ليس للتين أو الزيتون نغضبْ |
نحن للإسلام لا للأرض ننسبْ |
ليس للموز أو الليمون أو قمح الموانئْ |
نحن لسنا من عبيد الطقس ديدان الشواطئْ |
ما عشقنا في فلسطين ِصباها |
أو َصباها، أو رباها |
ما عشقناها عروساً في بهاها تتطيّبْ |
كفّها في ليلة الحنّاء تخضبْ |
ما عشقناها مناخاً، وفصولاً |
وجبالا وهضاباً وسهولا |
بل عشقناها دويّاً وصليلا |
وغبارا في سبيل الله يُسفى، وصهيلا |
وسطورا بل فصولا في كتاب المجد تكتبْ |
عبر أجنادين، أو حطين، أو غزة طولا |
وسرايا أمّة الكفر على صدر صليب الكفر تصلبْ |
(2) |
وعشقنا في فلسطين من الأهوال جيلا |
جعل التكبير والأحجار أقوى خطبة للعصر تخطبْ |
جيل أبطالٍ من الأطفال في الضفة يُنْجَبْ |
هكذا تبقى فلسطين ضميرا ، وكيانا في دمانا يتلهَّبْ |
هي في عمق هوانا درة من درر الإسلام تسلبْ |
ولهذا ليس للتين أو الزيتون نغضبْ |
(3) |
ألف كلا. ثم كلا |
ما عشقناها كيانا مستقلا |
جلّه يحكم بالتلمود مضمونا وشكلا |
وبقايا ما تبقى يرفع الراية تسليما وذلا |
(4) |
ألف كلا |
ما عشقناها شعارا أو قرارا |
بل عشقناها شبابا لذرى المجد تبارى |
ما عشقناها لفيفا من لصوصٍ |
تسرق الحب نهارا |
تخطف الخبزة من أيدي يتامانا اتِّجارا |
وتخلّيها خمورا ليهود ونصارى |
أيعيد الوطن المحتل يا قوم سكارى من سكارى |
(5) |
ألف كلا |
لا تقولوا قد تطرَّفت وجاوزت الإطارا |
هذه الأشعار ليست كلمات |
إنها أدخنة من فؤاد شبَّ نارا |
(6) |
أخبروني |
أين أوراق القضيهْ؟ |
أهي في تلك المباني والكراسي الذهبيهْ؟ |
أهي في مجلس محو الأمن في محو الهويهْ؟ |
أهي في أنياب ذئب أطلسي؟ |
أم ثوت في رأس حيَّهْ؟ |
ألف كلا |
إن بيت الداء في أنفسنا |
وهنا تكمن أسرار القضيَّة |
(7) |
ألف كلا . ثم كلا |
صرخة المسلم من نجد إلى تطوان غربا |
فبخارى. وسفوح الصين شرقا . فالمكلا |
ألف كلا |
ما أردناها كنيسا بل مصلى |
(8) |
ألف كلا ، ثم كلا |
كل حلٍّ ليس في القرآن والسنة لا نرضاه حلاّ |
(9) |
مزِّقونا وانثروا اللحم على كل طريقْ |
لا تبالوا ، حرقونا وارقصوا حول الحريقْ |
وزِّعونا في الصحاري ، أطعمونا للحوت |
كل هذا في نظام الغاب جائز |
غير أنا لن نبيع القدس أو أي مدينة |
هل يبيع المؤمن الصادق للأعداء دينه |
(10) |
ارحمونا من تفاهات حلول في المزاد |
ودروس من مساق الذلّ ُتقرأ وُتعاد |
ما رضينا، فقبول الظلم ظلم، والرضى بالعار عارْ |
قد نذرنا دمنا زيتا لقنديل الجهاد |
حلّنا يأتي عزيزا فوق صهوات الجيادْ |
ليس في الأكفان محمولا إلى "أرض المعاد" |
(11) |
جرِّدونا من رداء المجد من نبض الفضيلةْ |
أسعروا الحرب علينا بقوانين القبيلة |
لم نكن يوما على دين (غُزِيَّةْ) |
بل على أقدامنا تنهار دعوى الجاهليةْ |
عهدنا باق إلى آخر مسجدْ |
لن نبيع القدس يوما ما بقي فينا موحِّدْ |
(12) |
ثم ماذا قيل عن هذي القضيةْ |
قال حكام ، وقوّادٌ كبار وجنودْ |
أرضكم أرض ككلِّ الأرض في هذا الوجود |
لا تزيدوا وجع الرأس علينا واتركوها لليهود |
هي لا تُنبت درا أو زبرجد |
ليست الأحجار فيها من عقيق لا ولا التربة عسجد |
قلت: ياقوم أقلوا إنها مسرى محمد |
إنها معراجه المفضي لأطباق السماء |
وبها صلى بكل الأنبياءْ |
هل رأيتم في رؤى الماضي، أو الدنيا الجديدة |
هل علمتم ، أو سمعتم، أو قرأتم في كتاب أو جريدةْ |
أنَّ عبدا مؤمنا يطرح للبيع (عقيدة) |
(13) |
هذه القدسُ مزيجٌ من صمود ومرارهْ |
لم تكن يوما لبيع أو إعارةْ |
هي للأمة (ميزان الحرارةْ) |
ناطق التاريخ في أحيائها يطلب ثارهْ |
كل شبر من ثراها فيه للتلمود غارة |
هذه القدس نسيج من سناء وطهارةْ |
ها هو الفاروق في أفيائها يرفو إزاره |
وصلاح الدين يمحو أثر الكفر الصليبيِّ وعارهْ |
ثم في غفوة قومي |
قبض الراية أطفال الحجارةْ |
(14) |
ثم ما ذا ؟ ولماذا؟ |
تسعة الأصفار تبقى أمة تلهو وتلعبْ |
أدمىً نحن؟ رجال من عجين نتقولب |
أم ظهورٌ ومطايا "كل من يرغب يركب"؟ |
سخر التاريخ منَّا |
دمنا يرخص كالماء ولا كالماء يشرب |
إن تكن تعجب من كثرتنا فالجبن أعجب |
قد يُخِيفُ الذئب من أنيابه مليار أرنب |
(15) |
ذات يوم سألوني : أنت من أي البلادِ؟ |
لاجئٌ أنت طريدٌ |
فيك شيءٌ غير عادي |
خِلْتُه كان سؤالا شقَّ كالسهم فؤادي |
إن أرضي كل أرض تعشق التكبير في صوت المنادي |
(16) |
قد تجاوزنا عصور البلقنةْ |
وتخطَّيْنا خطوط اللبننةْ |
لا تحاكمني إلى الأفغان أو للأفغنة |
وطنُ الإسلام أرضي |
وانتمائي للجموع المؤمنة |
وبلادي حدها شرقا وغربا أو شمالا وجنوبا مئذنة |
(17) |
سألوني ذات يوم عن بقايا ذكرياتي |
عن حياتي كيف كانت |
كيف مرت أمسياتي |
فتصفَّحْت كتابا معجميّاً هائل الحجم، كثير الصفحاتِ |
كل حرف فيه يحكي قصصا |
لجروح ونزوح وشتاتِ |
ذلك المعجم يحوي أدبا غير الذي تعرفه |
سمِّه أنت إذا شئت حياتي |
(18) |
آه ! واقدساه من ظلم قريبي |
وهو يكويني ، ومن كيد البعيدْ |
لا تلوميني على غمي وحزني |
لا تلوميني على بؤسي ووهني |
لا تظني غيْبتي من سوء ظنِّي |
أو قعودي عن لظى الحرب لجُبْني، أو لسِنِّي |
لا تلوميني فإني |
زرعوا قيدين في رجليَّ: قيد من حديدْ |
مدمنُ العضِّ ، وقيد من حدودْ |
(19) |
كلما جئت مطارا أو قطارا للعبورْ |
قدَّم القوم اعتذارا: أنت ممنوع المرور!! |
هذه أوراق إثباتي بأني عربي |
مولدي، أمي، أبي، عمي، أخي، جد أبي |
سحنتي، لوني، لساني، نسبي |
عشت في هذي البراري منذ عاش الدينصورْ |
وأكلْتُ الحنظل المرَّ ومنقوع القشورْ |
قذفوا الأوراق في وجهي ولفّوا طلبي |
وجهارا أقسموا لي : أن سرّ المنع أني عربي |
هذه التهمة مهما بلغت نصف الحقيقة |
نصفها الآخر يكمن في تلك "الوثيقة" |
كتب الكاتب فيها أنني من أهل "غزَّة" |
قرروا أن يشطبوها، كرهوها |
إنها تشبه في الأحرف "عِزَّة" |
(20) |
حرموني من صغاري ، من عيوني ، ويديَّا |
حرَّموا الحُبَّ عليَّ |
جرَّبوا كل سياط القهر فيَّ |
صادروا الحرف الذي أقوى على النطق به |
قلعوا الأضراس من فكِّي، وقصُّوا شفتيَّ |
حطَّموا كل عظامي |
وبعنْف مارَسوا الإرهاب في ذاك الحطامِ |
وتلا القاضي على الناس اتِّهامي: |
إنني شخص أصوليٌّ أجيد العربية |
ولدى نفسي بقايا من حميَّة |
أنني "مُعْدٍ" لكوني فيَّ "فيروس" القضيَّةْ |
(21) |
ثم ماذا ؟ |
ذات يوم أبصروا في شعر وجهي بعض آيات الصلاحْ |
هذه الشعرات عنوان الرجولةْ |
فتنادى علماء النفس والخبرة من كل البطاحْ |
درسوني وطنيا |
درسوني عربيا |
درسوني عالميا |
فإذا التقرير قد أوصى بنتف الشعر بحثا عن سلاح |
(22) |
ثم ماذا ؟ |
ذات يوم هدموا جدران بيتي |
ورموني في العراء |
تحت نهش البرد والظلمة في فصل الشتاء |
ليس شيء بين جلدي وصقيع الأرض أو نَدْف السماء |
رجفت أعضاء جسمي واستقر الموت في لحمي وعظمي |
فتنادوا لاكتشافي |
رصدوا كل خفايا حركاتي باهتمام |
فحصوا نبضات قلبي ودمائي بانتظامْ |
درسوني وطنيا |
درسوني عربيا |
درسوني عالميا |
وأداروا آلة التنقيب عن أسرار همي |
فأتى التقرير مختوما بتوقيعي وختمي: |
هو شخص دمويٌّ حركيٌّ |
قلبه يخطر في أعماقه "قلب النِّظام" |
(23) |
ثم ماذا ؟ |
ذات يوم وقف العالم يدعو لحقوق الكائناتِ |
كل إنسان هنا ، أو حيوان، أو نباتِ |
كل مخلوق له كل الحقوق |
هكذا النصّ صريحا جاء في كل اللغاتِ |
قلت للعالم : شكرا أعطني بعض حقوقي |
حق أرضي، وقراري، وحياتي |
فتداعى علماء الأرض والأحياء من كل الجهات |
درسوني عالميا |
فأتى التقرير لا مانع من إعطائه حق المماتِ |
(24) |
قال قوم لا تنادوا للفداء |
يغضب الساسة من هذا النداء |
يخجل الساسة من هذا النداء |
لغة الحرب تولَّت في الأساطير القديمة |
لهجات الحرب بادت كالسلالات الكريمة |
نحن في عصر سلام عربيٍّ |
قد نزعناه بوعي من تلافيف الهزيمة |
وعلى ذلك فالحرب أو التفكير في الحرب جريمة |
(25) |
كلما جُدِّد للذل احتفال، ودُعينا لنقيمه |
رقصتْ أضراسنا شوقا إلى تلك الوليمة |
هل نشأنا كسيوف العصر لا تعرف للعزّة قيمة |
(26) |
في بلادي آلة الحرب معاقة |
كل صاروخ ورشاش بها شدوا وَثاقه |
نحن لا نعشق ضرب الغاصب المحتل |
بل نهوى عناقهْ |
(27) |
آلة الحرب التي نملكها جاءت هدية |
قيل لا تعمل إلا عند حرب عالمية |
كتبوا تاريخ الاستعمال فيها بحروف أجنبية |
لا علينا |
نحن أهل اللغة الفصحى فلا نقرأ إلا العربية |
(28) |
كلما احتُلَّ من الأمَّة ثغر |
كلما مُزِّق قطر |
كلما أوغلت النكبة قلنا : ما علينا |
أخبروني |
أين ألقي غضبةً لله في العالم أينا؟ |
(29) |
كيف أمسيتِ بلادي ؟ |
كيف أصبحتِ بلادي؟ |
كيف أمسى البدر في جوّك مغلول الأيادي |
لا تلومي صارخا يصرخ في كل النوادي |
كيف يخفي نازف الدمع عيونه |
لا يلام الواله المكروب إن أبدى أنينه |
(30) |
قصة القدس التي تُروى حزينة |
قصة القدس دماء وجراح |
وكرامات طعينهْ |
ليست القدس شعارا عربيا كي نخونه |
لا ولا القدس يتامى ، وطحينا ومعونه |
إنها القدس وحسبي أنها أخت المدينةْ |
(31) |
بسط البغي لها كفّا من الغدر لعينه |
كفُّ جزار رهيب جعل الإرهاب دينه |
قبل أن يبسط للسِّلم يديه وقرونه |
مد للأغوار رجليه وللنفط عيونه |
(32) |
واقرؤا القرآن يا قومي لما لا تقرؤونه ؟ |
كم نبيٍّ وتقيٍّ دون حق يقتلونهْ |
كم عهود خفروها واتفاق يهدرونهْ |
لو هدمتم لهم الأقصى ودمّرتم حصونهْ |
وبنيتم لهم الهيكل أو ما يطلبونهْ |
ثم أهديتم فلسطين لهم دون مؤونةْ |
طالبوكم عبر أمريكا وأوروبا بإبداء المرونة |
هذه القصة.. لا سلم ولا ما يحزنونهْ |
(33) |
قصة القدس انتقام، صفقات ، ومجازرْ |
قصة القدس خيانات جيوشٍ |
وعروشٍ وكبائرْ |
واسكبوا الشمع على الفور بفيها |
يمنع التصريح و التلميح فيها |
ما خسرنا نحن قوم لا نبالي بالخسائرْ |
لم يزل في خطنا الأول للزحف إليها |
ألف رقَّاص وفاجر |
(34) |
قصة القدس طويلة |
مسرحيات، وأفلام، وأقلام قتيلة |
وكتاب من نزوح كتب الظلم فصوله |
وذروني أجمل القصة في هذا المقامْ |
قام قصاص ووعاظ وتجَّار كلامْ |
بشرونا بسلام، ونظام عالميّ لا يضام |
هكذا يزعم أقطاب النظام |
(35) |
يا لقومي |
منحة السلم عصا ، طبخة السلم حصى |
هل سنطهو من حصى السلم الطعام؟ |
يا بني قومي اسمعوها |
صرخة مني تدوي في الأنام |
عن قريب |
عن قريب تلد الأجواء إعصار السلام |
وعلينا وعليكم .. وعلى الدنيا السلام |