مَنْ كانَ مِثْلَ أبِي عَليٍّ فَلْيَنَلْ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
مَنْ كانَ مِثْلَ أبِي عَليٍّ فَلْيَنَلْ | أفُقَ السَّماءِ بِهمَّة ٍ لَمْ تُخْفَضِ |
أغْنى وقدْ أبْدى الندى وأعادَهُ | عَنْ أنْ أقُولَ لَهُ أطَلْتَ فأعْرِضِ |
ما كانَ فِيما نِلْتُ مِنْهُ بِواعِدٍ | فأقُولَ إنَّ الوَعْدَ غَيْرُ مُمَرِّضِ |
سبقَتْ مواهبُهُ الوُعُودَ ورُبَّما | جادَ السَّحابُ وبَرْقُهُ لَمْ يُومِضِ |
وقَفَ الحُسَيْنُ علَى السَّماحِ غَرامَهُ | ليسَ المُحِبُّ عنِ الحَبيبِ بمُعْرِضِ |
كَشّافُ كُلِّ عَظِيمَة ٍ إنْ تَدْعُهُ | لا تَدْعُهُ للخَطْبِ ما لمْ يُرْمِضِ |
وإذَا أرَدْتَ إلى الحُسَيْنِ صَنِيعَة ً | فَکعْرِضْ لِفَضْلِ نَوالِهِ وتَعرَّضِ |
إنَّ السُّؤالَ لواقِعٌ منْهُ بمَنْـ | ـزِلة ِ النَّوالِ منَ المُقِلِّ المُنْفِضِ |
وَلَهُ إذا وعَدَ الجَمِيلَ مكارِمٌ | لا يَقْتَضِيهِ بِغَيرِهنَّ المُقْتَضِي |
مَحْضُ العَلاءِ صَرِيحُهُ فِي أُسْرَة ٍ | جُمحيَّة ِ النَّسَبِ الصَّريحِ الأمْحَضِ |
ضَرَبَ الحِمامُ عَلَيْهِمُ فَتَقَوَّضْوا | وبِناءُ ذَاكَ المَجْدِ لَمْ يَتَقَوَّضِ |
قومٌ لهُمْ شرَفُ الحَطِيمِ ومُبْتَنى الـ | ـعِزِّ المُشَيَّدِ في البِطاحِ الأعْرَضِ |
يُحْيي الثَّنا مَوْتى الكِرامِ ورُبَّما | ماتَ اللَّئِيمُ ورُوحُهُ لمْ تُقْبَضِ |
ما ذا تَقُولُ لِمَنْ أتاكَ مُصَرِّحاً | نِعَمٌ تعرَّضُها لِكُلِّ مُعَرِّضِ |
قدْ كانَ خَيَّمَ صَرْفُ كُلِّ مُلِمَّة ٍ | عندِي فقالَ لُه سَماحُكَ قوِّضِ |
ولحَظْتَنِي فعرَفْتَ موضِعَ خلَّتِي | نظَرَ الطَّبيبِ إلى العَليلِ المُمْرَضِ |
ونَظَرْتَ مِنْ تَحْتِ الخُمُولِ تَطَلُّعِي | كَالماءِ بُرْقِعَ وَجْهُهُ بِالعَرْمَضِ |
لمّا رأَيْتَ الدَّهْرَ يَقْصُرُ هِمَّتِي | عنْ غاية ِ الأمَلِ البَعِيدِ المَرْكَضِ |
أنْهَضُتَنِي والسَّهْمُ لَيْسَ بِصائِبٍ | غَرَضاً إذا الرَّامِي بهِ لَمْ يُنْبِضِ |
والعَضْبُ ليْسَ ببَيِّنٍ تأْثِيرهُ | والأثرُ حتّى ينتَضِيهِ المُنتَضِي |
وعَلَيْكَ حَقٌّ رَفْعُ ما أسَّسْتَهُ | فِي مَذْهَبِ الكَرَمِ الَّذِي لَمْ يُرْفَضِ |
لا يَمْنَعَنَّكَ مِنْ يَدٍ والَيْتَها | أنِّي بشكْرِ صنيعِها لمْ أنهضِ |
إنَّ الغمامَ إذا ترادَفَ وابلُهُ | أبْقى أنيقَ الروضِ غير مروَّضِ |
وَلَئِنْ بَقِيتُ لَتَسْمعَنَّ غَرائِباً | يَقْضِي الزَّمانَ وفَضْلُها لمْ يَنْقَضِ |
يظْمَا إليْها المُنْعِمُونَ فمنْ يرِدْ | يَرِدِ الثَّناءَ العَذْبَ غْيَر مُبَرَّضِ |
هذا ولست ببالغ بعضَ الذي | أوليت مالُبِسَ الظلامُ وما نُضي |
أقْرَضْتَنِي حُسْنَ الصَّنِيعِ تَبَرُّعاً | والقَرْضِ أفْضَلُ مِنْ جَزاءِ المُقْرِضِ |
فَاعْذُرْ إذا ما الدَّهْرُ أخْمَدَ فِكْرَتِي | أيُّ لكِرَامِ بِدَهْرِهِ لَمْ يَغْرَضِ |
جاءَتْكَ تُنْذِرُ بِالتَّوالِي بَعْدَها | كالفجْرِ في صدْرِ الصباحِ الأبْيَضِ |
أبِنِي أبي العيشِ الأكارِمَ إنَّنِي | لولاكمُ لرَضِيتُ ما لمْ أرْتَضِ |
ما زِلْتُ أعْتَرِضُ المَوارِدَ قامِحاً | حتّى وَصَلْتُ إلى البُحُوره الفُيَّضِ |