كان هذا الذي يتغطى |
بالرماد (يغني |
للرماد وأسرارِه |
يتموج، يعلو...) |
والذي نَتَمرأى |
في جراحاته، ويُمَرْئي |
في عذاباتنا وجهَهُ، |
والذي عاش في نَسَمٍ من حنينٍ، |
والذي قيل في مَدْحِ - التبغُ والبرتقالُ، الجراحُ |
وأشجارُها، |
الرفضُ والجامحونَ، الذي لبستهُ النجومُ |
لتدفأ، والريحُ كي لا تكون عقيماً، |
والذي حضنتْهُ بساتينُه |
وقراهُ، وفلاحُهُ، والطفولةُ، والعاشقاتُ |
وعشاقهنَّ، |
الذي جاء من عَتَماتِ الدروب، وجاءت إليه |
الدروبُ، |
الذي يُقرئ البحرَ ما كتبتهُ الحقولُ. |
الذي قيلَ: إيقاعُهُ |
نبضُ شطآنِهِ، |
قيل: أحراشُهُ مِنْجَمٌ لأساطيرِهِ، |
والذي قيل: مِحراثُهُ |
كي يفتّقَ صدرَ التراب، ويوكِل للشمس |
إكسيرَهُ، |
والذي كان يكمنُ للموتِ في وردةٍ، |
حين لا يتيسّر أن يُجلس الموتَ في حضنِهِ، |
والذي لم يقل مرةً: يائسٌ |
والذي عاش في البرد والحرّ دهراً |
ليقلّمَ زيتونة |
أو ليجْنيَ تفاحةً |
كان هذا الذي جاء من عَتَمات الدروب، وجاءت إليه |
الدروبْ |
كان هذا الجنوبْ |
سيداً، جامحاً مثل موجٍ |
صامتاً مثلَ صخرٍ، |
لم يَفُهْ مرةً باسمِه، |
أَلشمال اسمُهُ |
بعلبكٌ وبيروتُ والأرزُ والفقراءُ اسمُهُ، |
... |
كادَ أن يَمَّحي |
خاشعاً في رداء التواضُعِ، كي لا يُقالَ: الجَنوبْ |
لم يَسِرْ في بيانٍ ولم يتوكأ على تورِيَهْ |
كل ما قالهُ هذه الأغنيهْ: |
"شجرُ البرتقالْ |
مُثقَلٌ بالقبابِلِ والرّاصدينَ، |
فكيف سيهربُ هذا الدخيلُ ومن أيْنَ؟ |
لا منفذٌ في السهول، |
ولا عاصمٌ في الجبالْ". |
... |
كان هذا الذي ينحني خاشعاً |
للذين يموتون كي يفتحوا الدروبْ، |
كان هذا الذي كاد أن يمّحي |
في رداء التواضع كي لا يقالَ: الجنوبْ، |
كان هذا الجنوبْ. |
________ |
16 شباط، 1985 |