في حضن الخوف تَدَثَّرُ |
بين قلاع الموت الحبلى بالويلات |
و أردية الصمت الساديِّ المبتور |
كم كنتُ أراقب غيهب أوجاعي |
يرتد بصيرًا صمتي حين أفيق لأغفو |
في قيعان تبلُّدِنا المجبول |
كم كنتَ رقيقًا و صَفِيَّا من نور |
يا عنقود الألم الخالص |
يا قمرًا لم تحمله سماوات الكون الواله |
أسكنتكَ نبضي |
فتمَهَّل |
أرضيتَ بأن تشتاق إليَّ أفاعي الموت؟ |
أم حين تذكرتَ مزامير الغارات تسد عيون الشمس |
و قلتَ أفضل عزف الشرق بما يحوي |
فالشرق الساحر لا يَتَهَدَّلُ في لحظات |
فَتَمَهَّل.... |
السبت الأسود يقتلني |
في اللحظة آلاف القتلات |
عمق الإنسان الضارب فِيَّ يموت |
و أنا أتصفح –بعد سقوط الحق بأضرحتي- |
أوراق التوت |
أترقب –بالأوجاع- نبوءتها الفيروزيةْ: |
إن "الغضب الساطع آت" |
يا بيروت.. |
يا وترًا في عود القهر تذبذب |
بين عواصف شكي و يقيني |
أنغامك كرباج يستعذب نكأ جراحي |
أحتاج الصمت ليحويني |
أحتاج الدفءَ |
فحين تربيني النكبات |
فتقتل فِيَّ براءة عمري |
حين تهدهدني راحات الحرمان |
فتسحق بالأوجاع نضارة زهري |
لأشبَّ كُهولَةَ روحٍ تحت رماح الصمت تموتْ |
يا بيروتْ |
كان الليل يعاودني حين أتيت أجرجر أشواقي |
في شباك الوجع الأسود |
كالطير المخدوع برحب فضاء |
و أهدهد جرحي لينامَ |
فلا يحصي طول الليل و يضنيني |
و أقول لعينيه المورقتين ذبولاً أبديًا: |
سأبوح لها بفؤادي |
حين يزقزق ضوء الفجر على خديها |
حين ترفرف أغصان الزيتون |
فتبرئ بالأشواك مرارتك العصماءِ |
و حين يطل الفجر |
سآوي للجبل اللابس سحر الشامِ |
لألبس بَرْدِيَّ أبي الهول |
وصيةَ جدي كنعان.. |
كان الليل بعمق الجرحِ |
و كنتِ هناك |
بعمق الجرح |
و كنتُ هناك.. |
بعمق الدهشة و الإنصاتْ |
تتسلل عبر ثغورِكِ فِيَّ |
براكينُ الأشواق فتمحوني |
يا فاتنةَ الكون العاشق لجنون الموتِ |
خذيني من عينيك الضاربتين لحمرة آذار |
و انسيني في شاطئ إنساني المسفوح |
أرتب أوراق العودة |
فالغضب اليائس يا بيروتْ |
يرفَضُّ كداء عيونك في أنحائي |
لا تذريني وحدي |
أصرخ و الزيتونةَ في قوقعة الصمت |
و الأرز الهائم |
في حضن الخوف ينادي: |
شبح "القناصة" فوق عيون الفجر يحاصر عمري |
نعيًا مشطورًا كالتاريخ.. |
أتساقط قارورة عشق أَبَدِيٍّ |
يَرْتَدُّ بَصيرًا صمتي: |
زَمِّلْني يا دهر الموتْ |
زملني يا دهر الموتْ |
________ |
25/1/2007م |