أرشيف الشعر العربي

كنَّا وَقَدْ أَزِفَ المَسَاءْ

كنَّا وَقَدْ أَزِفَ المَسَاءْ

مدة قراءة القصيدة : دقيقتان .
كنَّا وَقَدْ أَزِفَ المَسَاءْ نَمْشِي الهُوَيْنَا فِي الْخَلاَءْ
ثَمِلَيْنِ مِنْ خَمْرِ الْهَوِى طَرِبَيْنِ مِنْ نَغَمِ االْهَوَاءْ
مَتَشَاكِيَيْنِ هُمُومَنَا وَكَثِيرُهَا مَحْضُ اشْتِكَاءْ
حَتَّى إِذَا عُدْنَا عَلَى صَوْتِ المُؤَذِّنِ بِالْعَشَاءْ
سِرْنَا بِجَانِبِ مَنْزِلٍ مُتَطَامِنٍ وَاهِي الْبِنَاءْ
فَاسْتَوْقَفَتْنِي وَانْبَرَتْ وَثْباً كَمَا تَثِبُ الظِّبَاءْ
حَتَّى تَوَارَتْ فِيهِ عَنِّ ي فَانْتَظَرْتُ عَلَى اسْتِيَاءْ
وَارْتَبْتُ فِي الأَمْرِ الَّذِي ذَهَبَتْ إِلَيْه فِي الْخَفَاءْ
فَتَبِعْتُهَا مُتَضَائِلاً أَمْشِي وَيَثْنِينِي الْحَيَاءْ
فَرَأَيْتُ أُمّاً بَادِياً فِي وَجْهِها أَثَرُ الْبُكَاءْ
وَرَأَيْتُ وُلْداً سَبْعَةً صُبُراً عَجَافاً أشْقِيَاءْ
سُودَ المَلاَبِسِ كَالدُّجَى حُمْرَ المَحَاجِرِ كَالدِّمَاءْ
وَكَأّنَّ لَيْلَى بَيْنَهُمْ مَلَكٌ تَكَفَّل بِالعَزَاءْ
وَهَبَتْ فَأَجْزَلَتِ الْهِبا تِ وَمِنْ أَيَادِيهَا الرَّجَاءْ
فَخَجِلْتُ مِمَّا رَابَنِي مِنْهَا وَعْدْتُ إلى الْوَرَاءْ
وَبَسَمْتُ إِذْ رَجَعَتْ فَقُلْ تُ كَذَا التِّلَطُّفُ فِي الْعَطَاءْ
فَتَنَصَّلتْ كَذِباً وَلَمْ يَسْبِقْ لَهَا قَوْلُ افْتِرَاءْ
وَلَرُبَّمَا كَذَبَ الْجَوَا دُ فَكَانَ أَصْدَقَ فِي السَّخَاءْ
فَأَجَبْتُهَا أَنِّي رَأَيْ تُ وَلاَ تُكَذِّبُ عَيْنٌ رَاءْ
لاَ تَنْكِرِي فَضْلاً بَدَا كَالصُّبْحِ نمَّ بِهِ الضِّيَاءْ
يُخْفِي الْكَرِيمُ مَكَانَهُ فَتَرَاهُ أطْيَارُ السَّمَاءْ
ثُمَّ انْثَنَيْنَا رَاجِعَيْ نِ وَمِلْءُ قَلْبَيْنَا صَفَاءْ
مُفَكِّهَيْنِ مِنَ الأَحَا دِيثِ الْعِذَابِ بِمَا نَشَاءْ
فَإِذَا عُصَيْفِيرٌ هَوَى مِنْ شُرْفَة بِيَدِ الْقَضَاءْ
عَارٍ صَغيرٌ وَاجِفٌ لَمْ يَبْقَ مِنْهُ سِوَى الذَّمَاءْ
ظَمْآنُ يَطْلُبُ رِيَّهُ جَوْعَانُ يَلْتَمِسُ الْغِذَاءْ
وَلَشَدَّ مَا سُرَّتْ بِهَ ذَا الضَيْفِ لَيْلَى حِينَ جاءْ
فَرِحَتْ بِطِيبِ لِقَائِهِ فَرَحَ المُفَارِقِ بِاللِّقَاءْ
وَاسْتَنْفَدَتْ لِبَقَائِهِ حِيَلَ الْحَرِيصِ عَلَى الْبَقَاءْ
تَحْنُو عَلَيْهِ كَأُمِّهِ وَتَضُمُّهُ ضَمَّ الإِخَاءْ
فَحَمِدْتُ مِنْهَا بِرَّهَا بِالْبَائِسِينَ الأَشْقِيَاءْ
قَالَت وَهَلْ لَهْوٌ بِعُصْ فُور جَدِيرٌ بِالثَّنَاءْ
فَأَجَبْتُهُا هِيَ آيَةٌ للهِ فِيكِ بِلاَ مِرَاءْ
يُخْفِي الكَرِيمُ مَكَانَهُ فَتَرَاهُ أَطْيَارُ السَّمَاءْ

اخترنا لك قصائد أخرى للشاعر (خليل مطران) .

إنْ كَانَ فِي لُبْنَانَ نَالَكَ عَارِضٌ

نَسَبٌ عَلَى قدَرِ المَفَاخِرْ

آلُ دَاوودَ أَتَتْهُمْ مِنْحَةٌ

أَمَجْدُكَ الضَّخْمُ البَعِيدُ المَدَى

أَتُرَى جَازِعاً وَأَنْتَ صَبُورُ


روائع الشيخ عبدالكريم خضير