بِيَدي خُذوا ضاقَت عَليَّ مَذاهِبي
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
بِيَدي خُذوا ضاقَت عَليَّ مَذاهِبي | وَاِستَنقَذوني مِن أَكُفِّ مَصائِبي |
أَو مَزَقوا أَحشاي لَستُ بِقادِرٍ | اَن أَحمل الهَضبات فَوقَ مَناكِبي |
أَينَ الفَرار مِن الزَمان وَظُلمِهِ | وِمِن المُقاومُ لِلعَدوِّ الغالِبِ |
مَن راحَ يَطلُبُ مِن مَكائِدِهِ الصَفا | طَلَب الوَفاء مِن الخؤون الكاذِبِ |
أَنا ساقِطٌ تِلقاء صاعِقَة القَضا | أَنا خابِطٌ بِدُجى المُصاب الناكِبِ |
لا تُكثِروا كلَم التَعازي أَنَّها | مثل النِبال عَلى الفُؤاد الذائِبِ |
سمع الحَزين إِلى عِبارات العَزا | نَظرُ الجَريح إِلى حُسام الضارِبِ |
بَل وَازروني بِالبُكاءِ فَإِنَّهُ | يَشفي غَليل القَلب وَسَط مَصاعِبِ |
وَلَو اِستَطَعتُ حَبَستُ دَمعي إِنَّني | لا أَبتَغي فَرجاً بِحال مَتاعبي |
تَباً لِيَومٍ كانَ مَطلَع فَجرِهِ | بِغِيابِ نجم هِدايَتي وَماءَ رَبي |
فيهِ فَقَدتُ أَبي وَفارجُ كُربَتي | وَحَرَمتُ فيهِ ذَخيرَتي وَرَغائِبي |
يا صاح لا غَير النَجيب يَطيبُ لي | فَاِندُب وَزِد وَلهي بِهِ يا صاحِبي |
كَأساً سَقاني البين مُرّ مَذاقِهِ | كَالسُم يَفتُكُ في فُؤاد الشَارِبِ |
جاوَرتُ لُبنان العَظيم وَبُغيَتي | فيهِ النَجاة مِن الوَباء الناهِبِ |
فَسَطا القَضا حَتّى رائتُ جِبالُهُ | هَماً تَراكم قائِماً بِجَوانِبي |
فَكَأَنَّها مِن تَحت أَذيال الضُحى | جسم الظَلام عَلَيهِ هام نَوائِبِ |
وَكَأَنَّها اِنطَبَقَت عَليَّ فَلَم أَعد | إِلا دَفيناً في مضيق مَصائِبِ |
يا غائِباً عَنا وَذكرك بَينَّنا | طول الزَمان نَراهُ لَيسَ بِغائِبِ |
أَسرَعتَ في عَهد المَسير وَقَد دَعا | صَوت البَشير فَقُمتَ نَحوَ الطالِبِ |
أَوحَشتَ دارك إِنَّما لَكَ مَنزِلٌ | أَهداكَ فيهِ الأُنس عَفوَ الواهِبِ |
فارَقَتنا فَمَتى المَعاد واي مَتى | يَقضي بِعادكَ وَهُوَ ضَربَةُ لازِبِ |
حَمَلوك ما صَبَروا عَلَيَّ بُرَيهةً | أَقضي بِها حَق الوَداع الواجِبِ |
فَبِأَرض مَولدك الكَريمة بُقعَةٌ | أَودَعَت فيها الآن جَلَّ مطالِبي |
قَد أًرجَعَتكَ لِأُفقِها صدف القَضا | فَرَجَعتَ مَحمولاً بِغَير جَنائِبِ |
فَسَقَيتُها مِن سَيل دَمعي عارِضاً | قَد نابَ عَن فَيض الغَمام الساكِبِ |
فَهَل اِرتَوَيتَ بِهِ وَأَنتَ عَلى غِنى | عَنهُ بِفَيض مَراحم وَمَواهِبِ |
أَأَبي فَدَيتكَ لَو يَردُّكَ لي فِدىً | عَني ذَهَبتَ أَعَز مَولى ذاهِبِ |
أَينَ المُلاطَفَة الَّتي قَد طالَما | مِنها رَشَفنا كُل عَذب مَشارِبِ |
أَينَ الحُنوُّ وَأَين أَدعيَة الرِضى | تِلكَ الَّتي بَسَطَت لَدَيَّ رَغائِبي |
أَم أَينَ أَيديك الَّتي بِجميلها | جادَت عَلى جيدي بِطَوق كَواكِبِ |
أَأَبي لِماذا لا تُجيبُ بَنيكَ قَد | صَرَخوا إِلَيكَ وَكُنتُ خَير مُجاوِبِ |
أَأَبي لَما إِغمَضَت عَينكَ بَعدَما | قَد كُنت تَسهَر يا شَفوق مَراقِبي |
أَغضَضت طَرفكَ رَأفَةً كَيلا تَرى | في حال مَصرعكَ الأَليم نَوائِبي |
أَم أَنتَ لاهٍ مَع سَميكَ في السَما | أَعني بِهِ جبريل أَشرَف صاحِبِ |
أَواهُ ما أَمل الخُلود بِدافِعٍ | ثقل القُيود عَن الفُؤاد الواجبِ |
يُعطي يَقين الدين أَعظَم سَلوَةٍ | وَالطَبعُ يَمنَع جانِحاً عَن واجِبِ |