قدم الربيع فحط في آذارِ
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقة واحدة
.
قدم الرَّبيع فحطَّ في آذارِ | بعساكرٍ للزهر والأنوارِ |
فتناثرت لقدومها بتفصحٍ | بعد العجومةِ ألسُن الأطيارِ |
وكأنَّ إقبالَ الزمان من الشتا | إقبالُ مسحور من الأسحار |
ومضى الشتاء بقرِّه فتسربلت | بعد التجمُّد حَيَّةُ الأنهارِ |
خلعَ الربيعُ على الرياض وألبَسَت | خِلَع الربيعِ مُشَهَّرَ الأقطارِ |
فيها رُفُوضٌ كالعيون تفتَّحت | بعد الغُموض كليلةَ الأبصارِ |
وكأنَّما للأُقحوانة مُقلةٌ | حَبّات دُرٍّ طُفنَ بالدِّينارِ |
ترنو إلى ساقٍ لها من حالِقٍ | سمحٍ يجود بواكفٍ مدرارِ |
ومُدير كأسٍ ديره في خصره | خَصرٌ يحاكي دقَّةَ الزُّنّارِ |
وكأنَّ إبريقاً يصبُّ بكأسه | بازٌ يصبُّ دماً من المنقارِ |
وتُخال إذ سُكبت لصفو مزاجها | ذوبَ اللجينِ على مُذاب نُضارِ |
فانفِ الهمومَ عن الفؤاد بقهوةٍ | عذراء صافيةٍ كلون النارِ |
يسقيكها حلو اللِّثام مُقَرَّطٌ | خَدَاه مصبوغٌ كصبغ عُقَار |
والعندليب مُغَرِّدٌ بصَفيره | يحكي معاني رنَّة الأوتارِ |
وكَرِينَةٌ عَذراءُ يونانيَّةٌ | كالبدر غُرَّتها لذي إقمار |
والعودُ يبكي كالحنين بحجرها | وتلفُّ أُذنَيه كفعل صِرارِ |
والشاهجان فما ألذَّ بكاءه | يحكي أَغاني ساكن الأشجارِ |