جرى في البرية حكم القدرْ
مدة
قراءة القصيدة :
6 دقائق
.
جرى في البرية حكم القدرْ" | "فهذي التجارب أين العِبرْ |
كفى بالحوادث في كلّ يوم" | "دليلاً على نقلك المنتظر |
إذا ما اعتبرتَ الأمور استقمتَ" | "فالاستقامة في المعتبر |
رأيتُ الفناءَ لنا منهلاً" | "وكلٌّ إلى شربه محتضر |
عشقنا البقاء ومما مضى" | "من العمر أكثر مما غبر |
ولو لم تحبّب إلينا الحياة" | "لمتنا أسىً قبل أن نحتضر |
وبين الليالي وآجالنا" | "مجال تُغير عليه الغِيَر |
ومن جعل العمر خيلاً لهُ" | "وسَابقَ دُهمَ الليالي عثر |
أرى لذة العيش في طيّب" | "يُعجّل أو صالح يُدّخَر |
وإلاَّ فما ساغها جاهل" | "ولا عاقل لم تُشبْ بالكدر |
وما لذة العيش عند امرئٍ" | "توقّع مصرعه في الحُفَرْ |
وما لذة العيش عند امرئٍ" | "ترامى اختياراً ببحر الخطر |
فما أعظم الخطب عبد ذليل" | "يقاد إلى غائب قد بهر |
وليسَ على الله في ملكه" | "اعتراض من العبد فيما قدر |
على العبد أن يُسلّم الأم" | "ر للآله ويفعل ما يؤتمر |
ألم تر ربك أبدى لنا" | "معَالم نجدين خيراً وشر |
وأنشأ لنا فيهما قوة" | "وعرّفنا ما نهى أو أمر |
فما سطَّر الله في اللوح ما" | "أراد يكون على ما سطر |
فإنْ يُرِد الله أمراً بعبد" | "يُيَسّرٍ له سبباً حيث مر |
فما الفضل والعدل إلا جزا" | "ء حكمة بعد أن يختبر |
فلا تأسفنَّ على ما مضى" | "فمن ذا يردّ القضا والقدر |
ولا تعتب الحق فيما اقترفتَ" | "فمنك الرياح ومنك المطر |
أيا عالم العقل إني أرى" | "ظهورك في الكون أمراً أمر |
ولو لم يكن لك شأن عظيم" | "لما خُلِقَت جنة أو سقر |
فلا تجعل النجم تاجاً فعن" | "قليل يهالُ عليك المدر |
إذا أنتَ لم تدر أين المصير" | "فما عيشك النزر إلاَّ كدر |
أأحبابنا مضت الأكرمون" | "وغودر منهم طريف الخبر |
فحتام لم نتزود تقى" | "ونعلم إنا لنقفو الأثر |
أنطمع بعدهم في البقا" | "وأرواحنا زادهم في السفر |
وكانوا فريداً بجيد الزمان" | "برته الحوادث حتى انتثر |
إذا لاح بارق تذكارهم" | "تحدّر من سحب عيني المطر |
بحور النوال نمور النزال" | "صدور الرجال بدور السمر |
سماة الثغور حماة الثغور" | "غلاة القدور علاة القدر |
أجابوا المنايا كأمثالهم" | "وأبقوا رماداً على المستعر |
فأين الشآم وأين العراق" | "ومن فيهما من ملوك غرر |
وأين قريش ذوو الألسن" | "الفصيحة والمجد والمفتخر |
وأينَ الأولى نصروا المصطفى" | "وحازوا المعالي ونالوا الظفر |
وما ملك الأمويون والعبا" | "بسة الشم بحراً وبر |
وأين الأكاسرة العجم والقيا" | "صرة الشهم أضحوا عبر |
وأين الذين أشادوا البلاد" | "وقادوا الجياد وسَادوا البشر |
وأين الذين أضافوا الصيِّام" | "وعافوا المنام ووافوا السَّهر |
وأين الذين أناشوا السماح" | "وراشوا الجناح ببذل البدر |
وأين الذين أقاموا الجهاد" | "وراموا الرشاد وسَاموا الضرر |
تقضوا وأسلمهم سايق" | "المنايا إلى ظلمات الحفر |
فأضحوا لمن بعدهم في الب" | "لاد أحاديث تتلى كمثل السور |
كفى بتقضيهم سَلوة" | "بما نالنا من صروف القدر |
أرى الموت عدلاً ولكنه" | "تُبكي المكارم ليس الصُّور |
فلا تبكِ غيرك لكن عليك" | "فأنت أحق به في النظر |
تمر الليالي وشارفت ما" | "وعدت وقلبك مثل الحجر |
محل الدموع إذا ما اعتبرتَ" | "هو في البصيرة لا في البصر |
أأخواننا هذه الحادثات" | "مخالبها في الورى تنتشر |
وهذي الحبائل منصوبة" | "لكم لتقيدكم بالغرر |
فلا تخدعنكم بأشراكها" | "فيصبح طائركم مقتهر |
وهاتيكم زهرات الدُّنَى" | "لغرتكم زخرفت بالحِبَر |
الا فاحذروها فما هذه" | "المناجل إلا لقطف الثمر |
الا واعبروا ببلاغ التقى" | "فتلك سبيل إلى من عبر |
الا فانظروها بعين احتق" | "ار فكل سنا آفل محتقر |
رِدوا ما صفا من حياض الحياة" | "فلا بد في وارد من صدر |
فلا تتعبوا النفس في جمع مال" | "وذاك لغيركم مدخر |
كفى بغنى النفس مالاً" | "وبالكفاف كفاء لنيل الوطر |
وخافوا الهكم تأمنوا" | "وقوف القيامة والمحتشر |
وصبراً لهذي الليالي القصار" | "فطوبى لمن كان فيها صبر |
وكل له أمد ينتهي" | "ويجري وشيكاً إلى مستقر |
وهذا هو الشعر سحر الحلال" | "ويا حسبه لكم مزدجر |
صدعتُ بوعظي صخر القلوب" | "منكم وليَّنتُ صُمّ الحجر |
جلوت الصَّدى من مرائي النهى" | "وقلبي ممتلئ بالكدر |
فهل أنا متعظ مثلكم" | "أم الصَّلد لم يبق فيه المطر |
أعوذ بربي من أن أكون" | "وعظاً ومالي به معتبر |
إلهي عبد ضعيف أتاك" | "يخطر بين الخَطَا والخطر |
أتى وهو يعثر في ذنبه" | "ورجواكَ تنهضه إن عثر |
لقد لعبت بحشاه الهموم" | "وساعدهن اغتراب السَّفر |
مآرب في النفس لم يقضها" | "سوى فضلك البحر يا خير بر |
لقد عودتني أياديك طول" | "مَنّ وحاشاك أن يقتصر |
أغثني بفياض جود بن الأم" | "اني غرقى لها قد غمر |
وأسدل على زلتي من عظيم" | "عفوك ما لذنوبي ستر |
فإِن تمام الذي رمته" | "نهاية سؤلي وأقصى الوطر |