مرحباً ذبنَا اشتياقاً يا ربيع
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
مرحباً ذبنَا اشتياقاً يا ربيع | يا خفيفَ الرّوحِ أهلاً مرحبا |
كلّما ضاءَ محَيّاكَ البديع | هَبّتِ الأرضُ تباهي الكوكبَا |
ومشى في سفحِ أضلاعي صريع | ماتَ لَولا ذكرُ أيّامِ الصِّبَا |
عَجَباً تمضي زماناً وتعود | وربيعي قد مضى لم يرجعِ |
مَن تُرى أنباك أسرارَ الخلود | فتوَقّيتَ الرّدى لم تُصرَعِ |
أم هيَ الأرضُ التي تبغي البقا | عرَفت كيفَ البقا بالإقتصاد |
فأبت عن حكمةٍ أن تُنفقا | ما لديها حسنا حتى المعاد |
واكتسَت ثوبَ بهاءٍ مورِقا | ما لَهُ ما دامتِ الدنيا نَفاد |
يا لَهُ ثوباً مُوَشًّى بالوُرود | كلّ عامٍ يُرتدى لم يُنزعِ |
حَبَذا لَو كان لي منه بُرُود | كنتُ أرويها إذن من أدمُعي |
ما أُحَيلى وجهكَ الصّافي الجميل | رصّعتهُ بالندى أيدي الدهور |
رُبّ نفسٍ سُجنَت دهراً طويل | مثلما يُسجنُ مصداحُ الطيور |
أصبَحَت مُطلَقَةً بعد الكبول | تغتَذي ريحَ الموامي والصخور |
فهي لم تُخلَق لترسو بالقيود | لا ولا قد صُنعَت للبُرقعِ |
عَجَباً في هذه الدنيَا النقود | حَجَبَت إحدى النجومِ اللُّمّعِ |
يا ربيعَ الأرضِ يا نعمَ الدّوا | لنفوسٍ ما لها إِلاّ الهموم |
حيثما تنشرُ منها ما انطوَى | وتُذرّيهِ إذا مَرّ النّسيم |
ويح أهل العشقِ أرباب الهوى | خُلثوا في الكون كي يرعوا النجوم |
قُسمت أرزاقُهم قبل المهود | وقفوا في كلّ دارٍ بلقعِ |
حفظوا للناس في الدنيَا العهود | إنّما حِفظُهُمُ لم يَنفَعِ |
عطّري يا زهرُ أذيالَ الرّياح | إن سرَت فوقَ الرّياضِ القُشُبِ |
أودِعيها كلّما لاحَ الصّباح | أرَجاً يُغنى بهِ عن كتُبي |
غربةً أمسَت حياتي وانتزاع | ومُنَاجاةً ورَعيَ الشُّهُبِ |
فإذا ما لاحَ للصّبحِ عمود | بعد لَيلٍ كَغُرَابٍ أبقَعِ |
قلتُ في نفسي وللنومِ صدود | أوَ حَتّى غربةٌ في مضجعي |
أنا لولا ذكرُ أيام الصِّبَا | قلتُ يا نفس إذا شئتِ اذهبي |
غيرَ أنّي كلّما هَبّت صَبَا | أنعَشَت قلبي بذكرٍ طَيّبِ |
لا اُبالي إن حَلَلتُ المَغربا | طالما شمسُ المُنى لم تغرُبِ |
فحياةُ المرءِ في هذا الوجود | رغبةُ النفسِ وعَت أو لم تعي |
وبكائي للأُولى طيّ اللّحُود | كعزائي بالأُولى باتوا معي |