باض السُّنونُو في عيوني |
لـم أعد أبكيْ |
ولا أشتاق للسّمّان يأتي في خريف الذكريات |
باض الحجل |
باض الحجرْ |
باض الدُّجى في خافقي |
ما عدت أطرب للرّبا .... وزهورها |
بغداد تلهب صهوتي .... بدموعها |
وأنا التسابق خطوتي ريح الأماني العاصفات . |
وعلى الذُّرا الشماء أبني وكْـنَتي . |
ما عدت أهفو للرفاق |
غفوت أحلم يا أمية بالرشيد |
وشرحة التموين |
في اليرموك أو حطين |
يا بيروت ما أبهاك ما أحلاكِ |
في عينٍ تكحِّــل هُدْبَها بدمائها |
معجونة مع حفنة البارود والأشلاءِ |
غطي قامتي |
أنا نائمٌ |
أنا معتصمْ |
* * * * * * |
ماذا سأفعلُ |
حين تدهمني فلولُ الهاربين من المساء ...؟! |
ماذا سأفعل |
حين أغفو ، |
والمدينة تحتويني في أزقتها الضبابية |
وضبابها يقتات دمِّي |
في مقاهي الأمنيات ؟! |
مددت ساقيَ في الهباء على الهواء الطّلقْ . |
وحفرت ذاكرتي على جذع المدى البّراق |
في وهج الصحاري . |
وعلى جذوع السنديان |
الأقحوان |
الأغنيات |
ومضيت وحدي غارقاً في بحر وجدي |
ومضيت أضحك ... باكياً . |
مترنحاً ... مترنماً . |
( يا أندلس ... |
يا أندلس .. |
يا دمع قلبي المنبجسْ |
جددت فيك رؤى هواي المحتبسْ |
وصدى خيالي المندرس ) |
والأخطبوط يشدُّني من ذكرياتي الحالمة |
وأنا أصيح بكم : " طيور الحي هاجت حائمة " |
أنا حالمٌ ... أنا نائمٌ |
أنا معتصم . |
* * * |
ونقشت نفسي يا زيادُ على سَوارٍ مُحْرقةْ . |
والبحر يضحك ثـمَّ يمسح لحيتَه . |
ويمدّ للإعصار كفاً راجفة . |
ماذا سأفعل ... ؟! |
حين أصحو والمراكب |
ترفع العلم السماوي الجبينْ |
والدم ينزف من خليج الرافدينْ |
إلى مضيق الفاتحين |
( كلا ) . |
صرخت . |
نزفت عمري في موانيها الحياة ، |
ومضيت في صحراءِ هاتيك |
الجراحِ النازفات . |
وقفزت أجري . |
نافضاً كفَّيَّ من همّ السنينْ |
لا راكضاً نحـو المدى … كلاّ |
ولا نحو الصَّدى . |
فالصَّوت يصرخ في الليالي الحالمات : |
( إنَّ الصحاري يا فلول التائبين الهاربين |
من الدماء إلى الدماء تعج بالأحياء والموتى . |
وعلى خطاهم ترسم الدنيا أماني الانطلاق إلى الضياء ) |
أغفيت . |
لـم أسمع صدى صوتي |
على باب المدائن |
نائحاً ... أوصائحاً .... أوفاتحاً |
يا يزدجرد . |
هذا أوان الانطلاق إلى فناء الذكريات |
الشمس تلعق جرحها . وتموء من ألم القتامِ |
تعجّ بالوجع الضبابي المرير |
وقرطبة |
إشبيلية |
وطليطلة |
شربت مياه الأطلسي وما ارتوت . |
وبكت على باب المضيق |
تصيح : " يا بحرُ استفاق النائمون ...؟ " |
فتجيبها قمم البرانس…: |
" ليس بعد الغافقيِّ هنا رجال " |
والشمسُ قالت ، والدُّجى يغفو على كفّ المحال : |
( هذا أوان الشدّ والترحال |
هذا أوان المدّ والزلزال ) |
ومضت تلملم جرحها بين الجبال |
من ذا سيصحو حين أغفو |
والشعاعُ على عيوني ينقش الذكرى |
وقلبي باسطٌ كفَّيه |
في باب المغارة ...؟! |