أرشيف الشعر العربي

سلامٌ على بغداد

سلامٌ على بغداد

مدة قراءة القصيدة : دقيقتان .
كبيرٌ على بغداد أنّي أعافُها وأني على أمني لديها أخافُها
كبيرٌ عليها، بعدما شابَ مفرقي وجفَّتْ عروقُ القلبِ حتى شغافُها
تَتبَّعثُ للسَّبعين شطآنَ نهرِها وأمواجَهُ في الليلِ كيف ارتجافُها
وآخَيتُ فيها النَّخلَ طَلعاً، فَمُبسِراً إلى التمر، والأعذاقُ زاهٍ قطافُها
تَتبَّعتُ أولادي وهم يملأونها صغاراً إلى أن شَيَّبتهُم ضفافُها!
تتبَّعتُ أوجاعي، ومسرى قصائدي وأيامَ يُغني كلَّ نفسٍ كفافُها
وأيامَ أهلي يملأُ الغيثُ دارهَم حياءً، ويُرويهم حياءً جفافُها!
فلم أرَ في بغداد، مهما تلبَّدتْ مَواجعُها، عيناً يهونُ انذرافُها
ولم أرَ فيها فضلَ نفسٍ، وإن ذوَتْ ينازعُها في الضائقات انحرافُها
وكنّا إذا أخَنَتْ على الناس غُمّةٌُ نقولُ بعون الله يأتي انكشافُها
ونغفو، وتغفو دورُنا مطمئنّةً وسائُدها طُهرٌ، وطهرٌ لحافُها
فماذا جرى للأرض حتى تبدَّلتْ بحيث استوَتْ وديانُها وشِعافُها
وماذا جرى للأرض حتى تلوَّثت إلى حدّ في الأرحام ضجَّتْ نِطافُها
وماذا جرى للأرض.. كانت عزيزةً فهانتْ غَواليها، ودانت طِرافُها

*

سلامٌ على بغداد.. شاخَتْ من الأسى شناشيلُها.. أبلامُها.. وقِفافُها
وشاخت شواطيها، وشاخت قبابُها وشاخت لفرط الهمِّ حتى سُلافُها
فلا اكتُنِفَتْ بالخمر شطآنُ نهرِها ولا عاد في وسعِ النَّدامى اكتنافُها!

*

سلامٌ على بغداد.. لستُ بعاتبٍ عليها، وأنَّى لي وروحي غلافُها
فلو نسمةٌ طافتْ عليها بغيرِ ما تُراحُ به، أدمى فؤادي طوافُها
وها أنا في السَّبعين أُزمِعُ عَوفَها كبيرٌ على بغداد أنّي أعافُها!

***

كانت أظافره أمامه على مكتبه بعد أن قلَّمها ذات ليلة...

...

كيلا تُمزّقكَ النَّدامة

لثلاثةٍ،

هذي الأظافرُ لا تُضِعْ منها قُلامه

منهنَّ أنّ أظافرَ الإنسان تشهدُ في القيامة

ولأنّها ما حكَّ جلدَك مثلُها،

ولك السلامه

ولأنهنَّ أخيرُ أسلحةِ الدفاعِ عن الكرامه..!

اخترنا لك قصائد أخرى للشاعر (عبدالرزاق عبدالواحد) .


ساهم - قرآن ٢