عسى باخِلٌ بلقاءٍ يجودُ
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
عسى باخِلٌ بلقاءٍ يجودُ | عَسى ما مَضى مِنْ تَدانٍ يَعُودُ |
عَسى مَوْقِفٌ أنْشُدُ القَلْبَ فِيهِ | فيوجَدَ ذاكَ الفُؤادُ الفقيدُ |
عناءً سهِرْتُ إلى هاجِدٍ | وأيْنَ مِنَ السّاهِرِينَ الهُجُودُ |
إذا طالَ عَهْدُكَ بِالنّازِحينَ | تَغَيَّرَ وُدٌّ وَحالَتْ عُهُودُ |
أأحمِلُ يا هجْرُ جُورَ البعادِ | وجُورَكَ إنِّي إذاً للجليدُ |
أيا كَمَدِي ألليلِي انقِضاءٌ | أيا كبدِي ألنارِي خُمُودُ |
مَرِضْتُ فهلْ منْ شفاءٍ يُصابُ | وهَيْهاتَ والداءُ طرْفٌ وجِيدُ |
ويا حبَّذا مرضِي لو يَكُو | نُ مُمرِضيَ اليومَ فيمنْ يعُودُ |
أيا غُرْمَ ما أتلفَتْ مُقلَتاهُ | وقدْ يحمِلُ الثَّأْرَ منْ لا يُقِيدُ |
ومَنّى الوصالَ فأهدى الصدودَ | وما وعدُ ذي الخُلْفِ إلا وَعِيدُ |
خليليَّ إنْ خانَ خلٌّ ألا | حليفٌ على هجرِهِ أو عقيدُ |
وَهَلْ إنْ وَفى لِي بِعَهْدِ الوِصالِ | أيَنْقُصُ هذا الجَوى أمْ يَزِيدُ |
ويا قلبُ إنْ أخلَقَ الوجدُ منكَ | فأنّى ليَ اليومَ قلبٌ جديدُ |
إلى مَ تحُومُ حِيامَ العطاشِ | إذا مَوْرِدٌ عَنَّ عَزَّ الوُرُودُ |
تَمَنّى زَرُودَ وَلَمْ تَحْتَرِقْ | بنارِ الصبابة ِ لولا زَرُودُ |
وتُمِسِي تَهِيمُ بِماءِ الغَوَيْرِ | وقَدْ ذَادَ عَنْ وِرْدِهِ مَنْ يَذُودُ |
إذا الرِّيُّ جَاوَزَ أيْدِي الكِرامِ | فلا ساغَ لِي منهُ عذْبٌ بَرُودُ |
فأنْقَعُ منْ وردِهِ ذا الصَّدى | وأنْفعُ مِنْ بَرْدهِ ذا الوُقُودُ |
وما ذا تُرِيدُ من الباخِلينَ | إذا لمْ تجدْ عندَهُمْ ما تُريدُ |
أتأْمُلُ إسْعادَ قَوْمٍ إذا | كُفِيتَ أذاهُمْ فأنْتَ السَّعِيدُ |
عمِرْتُ أرُوضُ خطُوبَ الزَّما | نِ لوْ أنَّ جامِحَها يستَقيدُ |
وَما كانَ أجَدَرَنِي بالعَلا | ءِ لوْ قدْ تنَبَّهَ حظٌّ رَقُودُ |
وَمَنْ لِي بِيَوْمٍ أبيِّ المُقامِ | تُقامُ علَى الدهْرِ فيهِ الحُدودُ |
سَلا الخَلْقُ جَمْعاً عَن المِكْرُماتِ | وأمّا العَمِيدُ فَصَبٌّ عَمِيدُ |
غَذاهُ هواها وَليداً فلَيْـ | ـسَ يسلُوهُ حتّى يشِيبُ الوَليدُ |
يُغْنِّيهِ وَجْدٌ بِها غَالِبٌ | ويُصْبيهِ شَوْقٌ إلَيْها شَدِيدُ |
على أنَّهُ لمْ تَخُنْهُ النَّوى | ولمْ يدْرِ في حُبِّها ما الصُّدُودُ |
فتى ً لمْ يَفُتْهُ الثَّناءُ الجَميلُ | ولَمْ يَعْدُ فِيهِ المَحَلُّ المَجِيدُ |
ولمْ يَنْبُ عنْهُ رجاءٌ شريفٌ | ولمْ يخْلُ منْهُ مَقامٌ حميدُ |
سَما للعُلى ودَنا للندى | وذو الفضْلِ يقرَبُ وهوَا لبعيدُ |
مِنَ القَوْمِ سادُوا وَجادُوا وَقَلَّ | لهُمْ أنْ يسُودُو الوَرى أو يجُودُوا |
بَنِي أسَدٍ إنَّما أنْتُمُ | بُدُورُ علاءٍ نمَتْها أُسُودُ |
أليسَ لكُمْ ما بَنى الكامِلُ الـ | ـأمين عُلُوّاً وشادَ السديدُ |
سماءُ عُلى ً قمراها لكُمْ | ومنكُمْ كواكِبُها والسُّعُودُ |
لَنا مِنْ ذُرى العِزِّ طَوْدٌ أشَمُّ | وَمِنْ رَغَدِ العَيْشُ رَوْضٌ مَجُودُ |
فَما المَحْلُ ـ كالفَقْرِ ـ إلاّ قَتِيلٌ | وما الخوفُ كالجورِ إلا طريدُ |
كأنّا سقانا بنُعماهُ أوْ | حمانا بظِلِّ عُلاهُ العميدُ |
فَتًى لَمْ تَزَلْ عاقِراً فِي ذَرا | هُ أمُّ الحَوادِثِ وَهْيَ الوَلُودُ |
يُظَفَّرُ فِي ظِلِّهِ الخائِبُونَ | وتنهَضُ بالعاثِرينَ الجُدُودُ |
إذا نحنُ عُذْنا ولُذْنا بهِ | فَمَنْ ذَا نَشِيمُ وَمَنْ ذَا نَرُودُ |
كَسا الفَخْرَ والدَّهْرَ والعالَمِيـ | ـنَ فَخْراً بهِ أبَداً لا يَبِيدُ |
فَلا يَدْعُهُ زَيْنَ كُتّابِهِ | حَسُودٌ يُصادِيهِ خابَ الحَسُودُ |
فما خصَّهُمْ ما يَعُمَّ الأنامَ | ولا جهِلُوا ما أرادَ المُريدُ |
وإنْ غَرسُوا غرسَهُ في الكِرامِ | فَما كُلُّ عُودٍ وإنْ طاب عُودُ |
منَ الكظِمِي الغيظِ والمُحْسِنينَ | إذا برَّحَتْ بالصدورِ الحُقُودُ |
فمُتَّ بحزْمٍ إلى جُودِهِ | يَنَلْكَ مَعَ العَفْوِ بِرٌّ وَجُودُ |
إذا كُنْتَ سيِّدَ قومٍ ولمْ | تَسَعْهُمْ بِحُلْمٍ فأنْتَ المَسُودُ |
يُفِيدُ فَيَحْزُنُهُ جُودُهُ | إذا كانَ دُونَ العُلى ما يُفِيدُ |
وَيُبْدِي فَيَعْظُمُ معْرُوفُهُ | ولكنْ يصغِّرُهُ ما يُعيدُ |
كأوْبَة ِ أحْبابِهِ عِنْدَهُ | حُلُولُ وُفُودٍ يَلِيهِمْ وُفُودُ |
وكَکلْبَيْنِ أنْ تَسْتَقِلَّ الرِّكابُ | بِهمْ أوْ تُشَدُّ لِعافٍ فُتُودُ |
يَجِلُّ عُلى ً أن يُرى راكِباً | طريقاً عنِ القصْدِ فيها يَحيدُ |
ويَشْرُفُ عنْ فعْلِ ما لا يَشُقُّ | وَيَكْرُمُ عَنْ حَمْلِ ما لا يَؤُودُ |
غنِيٌّ بآرائِهِ البيضِ أنْ | تُظاهِرَهُ عُدَّة ٌ أوْ عَدِيدُ |
وَقَفْتُ القَوافِي عَلى حَمْدهِ | وَما رَجَزِي عِنْدَهُ والقَصِيدُ |
يُقَصِّرُ عَنْ قَدْرِهِ جَهْدُها | وفِي عفْوِها عنْ أُناسٍ مَزِيدُ |
أنالَ فَكُلُّ جَوادٍ بَخِيلٌ | وقَالَ فَكُلُّ بَلِيغٍ بَلِيدُ |
كأنَّكَ منْ سيبِهِ تستميحَ | متى جئتَ منْ علمهِ تستفيدُ |
كِلا الزَّاخِرَيْنِ كَفيلاكَ أنْ | تَفَيضَ سُيُولٌ وتَطْمُو مُدُودُ |
لَهُ فِقَرٌ لَوْ تَجَسَّدْنَ لَمْ | يُفضَّلْنَ إلا بهِنَّ العُقُودُ |
فيُظْلمْنَ إنْ قيلَ نَوْرٌ نضيرٌ | وَيُبْخَسْنَ إنْ قِيلَ دُرٌّ نَضِيدُ |
وَإنِّي وَإنْ كُنْتُ لَمْ تَعْدُنِي | نفائسُ بيضٌ منَ الغُرِّ غِيدُ |
ليَحْسُنُ بِي في هواكَ الغُلُوُّ | ويَقْبُحُ بِي عنْ نداكَ القُعُودُ |
مَضى الأكرَمُونَ فأمْسَى يُشِيدُ | بِذِكْرِ مَناقِبِهِمْ مَنْ يُشِيدُ |
كأنْ لمْ يَبينُوا بما خَلَّدُوا | وليسَ المحامِدَ إلا الخُلُودُ |
مناقِبُ تشْرُدُ ما لَمْ يكُنْ | لهَا منْ نظامِ القوافِي قيُودُ |
وَما زالَ يُحْفَظُ مِنْها المُضاعُ | لَدَيْكَ وَيُجْمَعُ مِنْها البَدِيدُ |
فداءُ عطائكَ ذاكَ الجزيلِ | يا حَمْزَ شُكْرِي هذا الزهيدُ |
وُجِدْتَ فكنتَ حياً لا يُغِبُّ | سَقى الكونَ ريّاً وجيدَ الوُجُودُ |
بَلَغْتَ مِنَ الفَضْلِ أقْصَى مَداهُ | فَما يَسْتَزِيدُ لَكَ المُسْتَزِيدُ |
وطالَ أبُو الفَتْحِ أنْ لا يَكُونَ | طريفُ العُلى لكُما والتَّليدُ |
فلولاهُ أعْوَزَ أهْلَ الزمانِ | شبيهُكَ في عصْرِهِمْ والنديدُ |
لقدْ صدقَتْ في نداهُ الظُّنونُ | فلا كَذَبَتْ في عُلاهُ الوُعودُ |