قَبَسٌ بَدَا مِنْ جَانِبِ الصَّحْرَاءِ
مدة
قراءة القصيدة :
8 دقائق
.
قَبَسٌ بَدَا مِنْ جَانِبِ الصَّحْرَاءِ | هَلْ عَادَ عَهْدُ الْوَحْيِ فِي سِيناءِ |
أَرْنُو إِلى الطُّورِ الأَشَمِّ فَأَجْتَلِي | إيماضَ بَرْقٍ وَاضِحَ الإِيمَاءِ |
حَيْثُ الْغَمَامَةُ وَالْكَلِيمُ مَرَوَّعٌ | أَرْسَتْ وَقُوراً أَيَّمَا إِرْسَاءِ |
دَكْنَاءُ مُثْقَلَةُ الْجَوَانِبِ رَهْبَةً | مَكْظُومَةُ النِّيرَانِ فِي الأَحْشَاءِ |
حَتَّى تَكَلَّمَ رَبُّهَا فَتَمَزَّقَتْ | بَيْنَ الصَّوَاعِبِ فِي سَنىً وَسَنَاءِ |
وَتَنَزَّلَتْ أَحْكَامُهُ فِي لَوْحِهَا | مَكْتُوبَةً آيَاتُهَا بِضِيَاءِ |
أَتْرَى الْعِنَايَةَ بَعْدَ لأْيٍ هَيَّأَتْ | للشَّرْقِ مَنْجَاةً مِنَ الْغَمَّاءِ |
فَأُتِيحَ فِي لَوْحِ الْوَصَايَا جَانِبٌ | خَالٍ لَمُؤْتَنَفِ مِنَ الإِيصَاءِ |
وَتَخَلَّفَتْ بَيْنَ الرِّمَالِ مَظِنَّةٌ | لِتَفَجُّرٍ فِي الصَّخْرَةِ الصَّمَّاءِ |
قَدْ آنَ لِلْعَاشِينَ فِي ظَلْمَائِهِمْ | حِقْباً خُرُوجُهُمُ مِنَ الظَّلْمَاءِ |
إِنَّي لِمَيْمُونُ النَّقِيبَةِ مُلْهَمٌ | إِبْرَاءُ زَمْنَاهُمْ وَرِيُّ ظِمَاءِ |
إِنْ لَمْ يَقُدْهُمْ قَائِدٌ ذُو مِرَّةٍ | وَالبَأْسُ قَدْ يُنْجِي مِنَ البْأْسَاءِ |
هَلْ مِنْ بَشِيرٍ أَوْ نَذِيرٍ قادِرٍ | مُتَبَيِّنٍ مِنْهُمْ مَكَانَ الدَّاءِ |
يَهْدِيهُمُ سُبُلَ الرُّقِيِّ مُلاَئِماً | لِزَمانِهِمْ وَطَرائِقَ الْعَلْيَاء |
أَلشَّاعِرِيَّةُ لاَ تَزَالُ كَعَهْدِها | بَعْدَ النُّبُوَّةِ مَهْبِطَ الإِيحَاءِ |
وَالصَّوْتُ إِنْ تَدْعُ الْحَقِيقَةُ صَوْتُهَا | وَالنُّورُ نُورُ خَيَالِهَا الْوَضَّاء |
يَا شَيْخَ سِينَاءَ الَّتي بُعِثَ الْهُدَى | مِنْ تِيهِهَا فِي آيَةٍ غَرَّاءِ |
سَنَرَى وَأَنْتَ مُعَرِّبٌ عَنْ حَقِّهَا | كَيْفَ الموَاتُ يَفُوزُ بِالأَحْيَاءِ |
هَذِي النِّيَابَةُ شَرَّفَتْكَ وَشَرَّفَتْ | بِكَ فِي الْبِلاَدِ مكَانَةَ الأُدَبَاءِ |
قَأَهْنَأْ بِمَنْصِبِهَا الرَّفِيعِ وَإِنْ تَكُنْ | أَعْبَاؤُهَا مِنْ أَفْدَحِ الأَعْبَاءِ |
حَسْبُ القَرِيضِ زِرَايَةً فَاثْأَرْ لَهُ | وَارْفَعْ بِنَاءَكَ فَوْقَ كُلِّ بِنَاءِ |
وَأَرِ الأُلى جَارُوا عَلَى أَرْبَابِهِ | آفَاتِ تِلْكَ الخُطَّةِ العَوْجَاءِ |
إِنَّ التَّوَاكُلَ وَالتَّخَاذُلَ وَالقِلَى | لأَقَلُّ مَا جَلَبَتْ مِنَ الأَرْزَاءِ |
وَتَنَزُّلِ الأَقْوَامِ عَنْ أَخْطَارِهَا | وَتَعَسُّفِ الحُكِّامِ وَالكُبَرَاءِ |
أَبْنَاءُ يَعْرُبَ فِي أَسىً مِنْ حِقْبَةٍ | شَقِيتَ بِهَا الآدابُ جِدَّ شَقَاءِ |
جَنَفَ البُغَاةُ بِهَا عَلَى أَهْلِ النُّهَى | وَاسْتُعْبِدَ العُلَمَاءُ لِلْجُهَلاَءِ |
وَتَخَيَّلَ السَّادَاتُ فِي أَقْوَامِهِمْ | شُعَرَاءَهَا ضَرْباً مِنَ الأُجرَاءِ |
وَهُمُ الَّذِينَ تَنَاشَدُوا أَقْوَالَهُمْ | لِلْفَخْرِ آوِنَةً وَلِلتَّأْسَاءِ |
وَبِفَضْلِهِمْ غُذِيَتْ غِرَاثُ عُقُولِهِمْ | مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ أَلَذَّ غِذَاءِ |
وَبِنفحَةٍ مِنْهُمْ غَدَتْ أَسْمَاؤُهُمْ | مِنْ خَالِدَاتِ الذِّكْرِ فِي الأَسْمَاءِ |
أصْلِحْ بِهِمْ رَأْيَ الأُولَى خَالُوهُمُ | آلاتِ تَهْنِئَةٍ لَهُمْ وَعَزَاءِ |
وَلْتَشْهَدِ الأَوْطَانُ مَا حَسَنَاتُهُمْ | فِي المَنَصِبِ الْعَالِي وَفِي الإِثْرَاءِ |
وَلْتَعْلَمِ الأَيَّامُ مَا هُوَ شأْنُهُمْ | فِي كُلِّ مَوْقِفِ عِزَّةٍ وَإِبَاءِ |
يَا بَاعِثَ المَجْدِ الْقَدِيمِ بِشِعْرِه | وَمُجَدِّدَ الْعَرَبِيَّةِ الْعَربَاء |
أَنْتَ الأَمِيرُ وَمَنْ يَكُنْهُ بِالْحِجَى | فَلَهُ بِهِ تِيهٌ عَلَى الأُمَرَاءِ |
أَلْيَوْمَ عِيدُكَ وَهْوَ عِيدٌ شَامِلٌ | لِلضَّادِ فِي مُتَبَايَنِ الأَرْجَاءِ |
فِي مِصْرَ يُنْشِدُ مِنْ بَنِيها مُنْشِدٌ | وَصَدَاهُ فِي الْبَحْرَيْنِ وَالزَّوْرَاءِ |
عِيدٌ بِهِ اتَّحَدَتْ قُلُوبُ شُعُوبِهَا | وَلَقَدْ تَكُونُ كَثِيرَةُ الأَهْواءِ |
كَمْ رِيمَ تَجْدِيدٌ لِغَابِرِ مَجْدِهَا | فَجَنَى عَلَيْهَ تَشَعُّبُ الآرَاءِ |
مَا أَبْهَجَ الشَّمْسَ الَّتِي لاَحَتْ لَهَا | بَعْدَ الْقُنُوطِ وَطَالَعَتْ بِرجَاءِ |
أَلشِّعْرُ أَدْنَى غَايَةً لَمْ يَسْتَطِعْ | إِدْنَاءَهَا عَزْمٌ وَحُسْنُ بَلاَءِ |
مَا السِّحْرُ إِلاَّ شِعْرُ أَحْمَدَ مَالِكاً | مِنْهَا الْقِيَادَ بِلُطْفِ الاسْتِهْوَاءِ |
قَدْ هَيَّأَتْ آيَاتُهُ لِوُفُودِهَا | فِي مِصْرَ عَنْ أُمَمٍ أَحَبَّ لِقَاءِ |
لاَ يُوقِظَ الأَقْوَامَ إِلاَّ مُنْشِدٌ | غَردٌ يُنَبِّهُ نَائِمَ الأَصْدَاءِ |
كَلاًّ وَلَيْسَ لَهَا فَخَارٌ خَالِصٌ | كَفَخَارِهَا بِنَوَابِغِ الشُّعَرَاءِ |
يا مِصْرُ بَاهِي كُلَّ مِصْرٍ بِالأولَى | أَنْجَبْتِ مِنْ أَبْنَائِكِ الْعُظَمَاءِ |
حَفَلُوا لأَحْمَدَ حَفْلَةً مَيْمُونَةً | لَمْ تَأْتِ في نَبَإٍ مِنَ الأَنْبَاءِ |
مَا أَحْمَدٌ إلاَّ لِوَاءُ بِلاَدِهِ | فِي الشَّرْقِ يَخْفُقُ فَوْقَ كُلِّ لِوَاءِ |
عَلَمٌ بِهِ الوَادِي أَنَافَ عَلَى ذُرىً | شُمِّ الْجِبَالِ بِذُرْوَةٍ شَمَّاءِ |
بَسَمَتْ ذُؤَابَتُهُ وَمَا زَانَ الرُّبَى | فِي هَامَهَا كَالحِلْيَةِ الْبَيْضَاءِ |
هَلْ فِي لِدَاتٍ أَبِي عَلِيٍّ نِدُّهُ | إِنْ يَصْدُرَا عَنْ هِمَّةٍ وَمَضَاءِ |
أَوْ شَاعِرٍ كَأَبِي حُسَيْنٍ آخِذٍ | مِنْ كُلِّ حَالٍ مَأْخَذَ الْحُكَمَاءِ |
فَهِمَ الحَيَاةَ عَلَى حَقِيقَةِ أَمْرِهَا | فأَحَبَّهَا مَوْفُورَةَ النَّعْمَاءِ |
يَجْنِي دَوَانِيهَا وَلاَ يَثْنِيهِ مَا | دُونَ القَواصِي مِنْ شَدِيدِ عَنَاءِ |
يقْضِي مُنَاهُ أَنَاقَةً فِي عيْشِهِ | وَيَفِيَ بِحَقِّ المَجْدِ أَيَّ وَفَاءِ |
عَظُمَتْ مَوَاهِبُهُ وَأَحْرَزَ مَا اشْتَهَى | مِنْ فِطْنَةٍ خَلاَّبَةٍ وَذَكَاءِ |
إِنْ تَلْقَهُ تَلْقَ النُّبُوغَ مُمَثَّلاً | فِي صُورَةِ لَمَّاحَةِ اللَّأْلاَءِ |
طُبِعَتْ مِنَ الحُسْنِ العَتِيقِ بِطَابَعٍ | وَضَّاحِ آيَاتٍ بَدِيعِ رُوَاءِ |
زَانَ الخَيَالُ جَمَالَهَا بِسِمَاتِهِ | وَأَعَارَهَا قَسَمَاتِهِ لِبَقَاءِ |
واليَوْمَ إِذْ وَلَّى الصَّبَا لَمْ يَبْقَ مِنْ | أَثَرٍ عَلَيْهَا عَالِقٍ بَفَنَاءِ |
لاَ شَيءَ أَرْوَعُ إِذْ تَكُونُ جَلِيسَهُ | مِنْ ذلِكَ الرَّجُلِ القَرِيبِ النَّائِي |
أَبَداً يُقَلَّبُ نَاظِرَيْهِ وَفِيهِمَا | تَقْلِيبُ أَمْوَاجٍ مِنَ الأَضْوَاءِ |
يرَنْو إِلى العَلْيا بِسَامي طَرْفِهِ | وَيُلاَحِظُ الدُّنْيَا بِلاَ إِزْرَاءِ |
يُغْضِي سَمَاحاً عنْ كَثِيرٍ جَفْنُهُ | وَضَمِيرُهُ أَدْنَى إِلى الإِغْضَاءِ |
فَإِذَا تُحَدِّثُهُ فَإِنَّ لَصَوْتَهَ | لَحْناً رَخِيمَ الْوَقْعِ في الْحَوْبَاءِ |
فِي نُطْقِهِ الدُّرُّ النَفِيسُ وَإِنَّمَا | تَصْطَادُهُ الأَسْمَاعُ بِالإِصْغَاءِ |
لَكِنَّ ذَاكَ الصَّوْتَ مِنْ خَفْضٍ بِهِ | يَسْمُو الْحِفَاظُ بِهِ إِلى الْجَوْزَاءِ |
أَعْظِمْ بِشَوْقِي ذَائِداً عَنْ قَوْمِهِ | وَبِلاَدِهِ فِي الأَزْمَةِ النَّكْرَاءِ |
لَتَكَادُ تَسْمَعُ مِنْ صَريرِ يَرَاعِهِ | زأْراً كَزَأْرِ الأُسْدِ فِي الْهَيْجَاءِ |
وَتَرَى كَأّزْنِدَةٍ يَطِيرُ شَرَارُهَا | مُتَدَارِكاً فِي الأَحْرُفِ السَّوْدَاءِ |
وَتُحِسُّ نَزْفَ حُشَاشَةٍ مَكْلُومَةٍ | بِمَقَاطِرِ الْياقُوتَةِ الحُمْرَاءِ |
فِي كُلِّ فَنٍ مِنْ فُنُونِ قَرِيضِهِ | مَا زَالَ فَوْقَ مَطَامِعِ النُّظَرَاءِ |
أَمَّا جَزَالَتُهُ فَغَايَةُ مَا انْتَهَتْ | شَرَفاً إِليْهِ جَزَالَةُ الفُصَحَاءِ |
وَتَكَادُ رِقَّتُهُ تَسِيلُ بِلَفْظِهِ | فِي المُهْجَةِ الظَّمْأَى مَسِيلَ المَاءِ |
لَوْلاَ الْجَديدُ مِنَ الْحَلَى فِي نَظْمِهِ | لَمْ تَعْزُهُ إِلاَّ إِلى الْقُدَمَاءِ |
نَاهِيكَ بِالْوَشْيِ الأَنِيقِ وَقَدْ زَهَا | مَا شَاءَ فِي الدِّيبَاجَةِ الْحَسْنَاءِ |
يَسْرِي نَسِمُ اللُّطْفِ فِي زِينَاتِهَا | مَسْرَى الصِّبَا فِي الرَّوْضَةِ الْغَنَّاءِ |
هَتَكَتْ قَريحَتُهُ السُّجُوفَ وَأَقْبَلَتْ | تَسْبِي خَبَايَا النَّفْسِ كلَّ سِبَاءِ |
فَإِذَا النَّوَاظِرُ بَيْنَ مُبْتَكرَاتِهِ | تُغْزَى بِكُلِّ حَيِية عَذْرَاءِ |
فِي شدْوِهِ وَنُوَاحِهِ رَجْعٌ لِمَا | طَوِيَتْ عَلَيْهِ سَرَائِرُ الأَحْيَاءِ |
هَلْ فِي السَّمَاعِ لِبَث آلامِ الْجَوَى | كَنُوَاحِهِ وَكَشَدْوِهِ بِغِنَاءِ |
يشْجِي قَدِيمُ كَلاَمِهِ كَجَدِيدهِ | وَأَرَى الْقَدِيمَ يَزِيدُ فِي الإِشْجَاءِ |
فَمِنَ الْكَلاَمِ مُعَتَّقٌ إِنْ ذُقْتَهُ | ألْفَيْتَهُ كَمُعَتَّقِ الصَّهْبَاءِ |
مَلأَتْ شَوَارِدُهُ الْحَوَاضِرَ حِكْمَةً | وَغَزَتْ نُجُوعَ الْجَهْلِ فِي البَيْدَاءِ |
وَتُرَى الدَّرَارِي فِي بُحُورِ عَرُوضَهِ | وَكَأّنَّهُنَّ دَنَتْ بِهِنَّ مَرَائِي |
كَمْ فِي مَوَاقِفِهِ وَفِي نَزَعَاتِهِ | مِنْ مُرْقِصَاتِ الْفَنِّ وَالإِنْشَاءِ |
كَمْ فِي سَوَانِحِهِ وَفِي خَطَرَاتِهِ | مِنْ مُعْجِزَاتِ الْخَلْقِ وَالإِبْدَاءِ |
رَسَمَ النُّبُوغُ لَهُ بِمُخْتَلِفَاتِهَا | صُوَراً جَلاَئِلَ فِي عُيُون الرَّائِي |
أَلمَمْتُ مِنْ شَوْقِي بِنَحُوٍ وَاحِدٍ | وَجَلاَلُهُ مُتَعَدِّدُ الأَنْحَاءِ |
مَلأَتْ مَحَاسِنُهَا قُلُوبَ وَلاَتِهِ | وَتَثَبَّتَتْ فِي أَنْفْسِ الأَعْدَاءِ |
لِلهِ شَوْقِي سَاجِياً أَوْ ثَائِراً | كَاللَّيْثِ وَالْبُرْكَانِ وَالدَّأْمَاءِ |
لِلهِ شَوْقِي فِي طَرَائِقِ أَخْذِهِ | بِطَرَائِفِ الأَحْوَالِ وَالأَشْيَاءِ |
فِي لَهْوِهِ وَسُرُورِهِ فِي زُهْوِهِ | وَغُرُورِهِ فِي الْبَثِّ وَالإِشْكَاءِ |
فِي حُبِّهِ للِنِّيلِ وَهْوَ عِبَادَةٌ | للِرَازِقِ الْعُوَّادِ بِالآلاَءِ |
فِي بِرِّهِ بِبِلاَدِهِ وَهِيَامِهِ | بِجَمَالِ تَلْكَ الْجَنَّةِ الْفَيْحَاءِ |
فِي وَصْفَهِ النْعَمَ التِي خصت بِهَا | مِن حُسْنِ مُرْتَبُعٍ وَطِيبِ هَوَاءِ |
فِي ذِكْرِهِ مُتَبَاهِياً آثَارَهَا | وَمَآثِرَ الأَجْدَادِ وَالآباءِ |
فِي فَخْرِهِ بِنُهُوضِهَا حَيْثُ الرَّدَى | يَهْوِي بِهَامِ شَبَابِهَا النُّبَهَاءِ |
فِي شُكْرِهِ لِلْمَانِعِينَ حِياَضَهَا | وَحُمَاةِ بَيْضَتِهَا مِنَ الشُّهَدَاءِ |
فِي حَثَّهِ أَعْوَانَ وَحْدَتِهَا عَلَى | وُدٍّ يُؤَلِّفُ شَمْلَهُمْ وَإِخَاءِ |
مَتَثَبِّتِينَ مِنَ الْبِنَاءِ برُكْنِهِ | لِتَمَاسُكِ الأَعْضَادِ وَالأَجْزَاءِ |
فِي نُصْحِهِ بِالعِلْمِ وَهْوَ لأَهْلِهِ | حِرْزٌ مِنَ الإِيهَانِ وَالإِيهَاءِ |
فِي وَصْفِهِ الآيَاتِ مِمَّا أبْدَعَتْ | أُممٌ يَقِظْنَ وَنَحْنُ فِي إِغْفَاءِ |
وَصْفٌ تَفَنَّنَ فِيهِ يُغْرِي قَوْمَهُ | بِالأَخْذِ عَنْهَا أشْرَفَ الإِغْراءِ |
لَمْ يُبْقِ مِنْ عَجَبٍ عُجَابٍ خَافِياً | فِي بَطْنِ أَرْضٍ أَوْ بِظَهْرِ سَمَاءِ |
هَذَا إِلى مَا لاَ يُحِيطُ بِوَصْفِهِ | فِكْرِي وَدُونَ أَقَلَّهِ إِطْرَائِي |
بَلَغتْ خِلاَلُ الْعَبْقَرِيَّةِ تِمَّهَا | فِيهِ وَجَازَتْ شَأْوَ كُلِّ ثَنَاءِ |
فَإذَا عَيِيتُ وَلَمْ أَقُمْ بِحُقُوقِهَا | فَلَقَدْ يَقُومُ الْعُذْرُ بالإِبْلاءِ |
مَاذَا عَلَى مُتَنَكِّبٍ عَنْ غَايَةٍ | وَالشَّوْطُ لِلأَنْدادِ والأَكْفَاءِ |
أًعَلِمْتَ مَا مِنّي هَوَاهُ وَإِنَّهُ | لَنَسِيجُ عُمْرٍ صَدَاقَةٍ وَفِدَاءِ |
أَيْ حَافِظَ الْعَهْدِ الَّذِي أَدْعُو وَمَا | أَخْشَى لَدَيْهِ أَنْ يَخِيبَ دُعَائِي |
أَدْرِكْ أَخاكَ وَأَوْلِهِ نَصْراً بِمَا | يَنْبُو بِهِ إِلاَّكَ فِي الْبُلَغَاءِ |
جل المَقَامُ وقَدْ كَبَتْ بِي هِمَّتي | فَأَقِلْ جَزَاكَ اللهُ خَيْرَ جَزَاءِ |
يَأْبَى عَلَيْكَ النُّبْلُ إِلاَّ أَنْ تُرَى | فِي أَوَّلِ الْوَافِينَ لِلزُّمَلاَءِ |
وَالشَّرْقُ عَالِي الرَّأْسِ مَوْفُوُرُ الرِّضَى | بِرِعَايَةِ النُّبَغَاءِ لِلنُّبَغَاءِ |
يَا مَنْ صَفَا لِي وُدُّهُ وَصَفَا لَهُ | وُدِّي عَلَى السَّرَّاءِ والضَّرَّاءِ |
فَأَعَزَّنِي يَوْمَ الْحِفَاظِ وَلاَؤُه | وَأَعَزَّهُ يَوْمَ الْحِفَاظِ وَلاَئِي |
وَعَرَفْتُ فِي نَادِي الْبَيَانِ مَكَانَهُ | وَمَكَانُهُ الأَسْنَى بِغَيْرِ مِرَاءِ |
يَهْنِيكَ هَذَا الْعِيدُ دُمْ مُسْتَقْبِلاً | أَمْثَالَهُ فِي صِحَّةِ وَصَفَاءِ |