زَاحفتُ أيامي وزاحفنني
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
زَاحفتُ أيامي وزاحفنني | دهراً فلم أنكل ولم تنكل |
لا عزمها واهٍ ولا عزمتي | تصادَمَ الجندلُ بالجندلِ |
رمت فلم تُبقِ على مفصِلٍ | لكنَّها طاشَت عن المقتلِ |
وليتَها أصمت فما أبتغي | من عيشها إن أنا لم أقتلِ |
لا خير في الصبر على غمرَةٍ | لا يأمَلُ الصابِرُ أن تنجلي |
صبرتُ في البأساءِ صَبرَ الذي | قِيدَ إلى القتل فلم يحفِل |
لا فضلَ في الصبرِ لمستسلمٍ | عي عن الفعلِ فلم يفعَلِ |
عِشرونَ عاماً لم تَحُل حالتي | ما أشبه الآخرَ بالأَوّلِ |
أغدُو إلى المَعمل في شَملَةٍ | خَرقَاءَ لم تَكسُ ولَم تَشمَل |
تنمُّ عن جِسمي كما نَمّ عَن | نَفسِي غزيرُ المدمَع المُرسَلِ |
كأنَّها بُرقعُ مِصريةٍ | لا يَحجُبُ الوجه عن المُجتلى |
يميلُ بي الهمُّ مَمِيلَ النَّقَا | بين جنوبِ الرّيح والشَمأَل |
فمن رآنِي ظنَّ بي نشوةً | أجل بكأسِ الحُزنِ لا السّلسَل |
أَقضى نهاري مُقبلاً مُدبراً | كأنَّني الآلةُ في المَعمل |
وصاحبُ المَعمل لا يرتَضي | منِّي بِغَيرِ الفادِح المُثقِل |
فإِن شكوتُ النَّزر مِن أُجرةٍ | برَّح بي شتما ولم يَجمُل |
حتَّى إذا عدتُ إلى مِنزلي | وجدتُ سوءَ العَيشِ في المنزلِ |
أرى أيامي يَشتكينَ الطَّوى | إلى يتامى جُوَّعٍ نُحَّلِ |
أبيتُ والأجفانُ في سُهدها | كأنَّما شُدَّت إلى يَذبُلِ |
بين صغارٍ سُهَّدٍ في الدجى | يُذرون دمع الثاكِل المُرمِل |
بين ضعيفِ الخطوِ لم يَعتَمد | وشاخص في المهد لم يحول |
يدعون أما تتلظى أسى | حذارَ يوم الحادث المثكل |
ووالداً عيا بإسعافهم | في العيش عي الفارس الأعزلِ |
ما زال ريب الدهر ينتابني | بالمعضل الفادح فالمعضلِ |
حتى رماني بالتي لم تدع | إلا بقايا الروح في هيكَلِ |
فها أنا اليومَ طريحُ الضنى | وليس غيرَ الصبر من معقل |
في لفحةِ الرمضاءِ لا أتقي | وهبةِ النكباءِ لا أصطلي |
هذا هو البؤسُ فهل من فتىً | تم له في البؤس ما تم لي |
فيا قرير العين في دهره | عش ناعماً في جدكِ المُقبلِ |
واسقِ مواتي قطرةً فَذَّةً | من بينِ ذاك العارضِ المُسبلِ |
وارحم صغاراً كفراخ القطا | من نادِبٍ حولي ومن مُعوِلِ |
أحسِن إليهم بحياتي وفُز | فيهم بأجر المنعم المفضِلِ |
قد بح صوتي وانقضى خاطري | ونالَ ذاك النحسُ من مقولي |