ألا.. |
إني دموع الصبح في عينيك.. |
أنّى تمسحي قلبي |
فلا يبقى سوى رسمي |
على جدران أُغْنِيَةٍ |
لِسورِيَّةْ.. |
فقومي و امسحي بِدَفا عُيونِكِ |
فَيَضَ أحزاني |
و سُلّي من دمي بيديك يا أَمَلي |
عذاباتِ الأسى و جُذا الحنينِ.. |
أَتعلمين الشوق كيف يَعضُّ أوصالي؟ |
كأني من كتبت البَيْن عنكِ |
و أنت روحي |
مثلما أنا فيك سَوْسَنَةٌ |
و لكِنّي بعشقك نبع آهات الأنينِ.. |
متى ذَكَرْتُكِ.. |
يَخْفق القلب المُدَجَّجُ بالمواجِعِ |
آملاً سَكَنًا |
يُنَسّيهِ الأسى و جَفا السِّنينِ.. |
أ تذكرينَ؟ |
أم افتقدت ملامحي؟ |
و قد ارتوت من جرحك الذكرى.. |
و غارت في دماه خطى الطغاة و مزقت رسمي |
قولي برب الكون يا روح الوجود |
أَمَزَّقوا ذِكْري؟ |
أَحالوا بين قَلْبَيْنا؟ |
أم اجتاحت جحافلُهم عيونَك.. |
فامَّحت ذكرايَ بين ضفاف بَرْدى |
أخبريني.. |
هل قَسَوْتُ عَلَيْكِ حتى تُنْكِريني؟؟ |
أَذيبيني بنهرك كيف شئْتِ |
و في العذاب الحُلْوِ بين يَدَيْكِ صُبّيني |
أذيقيني حنانكِ |
لو بقسوة جرحك المسكوبْ |
و قولي للدُّنا أني |
ضَحِيَّةُ قلبك اللاهي |
... |
و ضميني لصدرك |
أسكب الأجراح بين دموع عينيكِ |
و أنسى كل آلامي |
بدفء رحيق كفيكِ |
و أحيا بعدما |
ذاق الفؤاد مرارة الهجران |
بين الشوك و الموتِ |
و بين البعد و الأشواقِ و الصمتِ |
و بين منابعٍ للحزن أذكرها |
و أذكر كم تجرعتُ الردى من مائها الجافي |
و كم فاضت على قلبي |
و أضرت فيَّ نار الشوق و الحرمان |
فلا سكنًا لقيت و لا هنًا إلا بِبابِكِ |
صَدّقيني.. |
هل قطعت الغاب إلا |
كي أراك و كي تَرَيْني؟ |
أخبريني يا دمشقُ |
أهانت الدنيا |
فهُنْتِ على الورى |
و تناثرت ذكرى الصبابة و الهوى |
و نسيت أحلامي |
و أحلامًا بنيناها معًا |
في ربوة كانت على التل البعيد |
تُعيد أغنيتي |
و تنشد كل أشعاري |
و كانت إذ تغيب العين عنك تذيع أسراري |
لتفضحَ كلَّ ما أخفيه في قلبي |
و تكشفَ حبِّيَ المخبوءَ بين مواجع الأزمان |
أعيديني.. |
لأشجار الصنوبر و الخزامى |
تحت غصن التوت بين شقائق النعمان |
حيث اعتدت أن ألهو و أحبابي |
مع الأنسام حين تهف من بردى |
تداعب خصلتي الشقرا |
و تضفي من صباه عليَّ |
نورَ ملامحٍ شامِيَّةِ الرسم |
و تكسوني بنور الحب و الإيمان.. |
... |
أجيبيني.. |
بربك لا تلوميني |
فإني لا أزال قضية |
في الغيب أجهضها حِمام اليأس و الأوهام.. |
و لمّا يرتوِ عودي |
فأنت الخنجر المغروس في أملي |
و أنت الحب و الأحلام.. |
أسوريَّةْ.. |
دموع الصبح تنذرني بخطبٍ لست أُدْرِكُهُ |
فما بال النَّهار يجوب قافِيَتي |
و لا يُلْقي سِوى الإظلام؟؟ |
و ما بال الزهور تموت في لُغَتي |
و طير الحق يهجر دوحةَ التغريد |
تقبع فيهما الغربان؟؟ |
أسورية.. |
بربك لا تلوميني |
و قولي من أزاح البدر عنك |
و سَلَّطَ السيف العقيم على ربى دارك؟؟ |
أجيبيني.. |
لقد أضوانيَ التغريبُ |
حتى صرت مثلَ الطائر المجروح |
إذا يرسو على فَنَنٍ |
تسربلتِ المروج بدمِّه المسفوح |
فتورق في البراري ألف سنبلةٍ |
من الآلام و الأحزانْ |
أنا عربي.. |
بأرضك راضعٌ عزمي |
بأرضك كبرياء الحق زلزل كل أركاني |
بأرضك قد عشقت البحر و الإنسانْ |
و فيها روح أجدادي |
أبي كنعانْ.. |
و منها شاربٌ مأساةَ أوطاني |
و منها مشعلٌ بالنصر نيراني |
و فيها غارسٌ قدمي |
لتبقى للعروبة حصنها الحامي |
و تبقى للشموخ منارة تفدى |
و تبقى الحبَّ و الإيمان |
... |
إليكِ.. فلا تلوميني |
أنا حجر ببابك لن يقُضّوني |
أنا وتر بعودك أعزف الألحان بين غصون زيتونك |
أنا طفل بأرضكِ |
أُخْبِئُ الأنسام و الأشواق في قلبي |
و أحمل في يدي حجري |
بربك لن ينالوني.. |
فَسُلّيني.. |
سيوفًا أخرق الأجساد كي أحمي أراضيكِ |
و صُبّيني.. |
رصاصًا وابلاً صلدًا |
دروعًا من لهيب الحق أصهر من يعاديكِ |
إذا شئتِ |
و إن شئت انثريني فوق زهر الشمس |
روحًا أُعْلِمُ الأكوانَ طُهْرَ العاشق الواني |
خذيني من حواضر أمسِيَ المعجونِ بالتزييف و الأهوالْ |
و ألقيني على أعتاب عينيكِ |
على حَبّات رملك ذلك الحاني |
فقد سَئِمَتْ جفوني رمشها المبلولْ |
و رحلة بحثها الدامي عن المجهولْ |
و شاخت في عيوني كلُّ ضاحكةٍ |
فما عادت تَذَكَّرُ غير آلامي |
كيانٌ عند ذاك الشَّطْ |
يَهُدُّ النّيلُ فيه مع الزمان أنا |
أعيدي لي رياحينَ الصِّبا |
و رحيقَ عينيكِ |
__________ |
يناير 2006 م |