في قِمَّةِ الإحباطِ والإخفاقْ |
في نَشوةِ النصرِ الذي |
يَسعَى على قَدمٍ وساقْ |
كيفَ اختفَى بلَدٌ بِحجمِكَ يا عِراقْ ؟ ! |
بِقيادتِهْ.. |
وسِيادتِهْ .. |
وبِجيشِهِ ، |
وسلاحِهِ ، |
وعَتادِهِ ، |
ورُموزِهِ ! |
كيفَ اختَفَى تاريخُهُ العِملاقْ ؟ |
كيفَ اختفى الرَّجُلُ الذي |
قد كانَ يَصرُخُ دائمًا ؟ |
أينَ اختفى هذا الرجُلْ .. |
وعِصابتُهْ؟ |
كيفَ اختفى الأفَّاقْ ؟ |
*** |
يا شعبَ بغدادَ العظيمْ |
لِمَ لَمْ تُقاوِمْ .. |
حتى تَرَكْتَ "النَّاصِريَّة"َ ، |
"أُمَّ قَصرٍ" ، |
و"النَّجَفْ" ؟ |
كانوا مِثالاً للبطولةِ ، |
والتَّصدي ، |
والشَّرفْ |
ضَربوا لنا مَثَلاً عظيمًا رائعًا |
في كلِّ من ضحَّى شَهيدًا أو وَقَفْ |
قولوا متى كانَ العِراقيُّ .. |
يَخافُ ويَرتَجِفْ ؟! |
لِمَ لَمْ تَثوروا ضِدَّ طاغِيَةٍ حَكَمْ ؟ |
أو كيفَ كُنتُمْ طائعينَ ، وخانِعينَ ، |
وصاغِرينَ ، وخائفينَ مِنَ الصَّنَمْ ؟ |
*** |
يا شعبَ بغدادِ الحضارةِ |
لي عِتابْ |
أنا لا أُصدِّقُ أنَّ بغدادَ العريقَةَ |
أصبحَتْ كالغابْ |
ما هذهِ أبدًا ثَقافتُها |
ما هذهِ أبدًا حضارتُها |
استَسلَمَتْ للفاتِحِ الكذَّابْ |
بغدادُ |
يا جُرحًا سيبقَى غائرًا |
هذا احتلالٌ ما لَهُ أسبابْ |
قد كانَ أروعَ لو صمدْتِ كمثلَما |
صمدَ الجنوبُ أمامَ كلِّ عذابْ |
إن كنتِ قد قرَّرتِ أن تستسلِمي |
قولي لنا |
كي نفتحَ الأبوابْ |
*** |
بغدادُ طاغٍ قد مَضَى |
هل تَعلمينْ |
أنَّ الطُّغاةَ وقد أتَوا أفواجْ |
هُم قادمونَ وأنتِ أعلَمُ بالذي |
هُم قادمونَ لأجلِهِ |
لا تُخدَعي |
فالماءُ مِلْحٌ كالأُجاجْ |
بغدادُ |
"حَجَّاجٌ" مَضَى |
لنْ تَسلَمي |
إنَّ الغُزاةَ جَميعَهُمْ .. |
"حَجَّاجْ" |
فلَكَمْ حَلُمْنا أن تَكوني المَقبرةْ |
فهلِ الأُمورُ مُدَبَّرةْ ؟ |
أنا لا أُصدِّقُ كيفَ صِرتِ بلحظَةٍ |
مُستَعمَرةْ |
بغدادُ أينَ رِجالُكِ ، |
وسِلاحُكِ ؟ |
مَن ذا الذي قد قادَ تِلكَ المسْخَرَةْ |
أينَ اختفى الصَّحَّافْ ؟ |
أينَ الأشاوِسُ والنَّشامَى |
وأبو "الكَوارِثِ" عَنترةْ ؟ |
*** |
بغدادُ ما ذَنبُ الذينَ استَبْسَلوا .. |
في النَّاصِريَّةِ .. |
أُمِّ قَصْرٍ ، |
والنَّجَفْ ؟ |
شَرفُ الرُّجولةِ لا يُعادلُهُ شرَفْ |
مَن ذا الذي يومًا سيأخُذُ |
ثأرَ مِن قُتِلوا .. |
في كلِّ بيتٍ قد نُسِفْ ؟ |
مِن ذا الذي يومًا سيأخُذُ |
ثأرَ من أُسِروا ، |
وسِيقُوا في القُيودِ مُنكَّسينْ |
لِتدوسَهم قدَمُ الغُزاةِ |
معَ الأسَفْ ؟ |
*** |
بغدادُ كيفَ ستسقُطينَ |
أمامَ زُمْرَةِ جائعينْ؟ |
أينَ المُقاومَةُ العنيدَةُ في وُجوهِ الطامعينْ ؟ |
ليسَ الدِّفاعُ عنِ النِّظامِ |
وحِفنَةٍ من زائلينْ |
فهُنا الدفاعُ عنِ الوطنْ |
وعنِ الشُّموخِ ، |
عنِ الكرامةْ |
عنْ كلِّ نَخلاتِ العراقِ |
وكلِّ زهرةِ ياسَمينْ |
*** |
لو تَمَّ غزوُكِ |
بعدَ طولِ مُقاوَمةْ |
كي يَعرفَ الغازي عِنادَكِ |
عندما ستُقرِّرينْ |
أما سقوطُكِ هكذا |
فإهانةٌ |
بل كانَ أكثرَ من مُهينْ |
حتى وإن كانَ الذي قد كانْ |
أحدَ الطغاةِ |
ويَستحِقُّ القتلَ |
كُنتِ قَتَلْتِهِ |
لِمَ لَمْ تَثوري ، |
مِنْ قيودِكِ مرَّةً |
تتحرَّرينْ ؟ |
ما كُنتُ أرجو أن يُحرِّرَكِ الغُزاةُ |
لأنَّهُ شيءٌ مُشينْ |
كانَ الأحقُّ |
بِشَعبِ "بابِلَ" أن يَثورَ ، |
وأن يَثورَ |
ولا يَلينْ |