هَوى لِفَقدِكَ رُكنَ الشَرقِ وَاِحرَبا
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
هَوى لِفَقدِكَ رُكنَ الشَرقِ وَاِحرَبا | يا كامِلَ مَن يَسلي بَعدَكَ العَرَبا |
كُلُّ المَصائِبِ يَفنى الدَهرُ شِرَّتَها | إِلّا رَداكَ فيفنيِ الدَهرِ وَالحِقَبا |
كُنّا نُرجيكَ لِلجَلِيَّ تَذَلُّلَها | فَاليَومُ مَن يَنبَري لِلخُطَبِ إِن وَثَبا |
تَلَقّى النَوازِلَ بِالأَفعالِ صادِقَةً | وَالناسُ في الخُطَبِ تُسدي القَولَ وَالخُطَبا |
رَدَّت مُصيبَتَكَ الأَرزاءُ هينَةً | مِن بَعدِها وَغَدَت أَكبادُنا صُلبا |
هَيهاتَ تَدَّخِرِ الآماقَ سائِلَةً | مِنَ المَدامِعِ تَبغي بَعدَكَ الصَبَبا |
لَو كُنتَ مَعَ حاتِمِ الطائِيِّ في زَمَنٍ | ما نالَ في الكَرَمِ الإِسمِ الَّذي كَسَبا |
نَداكَ بِالعَينِ مَشهودٌ وَنائِلُهُ | هَيهاتَ نَعلَمُ مِنهُ الصِدقَ وَالكَذِبا |
قَد كُنتَ تَهوي مِنَ الأَخلاقِ أَسمَحَها | لِقاصِدٍ وَمِنَ العَلياءِ ما صَعُبا |
لِلَهِ دَركُ سَبّاقاً لِمَكرُمَةٍ | كَالسَيفِ مُنصَلِتاً وَالسَيلُ قَد زَعَبا |
يا أُمَّةَ سَكَنَت أَكنافُ عامِلَةٍ | وَأَوطَنَت شِعفاتُ العِزِّ وَالهَضَبا |
هَل عِندَكُم قَومَنا عَن كامِلِ خَبَرٍ | فَقَد أَتانا نَبا أَن قَد نَأى وَنَبا |
اللامِعِ الرَأيِ إِن يَدجُ الزَمانُ بِكُم | وَالخالِفُ الغَيثِ إِن تَستَبطِئوا السُحُبا |
كانَت عِيالاً عَلَيهِ مِنكُم زُمَرٌ | مَن كانَ مِنهُم يَتيماً راءَ فيهِ أَبا |
كانَت بِكامِلِكُم أَرجاءَ عامِلِكُم | تَتيهُ عَجَباً عَلى الدُنيا وَلا عَجَبا |
قالوا عَميدَ بَني النُصارِ قُلتُ لَهُم | بَل رُكنِ كُلِّ اِمرِئٍ في يَعرُبٍ اِنتَسَبا |
لَو أَنصَفتَ حَقَّهُ أَفناءُ عامِلَةٍ | مِنَ البُكا رَقَّ فيها الصَخرُ وَاِنتَحَبا |
لَهفي عَلى كامِلِ الأَوصافِ كَيفَ ثَوى | ذاكَ المُحَيّا ظَلامَ الرَمسِ وَاِحتَجَبا |
لَهفي عَلى البَدرِ قَد غابَت مَطالِعُهُ لَهفي عَلى البَحرِ ذي الأَمواجِ قَد نَضَبالَهفي عَلى السَيدِّ الغَطريفُ تُحرِمَهُ | طَوائِفٌ طالَما اِستَكفَت بِهِ النُوَبا |
لَهفي عَلى الكامِلِ الفَذِّ الَّذي فَقَدَت | بِهِ الوَرى المَثَلُ الأَعلى لِمَن وَهَبا |
عَلى الَّذي لَو قَضَيتَ الدَهرَ تَصحَبُهُ | لَم تَلقَ إِلّا الوَفا وَالصِدقُ وَالأَدَبا |
تَقرا عَلى وَجهِهِ آياتُ شيمَتِهِ | وَتَنثَني قائِلاً سُبحانَ مَن كَتَبا |
أَخٌ أَشُدُّ بِهِ أَزري لِنائِبَةٍ | وَلا أَعِزُّ عَلَيهِ إِخوَتي نَسَبا |
وَلَو عَقَدنا عَلَيهِ كُلِّ شارِقَةٍ | مَناحَةً ما قَضَينا بَعضَ ما وَجَبا |
لَكِنَّما المَوتُ حَتمٌ لا يُحيكَ بِهِ | حَزَنٌ وَلا عارِضُ للدَمعِ مُنسَكِبا |
زَعَمتُ أَنّي أُعزيكُم بِمَوعِظَتي | فَيا تَرى مَن يُعَزّيني بِمَن ذَهَبا |
وَإِنَّما نَحنُ طَرّاً رَكبَ قافِلَةٍ | وَكُلُّنا شارِبُ الكَأسِ الَّذي شَرِبا |
يا رُبَّ أَمطَرَ ثَراهُ كُلَّ غادِيَةٍ | تَخضَلُّ مِنها بِقاعٌ حَولَهُ وَرُبى |
آتَيتُهُ كَرَمَ الأَخلاقِ مُنقِبَةً | فَكُن كَرماُ عَلَيهِ رَبَّنا حَدِبا |