُهْ |
وإِنَّا لَنَحْدُو الأَمْرَ عِنْدَ حَدَائِهِ | إذا عَيَّ بالأمرِ الــفَظِـيعِ قَوابِلُهْ |
نُعِينُ عَلَى مَعْرُوفِهِ،ونُمِرُّهُ | عَلَى شَزَرٍ،حَتَّى تُجَالَ جَوَائِلُهْ |
ألمْ ترَ أنَّ المالَ يَخلُفُ نَسْلُهُ | ويَأْتِي عَلَيْهِ حَقُّ دَهْرٍ وبَاطِلُهْ |
فأَخْلِفْ وأتلِفْ إنَّما المالُ عارَة ٌ | وكُلْهُ معَ الدهرِ الذي هوَ آكلُهْ |
وأَهْوَنُ مَفْقودٍ وأَيْسَر هالِكٍ | على الحَيِّ مَن لا يبلُغُ الحيَّ نائلُهْ |
ومُضْطَرِبِ النِّسْعَيْنِ مُطَّرِدِ القَرى | تَحَدَّرَ رَشْحاً لِيتُهُ وفَلاَئِلُهْ |
ذَواتُ البقايا البُزْلُ ، لا شيءَ فوقَها | ولاَ دُونَهَا أَمْثَالُهُ وقَتَائِلُهْ |
رَمَيْتُ بِهِ المْومَاة َ يَرْجُفُ رَأْسُهُ | إذا جالَ في بحرِ السَّرابِ جَوائلُهْ |
إِذَا ظَلتِ العِيسُ الخَوَامِسُ والقَطَا | مَعَاً في هَدَالٍ يَتْبَعُ الرِّيحَ مَائلُهْ |
تَوَسَّدُ أَلْحِي العِيسِ أَجْنِحَة َ القَطَا | ومَا في أَدَاوَى القَوْمِ خِفٌّ صَلاَصِلُهْ |
وغَيثٍ تَبَطَّنْتُ الندى في تِلاعِهِ | بمُضْطَلِعِ التَّعْداءِ نَهْدٍ مَراكِلُهْ |
شَدِيدِ مَنَاطِ القُصْرَيَينْ مُصَامِصٍ | صَنِيعِ رِبَاطٍ،لمْ تُغَمَّزْ أَبَاجِلُهْ |
غَدَوْتُ بِهِ فَرْدَيْنِ يُنْغِضُ رَأْسَهُ | يُقَاتِلُني حَالاً،وحَالاً أْقَاتِلُهْ |
فلمَّا رأيتُ الوحشَ أَيَّهْتُ ، وانْتحى | بِهِ أَفْكَلٌ حَتى اسْتَخَفَّتْ خَصَائِلُهْ |
تمَطَّيْتُ أَخْلِيهِ اللِّجامَ ، وبَذَّني | وشَخصي يُسامي شَخصَهُ ويُطاولُهْ |
كأنَّ يدَيْهِ ، والغلامُ يَنُوشُهُ ، | يدا بطلٍ عاري القميصِ أُزاوِلُهْ |
فما نيل حتى مَدَّ ضَبْعي عِنانَهُ | وقُلْتُ:مَتَى مُسْتَكْرَهُ الكَفِّ نَائِلُهْ |
وحاوَطْتُهُ حتى ثَنَيْتُ عِنانَهُ | عَلَى مُدْبِرِ العِلْبَاءِ رَيَّانَ كاهِلُهْ |
منَ الأرضِ دونَ الوحشِ غَيبٌ مَجاهِلُهْ | |
فلمَّا احتضنْتُ جَوْزَهُ مالَ مَيْلَة ً | بهِ الغربُ حتى قلتُ: هل أنا عادِلُهْ |
وأَغْرَقَنِي حَتَّى تَكَفتَ مِئْزَرِي | إِلى الحُجْزَة ِ العُلْيَا،وطَارَتْ ذَلاَذِلُهْ |
فَدَلَّيْتُ نَهَّاماً كَأَنَّ هُوِيَّهُ | هُوِيُّ قُطَامِيٍّ تَلَتْهُ أَجَادِلُهْ |
على إثْرِ شَحّاحٍ لطيفٍ مصيرُهُ | يَمُجُّ لُعاعَ العِضْرِسِ الجَوْنِ ساعِلُهْ |
مُفِجٌّ منَ اللائي إذا كنتَ خَلْفَهُ | بَدَا نُحْرُهُ مِنْ خَلْفِهِ وجَحَافِلُهْ |
إِذَا كَانَ جَرْيُ العَيْرِ في الوَعْثِ دِيمَة ً | تَغَمَّدَ جَرْيَ العَيْرِ في الوَعْثِ وَابِلُهْ |
فلمَّا اجتمَعْنا في الغُبارِ حبستُهُ | مدى النَّبْلِ يَدْمى مِرْفَقاهُ وفائلُهْ |
وجاوَزَهُ مُسْتَأْنِسُ الشَّأْوِ شاخِصٌ | كَمَا اسْتَأْنَسَ الذِّئْبَ الطَّرِيدُ يُغَاوِلُهْ |
كَتَيْسِ الظِّبَاءِ أَفْزَعَ القَلْبَ حَابِلُهْ | |
فَأَيَّهْتُ تَأْييهاً بهِ ، وَهْوَ مُدْبِرٌ ، | فأقبلَ وَهْواهاً تحَدَّرَ واشلُهْ |
خَذى مثلَ خَدْيِ الفالِجيِّ يَنُوشُني | بخَبْطِ يدَيْهِ ، عِيلَ ما هوَ عائلُهْ |
إِذَا مَأْقِيَاهُ أَصْفَقَا الطْرفَ صَفْقَة ً | كَصَفْقِ الصَّنَاعِ بِالطِّبَابِ تُقَابِلهْ |
حَسِبْتُ التِقاءَ مأْقِيَيْهِ بطَرفِهِ | سُقُوطَ جُمَانٍ أَخْطَأَ السِّـلْكَ وَاصِلُهْ |
ترى النُّعَراتِ الخُضْرَ تحتَ لَبانِهِ | فُرَادَى ومَثْنَى أَصْعَقَتْهَا صَوَاهِلُهْ |
فَرِيساً ، ومَغْشِيَّاً عليهِ كأنَّهُ | خُيوطُهُ مارِيٌّ لَواهُنَّ فاتِلُهْ |
وكمْ مِن إرانٍ قدْ سَلَبْتُ مَقِيلَهُ | إِذَا ضَنَّ بِالْوَحْشِ العِتَاقِ مَعَاقِلُهْ |