هذه دارُهم وتلك رُباها
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
هذه دارُهم وتلك رُباها | ما على العين أن تفيض دماها |
وقليل على الجباه إذا ما | حظيت باللقاء لَمُّ ثَراها |
وأكفُّ الهَنا أدارتْ إلينا | أكؤُسَ الأُنس من دِنان صَباها |
طال عهدي بها إلى أن عرتْني | هِزّةُ الاندهاش يوم لِقاها |
يا ديارَ الأحباب كم لك فينا | أعينٌ لا تصيب منكِ كَراها |
وقلوبٌ تقلبت في ضرام البُع | د لا تعجبوا إذا ما شَواها |
قد جذبْتِ القلوبَ حُباً فأهوت | حيث أوقعتِها بنار لظاها |
قد خلعنا ثوب الأسى اليوم عنَّا | وكستنا نعمى الديار رِداها |
سادَتي إنني كتبت بدمعي | صُحُف الودّ والصفا مُقتضاها |
لِمَ لَم تسمحوا بردّ جوابٍ | ونَداكم كلَّ الأراضي ملاها |
لو نشرتم مني الحَشا لعلمتم | فيه كم من مودّة قد طواها |
هذه مقلتي تسيل فبالله سلو | ها هل في سواكم بكاها |
فزتم في حياتكم برَخاها | وغفلتم عن مهجتي وشَقاها |
ثم هذي حشاشتي فتّشوها | تجدوا أنكم أصولُ بَلاها |
من به رحمة لمهجة صبٍّ | طرحت بين يأسها ورَجاها |
آه من لوعة الفراق وتعل | يل المعنىّ بقول آه وواها |
يا شموساً لها بقلبي طلوع | مَلأ الخافقين ضوءُ سناها |
إنَّ أشخاصكم بقلبي شهود | شغلته فكيف أبغي سواها |
أقسم الكون بالذي جمع الحس | ن بكم أنَّ فضلكم لا يُباهى |
حبكم فاض في الورى كأَيادي | فيصل لم يزل يفيض حياها |
درة التاج غرة الوجه نجم الأف | ق بدر العلا وشمس ضحاها |
فارس الخيل ضيغم الليل نار الح | رب سَعّارها وقطب رحاها |
ملك يُنعِش القلوب لقاه | ما تجلّت غمّاءُ إلا جَلاَها |
ملك يغمر الأكف نضاراً | ويفكّ الرقاب ممَّا ابتلاها |
عالم ما يقي من الداء كم من | حكمة حاكها النهى وحكاها |
ما أتته نفس بعلة فقر | لعلاج إلا أراها دَواها |
إن أغب عنه أو أجئ لحماه | فأياديه لا تزال اتجاها |
قال لي قائل رأيتك آذنْتَ | مسيراً عن سادة لا تضاهى |
كيف تبغى توجهاً عن حماهم | وبهم قد لبست عِزّاً وجَاها |
أنت في عزةٍ بهم تترقى | كل يوم من العلا في ذُراها |
كنت في خدمةٍ لهم وصلاحٍ | تتلقّى إحسانها وقِرَاها |
قلت ما سرت عنهم باختيار | ليس كل النفوس تُعطى مُناها |
إنَّ لي صبيةً كأفراخ طيرٍ | طال فيَّ انتظارُها ورَجاها |
سوف أرويهم بفضل ابن تركي | وعطايا أشباله أمواها |
سادة قادة البرايا ملوك | طاب في المجد أرضها وسماها |
أعطشتني الأيام فاستدركوني | بأيادٍ ينهلّ سَحّاً نَداها |
يا حليفَ الحاجات بالله يمِّمْ | مسقط الغيث فالغنى في حماها |
لا يزالون في كمال ولا زالت | مجاريهم يطول مَداها |
حيث مرسى الأمان مرعى الأماني | مبلغ الآملين أقصى مُناها |
حيث مهوى السجود ملجأ البرايا | حيث سلطانها المقيم علاها |
نَحن تِهْنَا على الملوك افتخاراً | بابن تركي وإنَّ من تاه باهى |
قد روى الدهر عنه أخبارَ صدق | في المعالي لله ما قد رواها |
سمح الدهر بابن تركي فشكراً | لك يا دهر من جميل تناهى |
إنَّ دهراً به ابن تركي لَدَهْرٌ | بلغت مكرُماتهُ منتهاهَا |