الدَهرُ أَبدل راحَتي بِعَناء
![الدَهرُ أَبدل راحَتي بِعَناء](http://islamarchive.cc//upload/poems/449.jpg)
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
الدَهرُ أَبدل راحَتي بِعَناء | وَاِعتاضَ صَفو تَنعمي بِشَقاء |
وَبَدا الزَمانُ اِلى العُيونِ بِمَظهَر | يَقضي بِمَزج دُموعِها بِدِماء |
آلي لِيَختَطِفَن أَفئِدَة الوَرى | يَومَ المُصاب وَبر في الايلاء |
مِرآتُهُ طَمَسَت وَأَصدَأَ وَجهَها | مِن بَعدِ سعدت بِطول جَلاء |
وَلَطالَما اِكتَحَلَت عُيونُ أَولى النُهى | مِن غَدرِهِ بِمَصائِبِ وَبَلاء |
وَلَكَم يَفوقُ لِلقُلوبِ نباله | وَلَكَم يشق مَرائِرَ النُبَلاء |
حَجُبت بَوارِق غيث أَنواءِ الهُدى | عَن عَين كل مؤمل أَورائى |
كَذبت لَوامع كل صبح صادِق | مُذ غابَ شَمس العِلم في الضَيراء |
فَتَحزن العُلماء وَلتَأسف عَلى | يَنبوعِ فَضل العِلمِ وَالعُلَماء |
وَليَفرَح الجَهلُ المُبيد وَأَهلَه | وَليَجعَلوا مَسراه لَيل هَناء |
وَليَسعد المَغرور مِن أَعوانِهِم | فَاليَومَ راقَ الحَي لِلجُهَلاء |
تَبت يَدا زَمَن دَهانا صَرفُهُ | بِفُراقِهِ في لَيلَة لَيلاء |
لِما تَغَيَّب نير الدين الَّذي | اِنوارُهُ يَنبوع كُل ضِياء |
صدقت اِن الشّافي قَضى وَما | صَدقت قَبل تَغيب السقاء |
بَحر التفقه كَنز اِرشاد الوَرى | رَب الفَخار وَواحِد البَلغاء |
شَجن عَرى الاِسلام بِالظَمَأ الَّذي | حَل العَرى بِضَمائِرَ العُلَماء |
وَشَعائِرَ الدينِ القَويمِ بَدا بِها | أَثر الهُلوعِ فَمن لَها بِعَزاء |
أَروى أَفانين العُلوم بغيثه | وَلَكم سَقى مِن رَوضَةِ غَنّاء |
وَلَطالَما قَد أَبرات أَفكارَه | أَمراض قَلب بِالضَلالَة ناء |
أَضحَت حَصيداً أَرض أَزهرنا الَّتي | كانَت بِهِ كَالدَوحَةِ الخَضراء |
تَشكو الاِوام وَما لَها من مطفىّ | مُذ غابَ سَقاء العلى بِالماء |
ما حال آماق العُيون وَقَد رَأَت | شيخ المَشايِخ غابَ في الغَبراء |
لَم لا تَفيض عَزيز مَدمَعِها الَّذي | يُزرى بسح المزنة الوَطفاء |
حق عَلى الآماق يَوم فُراقِهِ | أَن لا تَضن بِذِئب الاِحشاء |
عَينُ العُلومِ بَكَت دَما لما رَأَت | اِنسانَها مُتهرا لخيفاء |
لَو اِن كَتب العِلم تَقدر فقده | لَتَبَددت مِن لَوعَةِ وَعناء |
وَأَرى عطارد بات يَكتب جاهِرا | آثار فِرقَتِهِ عَلى الجَوزاء |
دَهَشَت عُيون أَولى النهى مُذ أَبصَرَت | شَمسُ العُلومِ تَغيب في الداماء |
كَم قَلَبته يَدُ السِقام وَلم يَقل | أَو لما يُلقى مِنَ الضَرّاء |
وَلَطالَما لاقى الصُروف وَلَم بل | مِن مَعشَرِ الحُكَماء كَيف دَوائي |
أَدى فَريضَة عِلمِهِ بِحَقيقَة | حَتّى قَضى مُتَوَحِّشاً يَثناهُ |
نادى بِشير القُرب طب نَفسا فَقَد | طابَ الرَحيل اِلى ديار بَقاء |
سَمع النِداء دجى فسلم نَفسه | عَن طيبِها لِمُبشِر بَلقاء |
أَرواح عُشّاق العُلوم تَهَيَّأَت | لِقُدومِهِ ببرازخ السُعَداء |
وَتَعَطَّرَت غُرف الجِنان وَغَرَّدَت | فيها بَلابِلُها بِحُسنِ غِناء |
وَرَقى اِلى اِعلى مَنازِلَ حَظِّهِ | لِما اِستَوى بِمَراتِبَ الشُهَداء |
هُوَ في نَعيمٍ دائِم لكِنَّنا | لِبِعادِهِ في شِدَّةِ البُأَساء |
قَلبي عابَهُ غَدا كَجَمراتِ الغَضى | وَالوعتى من حره وَشَقائي |
فَلأَذرقن أَسى عَلَيهِ مَدامِعي | ما دمت عائِشَة بخدر فَنائى |