يا أمَّ خالد
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
لا.. لا تُلحّي في سؤالي | هي بعضُ أوجاعِ الليالي |
هي بعضُ ما تركتْ صرو | فُ الدهر زاداً في رحالي |
تَعِبٌ سُراي، غريبةٌ | روحي، مقطَّعةٌ حبالي |
مستوحِشٌ حَدَّ البكاء | مهَدهَدٌ حَدَّ الكلالِ |
وأنا ودربُ العمر.. | أوجَعُهُ بُعَيدَ الأكتهالِ! |
لا.. لا تقولي ما تزال | فكلُّ شيء للزَّوالِ |
العمرُ يسعى للمُحاق | فما حَديثُكِ عن هلالي؟! |
أم تَجبُرينَ مواجعي | وتُستِّرين على هُزالي؟ |
أرأيتِ في السِّتّين أو | في نحوِها قمراً يُلالي؟! |
يا أمَّ خالدَ ما يكون الـ | عمرُ..؟ .. أعواماً نُغالي |
بحسابها..؟ .. تَفنى السّنين | وإن تكنْ عَدَدَ الرِّمالِ |
ليس الرجالُ العمر | الأعمارُ تُحسَبُ بالرجالِ! |
كم خالدين جَرَتْ بهم | أعمارُهم بخُطىً عِجالِ |
بَينا يُغطّي الأرض | أمواتٌ بأعمارٍ طوالِ! |
* | |
يا أمَّ خالد حَسْبُنا | أنَّا غَوالينا غَوالي |
إن أرخصَتْ منّا الحياة | فلم نَزَلْ مثلَ اللآلي |
بِيضاً ضمائرُنا، كريماً | صبرُنا في كلِّ حالِ |
يا أمَّ خالد والحياةُ | من انتقالٍ لانتقالٍ |
ما بين مَشرقِها ومَغربِها | سوَى لَمحِ الخيالِ |
ونظلُّ نرقبُها تسيرُ | بعُمرنا نحوَ الذُّبالِ |
لا نحن نسألُها ولا | هي باستغاثَتِنا تُبالي |
* | |
يا أمَّ خالد كم عَبَرنا | كم عثَرنا في مَجالِ؟ |
كم نالَ منّا الدَّهرُ، لم | يَزِنِ الحرامَ من الحلالِ؟ |
حتى إذا ما عافَنَا | بقيَتْ كريماتُ الخصالِ |
لم تلتفتْ إلاّ إلى | وقع النِّبالِ على النِّبالِ! |
* | |
يا أمَّ خالد أجمِلي | وضَعي مكابَرتي قبالي |
وتلَطَّفي بمواجعي | وترفَّقي بي لا تُغالي |
فأنا غريبٌ، مُطفأٌ | جمري، مؤجَّلَةٌ دِلالي |
لا العمُّ عمّي إن نَدَبتُ | ولا عزيزُ الخال خالي |
لا تعتبي.. أدري بأنّي | موجَعٌ حَدَّ النِّكالِ |
أدري بأنّي زاخرٌ | جرحي.. مكسَّرةٌ نصالي |
مستفرَدٌ، ونيوبُ خيبا | تي بأجمعها حيالي |
أدري بأنَّ العمرَ مَشد | ودٌ بأنوالٍ ثقالِ |
وبأنّني سعيَ الغيو | مِ الهُوجِ تسعى بي جِمالي |
وهَوادِجي، ورِحالُهنَّ | من الأسى ثقلَ الجبالِ |
لكنّني سأظلُّ أحملُ | قدْرَ ما يَسَعُ احتمالي |
سأظلُّ رغمَ هجيرةِ الـ | ستّين وارفةً ظلالي |
ومليئةً بالحبِّ للـ | دنيا بأجمعها سلالي |
يا أمَّ خالد لا تقولي | قد كبرتَ على الجدالِ |
واللهِ لولا حرمةُ الـ | ستّين والذّممِ الخَوالي |
ومواقفٍ .. اللهُ يعلمُها | وتعلمُها المعالي |
كنّا بها في القلبِ حيثُ | تدورُ دائرةُ القتالِ |
ِ | |
ما كنتُ أعتبُ أمَّ خالد | إنَّ عَتْبَ الحرِّ غالي |
يا أمَّ خالد حِبرُنا | لمّا يزَلْ ألِقاً يُلالي |
ما جفَّ بَعدُ على السطورِ | ولا محَتْ منه الليالي |
ودماؤنا مِ القادسيَّةِ | وهي تأنفُ أن تُمالي |
للآن يزهو جرحُنا | أن لا يَفيءَ للاندمالِ |
وأقول صوتي لم يزلْ | بمنابرِ الأيامِ عالي |
وأقولُ لي خمسون عاماً | هنَّ من غُررِ النِّضالِ |
خمسون عاماً ما سَهَتْ | فيها يميني عن شمالي |
وقصائدي، خمسون عاماً | وهي حاديةُ الرجالِ |
لم أغفُ يوماً والعراقُ | مُعرَّضٌ للاغتيالِ |
وأقول.. كم وأقول .. كم | أوهمتُ نفسي بانفعالي؟ |
وإذا بنا يا أمَّ خالد | سائرين على ضلالِ |
صرنا بلمحِ العين | يَشتُمنا الذين بهم نُغالي! |
صرنا نُغَيَّرُ أنَّنا | قَدْرَ استفادتِنا نُوالي! |
وبأنَّ لي بيتاً يضمُّ | وبعدَ ستّينٍ عيالي! |
لا بأس، نبقى أمَّ خالد | بين حِلٍّ وارتحالِ |
تعلو بنا الدنيا على | حالٍ ، وتُنزِلُنا بحالِ |
لكنْ يُعذّبُنا، على | ذاك النّزيفِ والاشتعالِ |
أنّا على الستّين صرنا | لا نؤول إلى مآلِ! |
وكأنَّنا غرَباءُ حتى | عن مَرابعنا الخَوالي! |
ويظلُّ قلبي للعراق | عروقُهُ مثل الدَّوالي |
متعلِّقاتٌ بالنَّخيلِ | وسعفِهِ حَدَّ الخَبالِ |
ويظلُّ نجمٌ في العراق | يضيءُ لي حلَكَ الليالي |
لو ألفُ شمسٍ أُسرجَتْ | عجزَتْ لديهِ أن تُلالي |
يبدو فيملأُ جانحَيَّ | بهالتَينِ من الجلالِ |
مِ الحبِّ واحدةٌ | وواحدةٌٍ لفرط الاكتمالِ! |
الله.. كم نهوى، وكم | نشكو هوانا وهو سالي |
لا .. لا تُلحّي في سؤالي! |