هَل تَرى يَتَهي عَلَيهِ الثَناءُ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
هَل تَرى يَتَهي عَلَيهِ الثَناءُ | سَيِّدٌ يَنتَهي إِلَيهِ السَناءُ |
وَتُؤَدّي لَهُ البَلاغَةَ حَقّاً | وَيوفي أَخبارَهُ الإِنشاءُ |
وَيَجلي القَريضُ صورَةَ مَعنا | هُ وَلَو بِالشِعرِ أَتى الشُعَراءُ |
قَد كَفانا مِن وَصفِهِ أَنَّهُ ال | مَهدِيُّ مُذ قَد تَجَلَّتِ الأَسماءُ |
نَجلٌ قَطَبَ قَد كانَ في الش | شَرقِ وَالغَربِ سِراجاً بِنورِهِ يُستَضاءُ |
هُوَ بَحرُ الشَريعَةِ اِبنُ السُنوسي | الَّذي عَنهُ سارَتِ الأَنباءُ |
لَم يَدَع في العُلومِ عِلماً وَلَم يَق | تُلهُ وَالعِلمُ قَتَلَهُ إِحياءُ |
جَمَعَ العِلمَ وَالوِلايَةَ فاءَتَمَّ | بِهِ العالِمونَ وَالأَولِياءُ |
اِستَفاضا لَدَيهِ نوراً عَلى نو | رٍ وَكُلٌّ عَلى الوَرى لَألاءُ |
فيهِ لاقى العِلمَ اللَدُنّي عِلماً | سَهِرَ اللَيلُ أَصلُهُ وَالعَناءُ |
لا يَرى العِلمَ في سِوى العَمَلِ الصا | لِحِ فَالعِلمُ آلَةً وَوِعاءُ |
فَلِهَذا تَرى الطَريقَ السَنوسِي | يِ عَلى الفِعلِ قامَ مِنهُ البِناءُ |
باتَ فِعلاً هَدى مُريدَ السُنوسِي | يِ وَأَن لَيسَ بِالكَلامِ اِكتِفاءُ |
كُلُّهُم عامِلٌ لِذَلِكَ فيهِم | تَتَبارى العُقولُ وَالأَعضاءُ |
كَم تَوَلّى بِالكَفِّ سِكَّةً حَرَثَ | حَبرُ عِلمٍ حَفَت بِهِ القُرّاءُ |
حَقَّقوا سَنَةَ المُعَلِّمِ لِلخَيرِ | الرَسولِ الَّذي بِهِ الاِقتِداءُ |
بَثَّ ما بَينَ مَطلَعُ الشَمسِ وَالمَغرِبِ | رُشداً ضاءَت بِهِ الأَرجاءُ |
وَزَوايا في كُلِّ غَورٍ وَنَجدِ | لَيسَ يَسطيعُ حَصرُها الإِحصاءُ |
وَبَدا بِالبِناءِ في الجَبَلِ الأَخضَرِ | حَيثُ البُنيَةَ البَيضاءُ |
في ذَرى السَيِّدِ الجَليلِ الصَحابي | سَيِّدي رافِعٌ عَلَيهِ الرِضاءُ |
حَيثُ قَد لاحَ ذاكَ السَيِّدُ المَه | دِيُّ بَدراً ضاءَت بِهِ الظُلَماءُ |
أَيُّ فَرعٍ لِأَيِّ أَصلٍ لَعَمري | قَد تَحاكى الآباءُ وَالأَبناءُ |
لا بَلِ الاِبنُ جاءَ أَوفى عُلُوّاً | وَلَئِن فاقَ مِن أَبيهِ العَلاءُ |
الهُمامُ المَهدِيُّ وَالسَيِّدُ الصَا | دِعُ بِالحَقِّ وَالسَحابُ الرَواءُ |
أَزهَرَ الوَجهُ ناصِعُ اللَونِ لَم تَن | جِبَ بِأَبهى مِن شَخصِهِ الزَهراءُ |
أَكحَلُ الطَرفَ مُستَديرُ المُحَيّا | لاحَ فيهِ الهُدى وَجالَ الحَياءُ |
أَبيَضُ الخَدِّ وَالثَناءِ وَفي أَي | مَنِ خَدَّيهِ شامَةً سَمراءُ |
أَرَوعِيٌّ صِلتُ الجَبينَ إِذا قَبِل | تُهُ قُلتُ كَوكَبَ وَضّاءُ |
رَبعَةُ قَدُّهُ قَوِيٌّ عَريضُ | مَنكِباهُ وَأَذرُعٌ فَتَلاءُ |
واسِعُ الثَغرِ باسِمٌ عَنهُ دُرّاً | وَالثَنايا في ثَغرِهِ فَلَجاءُ |
شَثِنٌ كَفٌّ لَكِن أَيديهِ الشَث | نَةَ بِالجودِ سَبطَةً سَمحاءُ |
هاشِمِيٌّ أَشُمُّ أَنفَ كَذا مَعَ | شَمَمِ الأَنفِ هِمَّةٌ شَمّاءُ |
يَتَجَلّى كَمالُهُ في عُيونٍ | زَيَّنَتها حَواجِبٌ وَطفاءُ |
يَملَأُ العَينَ هَيبَةً وَجَلالاً | وَهوَ مَعَ ذاكَ لَحظَهُ إِغضاءُ |
مَن رَآهُ يَقولُ هَذا هُوَ المُه | دى حَقّاً وَلِلهُدى سيماءُ |
أَشبَهُ الناسِ بِالنَبِيِّ وَمَن يُش | بِهُ أَباهُ فَلَيسَ مِنهُ اِعتِداءُ |
نَشَرَ الدينَ في بَلادِ السَوا | دينَ جَميعاً فَعَّمَها الاهتِداءُ |
وَبِأَسيافِهِ طَرابُلسَ الغَربَ | أُجيرَت وَبُرقَةَ الحَمراءُ |
سَوفَ يَدري الطَليانُ أَنَّ في السُوَي | داءِ رِجالُ حُروبِهِم سَوداءُ |
في مَجالِ الطِعانِ أُسدٌ مَحاري | بٌ وَلَكِن عِندَ المَحاريبِ شاءُ |
يَنصُرونَ الإِسلامَ بِالسَيفِ وَالمُص | حَفِ فَالقُوَّتانِ فيهِم سَواءُ |
يُعَمِّرونَ الأَرضَ الَّتي أَورَثَ اللَهُ عَبا | داً لَهُ هُمُ الصُلَحاءُ |
لَم يَحُلّوا قَفراً مِنَ الأَرضِ إِلّا اِه | تَزَّ مِنهُ حَديقَةً غَنّاءُ |
فَاِسأَلِ القَروَ وَالجَغابيبُ وَالكَف | رَةُ يَنطِقُ عُمرانَها وَالنَماءُ |
وَاِسأَلِ الواحَ كُلَّها كَيفَ عاشَت | بِالسَنوسِيِّ تِلكُمُ الصَحراءُ |
لَيسَ يَخشى الإِفرَنجَ مِثلَ السَنوسِي | يِ وَما هُم في خَوفِهِم أَغبِياءُ |
عَرَفوا قَدرَهُ وَبَعدَ مَراميهِ | فَأَشهادُ فَضلِهِ الأَعداءُ |
كَم غَدَت مَن سَطاهُ تَرجِفُ راعِباً | دَولَةً مِلءَ أَنفِها الكِبرِياءُ |
رَدَّ أَزرَ الإِسلامَ صُلباً سَوِيّاً | بَعدَ أَن كانَ سَفَّهُ الأَنحاءُ |
وَأَعادَ الإِسلامَ غَضاً كَما كانَ عَلَي | هِ الأَسلافَ وَالقُدَماءُ |
لَم يَقُم مِثلَهُ لِإِرشادِ خَلقِ | ذَلِكَ الحَقُّ لَيسَ فيهِ مَراءُ |