لقد سافرت في الأرض هذي الجوائب
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
لقد سافرت في الأرض هذي الجوائب | وجابت بلادا لم تجبها الركائب |
وحيت جميع الناس بالبشر واحتفت | بهم فتلقاها حسود وعائب |
وشانوا لبعد الغور منها نظامها | وليس لبعد ما تشان الكواكب |
وقد كشفت عن كل معنى نقابه | فلم تلف من عن معدن الحسن ناقب |
ولو ابصر الرآى مبادئ قصدها | لبانت له فيما يروى العواقب |
يريدون منها الهزل والجدد أبها | واصعب شيء ان تحول النقائب |
ولم يرضهم منها رزانة طبعها | على خفة في جرمها ومناقب |
فما منهم الا لهم اليوم ناصب | عداوة ذي حقد ولاح مشاغب |
عجبت لنور اطفأته مشارق | على أنه قد ازهرته المغارب |
ايعرض عنها العرب وهي تؤمهم | وفيها فريق العجم اجمع راغب |
وقد كنت ارجو ان في الشرق نورها | لمن شاقه علم العوالم ثاقب |
وان يعجب النقاد منها رغائب | نفائس في كل الفنون غرائب |
واني متى افرغ لها الجهد تمتلئ | لدى عياب حقبة وحقائب |
فآلت مناي اليوم آلا لطامع | وعز على الظمآن منها مشارب |
وصارت حروفي فوق سؤلي براقعا | ومن بعضها في جلب لومي عقارب |
فما كان لي في السعي الا متارب | وكم راتب تسعى اليه المراتب |
ورب امرء انضى الركاب لمطلب | فآل الى شر الحفا وهو خائب |
كذا هي ايامي كما قال قائل | عجائب حتى ليس فيها عجائب |
لقد شئت امرا فيه برزت شائيا | فعيب لدى شائي المعيب يؤارب |
وليس عجيبا ان تعاب مشيئة | ولكن عجيب ان تشاء المعايب |
رضيت باني اسهر الليل كله | ومالي انيس فيه الا الغياهب |
على ان يقول الناس اذ تسفر الضحى | لنعم بشير الخير فينا الجوائب |
الا ان بعض القول يشفى من الجوى | ومن بعضه تذكو حروب حوارب |
وليس بلاحي الذي هو حاضر | ولكن لاحى الذي هو غائب |
ولو انني خاطبته دون ساعة | لاسكته دهرا ولي منه تائب |
اذا كان رب البيت ادرى بما به | فاني ادرى بالذي انا كاتب |
ومن فاته التعريب لم يدر ما العنا | ولم يصل نار الحرب الا المحارب |
ارى الف معنى ما له من مجانس | لدينا والفا ما له ما يناسب |
والفا من الالفاظ دون مرادف | وفصلا مكان الوصل والوصل واجب |
واسلوب ايجاز اذ الحال تقتضي | اساليب اطناب لتوعي المطالب |
وعكس الذي قد مر أكثر فاتئد | الا ايهاذا اللائمي والمعاتب |
فيا ليت قومي يعلمون بانني | على نكد التعريب جدى ذاهب |
واني مع جهد البلاء مثابر | على خدمة يرضونها ومواظب |
اذا لاراحوني من العذل سبة | فاوقن ان الفوز سعيي يصاحب |
والا فمالي في الجوائب بغية | وما انا ممن تطيبه المتاعب |