0 |
.يُغادرُنا المكانُ |
.مربّعاتُ الإسمنتِ أوّلاً، ثمّ المقاعدُ في إثرها |
الفراغُ المباغتُ |
.يفرضُ تأثيثَ الأرواح |
1 |
كانَ علينا أن نكونَ أكثرَ صلابةً و بياضًا |
كأنّنا الحوائطُ التي تُكَوِّنُ الزوايا |
.و تسندُ السقفَ و الظلال |
كانَ على أصابعِنا ألاّ ترتعشْ |
و على الوقتِ |
أن يمهلْنا قليلاً |
كي نمنحَ اللحظةَ ألوانَ لوحةٍ أخرى |
غيرَ البغيضةِ |
.غيرَ قتامةِ ملابسِنا |
2 |
لم نكن نشعرُ بخشونةِ البردِ |
.أو بالخفافيشِ العالقةِ بصُوفِ معاطفِنا |
كُنّا نسيرُ |
كالتماثيل |
مقنّعينَ بأحجارٍ من كهوفهم |
.كارثةً لا تعني أحدًا سوانا |
حملْنا الصناديقَ |
و مشينا نحلمُ |
بخشبِ التوابيتِ يخضرُّ |
.يعودُ أشجارًا نتسلَّقُها |
بقلوبٍ صغيرةٍ خبّأناها في الجيوبِ |
كعُلَبِ سجائر مجهولةٍ لآبائنا |
بخطواتٍ متهدّجةٍ |
أنهكتْها الرطوبةُ في أصواتهم |
بالمسافةٍ حينًا |
و حينًا بالسعال |
نزحنا |
من وهمٍ إلى آخر |
.جذوعًا تركلُ تشوّهاتِها في غبارٍ |
من أينَ نبدأ |
في مثلِ هذا الخواءِ الشاسعِ؟ |
و إلى أيِّ هاويةٍ |
سيقودُنا الأسفُ؟ |
.العيونُ لاغيةٌٌ |
.الأقدامُ أمطارٌ تتساقطُ بانتظامٍ مُدْهِش |
3 |
لأبوابٍ أغلقناها على خلافاتهم |
سنديرُ ظهورَنا المقوّسةَ و نمضي |
وحيدِينَ صوبَ اختلافِنا |
كشجرٍ غادرَ غابتَهُ |
سنقطعُ كُلَّ الجذورِ التي تَصِلُ ترابَهُمْ بقلوبِنا |
كأنّ الذينَ يسكنونَ الصراخَ |
ليسوا آباءَنا |
كأنّنا قادرونَ على النموِّ و الضحك |
بضوءٍ قليلٍ |
.دونَهُمْ |
4 |
نحنُ الآنَ أكثرَ قدرةً على استيعابِ قسوتِهِمْ |
و على افتعالِ الحنانِ |
دونَ نفورٍ |
،كلّما احتكَّ جلدُهُمْ بيُتْمِنا |
و كلّما عبرتْنا أحضانُهُمْ |
مُسْرِعَةً |
كأنّها تهابُ ظلالَنا |
تذكّرْنا الحانةَ التي احتوتْنا |
و ليلاً كانَ يُرَبِّتُ على أكتافِنا المتكلِّسةِ |
كلّما أحنيْنا على الخشبِ ظهورَنا |
مُثقلينَ بهم |
.أجنحةً دونَ وظيفة |
5 |
.لا غربةَ أشدَّ من أصواتهم في النزاعِ |
شرودُنا |
إذ يزحفُ نحوَ عزلتِهِ |
يطمئنُ فئرانًا تقضمُ حوافَّ النومِ |
بأسنانٍ حادّةٍ |
كأصواتهم |
و لأنّ أعضاءَنا ناقصةٌ |
.سيئنُّ الخشبُ في المفاصل |
6 |
من الدخانِ |
نُولَدُُ |
و ليسَ من أرحامِ الأمهاتِ |
كما أوهمتْنا العائلةُ صغارًا |
لكنَّ المرايا التي تعكسُ كؤوسًا متكرّرةً بينَ الأصابع |
ضلَّلَتْ رؤوسَنا |
.تلكَ المثقلة بفاكهةٍ حامضة |
7 |
هذا الدمعُ المنسكبُ في ترابٍ |
غيرُ قادرٍ على إعادةِ الروحِ لخلايا الكلوروفيل الميّتةِ في أوراقٍ |
لم تنجُ من حريقٍ أشعلناهُ |
بأعقابِ السجائر |
بغروبٍ تركناهُ وحيدًا وراءَنا |
دونَ قصدٍ |
دونَ درايةٍ بما يعنيهِ الجحيمُ آنذاك |
.و لم تغفرْهُ لنا الغابةُ-الأمُّ |
و إلاّ بماذا تفسّرونَ تعثُّرَنا |
بجذورٍ قاتمةٍ |
و ظلالٍ تتمايلُ |
كلّما خطوْنا؟ |
8 |
مغروسونَ في الحرمانِ |
حتّى أعناقِنا المتغضّنة |
و لا لذّةَ |
تحفُّ العروقَ |
غير َهواءٍ قليلٍ |
.تُسَرِّبُهُ الأجنحةُ العابرةُ لذبولِنا |
لم نَكْبُرْ |
إنّما المدرسةُ هي التي صَغُرَتْ |
بسياجِها المطوِّقِ لبراءتِنا |
و أشجارِ السَّرْوِ |
.و الباصّات |
.ِما كانَ لنا أن نتبعَ خطوَنا على النار |
.ما كانَ لأيدينا أن تمتدَّ لتلكَ الكؤوس |
9 |
لن نألفَ الضغينةَ التي تجمعُنا |
و أقدامُنا المثبّتةُ في دائرةٍ |
لن تطأ هذه العتمةَ ثانيةً |
ربّما، بعدَ أيامٍ قليلةٍ |
نعودُ بلا شمسٍ إلى المقهى |
.بلا عصافير على الحواف |
10 |
مُعبّأةٌ بدخانٍ يُبدِّلُ هيئتَهُ |
من جبلٍ إلى تمساح |
تحدّقُ في عزلتِنا |
في مللٍ يبادلُنا ورقَ الكوتشينةِ |
و علبةَ الكبريتِ |
فيما الذينَ صلبوا طاقتَنا على خشبِ النماذج |
يقتلعونَ الأحلامَ التي لم تنضج |
بمناجل تلمعُ |
دونَ أن يغيّروا ثيابهم |
يهشّمونَ حيواتِنا |
بمدنِها الصغيرةِ |
.و مقاهيها المبتلّةِ على أرصفةٍ تتآكلُ |
أطفالُها الذاهبونَ إلى المدرسةِ شاحبون |
كما لو أنّ قلوبَهُمْ تفحّمت في الليلِ |
.لتلائمَ البيوتَ التي يعلو بعواميدها الصراخ |