نسيم عبيرٍ في غلالة ماءِ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
نسيمُ عبيرٍ في غلالة ماءِ | وتمثال نورٍ في أديم هواءِ |
حكى لؤلؤاً رطباً مغشىً بجوهرٍ | مصفَّىً لفرطي رقَّةٍ وصفاءِ |
لقد رحم الرحمنُ رقَّةَ جسمِه | فجلله من نورِه برداءِ |
برى ملكوت الحسن في جبروته | فمن نورِ نورٍ في ضياءِ ضياءِ |
تسربل سربالاً من الحُسن وارتدى | ردائي جمالٍ طُرِّزا ببهاءِ |
تحيرتُ فيه لستُ أحسِن وصفَهُ | على أنني من أوصَف الشعراءِ |
فلو أنه في عهد يوسف قُطِّعَت | قلوبُ رجالٍ لا أكفُّ نساءِ |
يدير إداراتٍ بسيفَي لحاظه | فيقتلنا من غير سفك دماءِ |
له حركات تنثر الشكل بينها | إشارات لطفٍ واتِّقاد ذكاءِ |
تلألأ كالدرِّ النقيِّ بشاشةً | وشُرِّب خدّاه عقيقَ حياءِ |
له غُرَّة من تحت شَعرٍ كأنَّه | تبلُّجُ صبحٍ تحت جنح مساءِ |
فأحسبه من حور عينٍ وإنّما | أتى هارباً في خلسة وخفاءِ |
فلم أره إلا التَفَتُّ توقُّفاً | لرضوان خوفاً أن يكون ورائي |
سيُؤخَذ منّا ليس رضوان تاركاً | على الأرض حوريّاً ربيب سماءِ |
تَقَطَّع في فيّ اسمُهُ إذ ذكرتُه | بتقطيع أنفاسي له الصُّعَداءِ |
فيا ميمَ مولايَ ويا ظاء ظالمي | ويا فاءَ فوزي ثم راء رجائي |
فديتكَ مَن هذي الصفاتُ صفاتُه | من الحُسن لِم يَلقى بقبح لقاءِ |
أمِن أجل ذاك الوغد أظهرتَ حشمةً | ومَن ذاك حتى تتّقي وتُرائي |
وما أُلفَة الأُلاف عاراً فتُتَّقى | وليس الهوى عيباً لدى الظرفاءِ |
تُرى غُيِّرت عن عهدها تربة الهوى | فأخرج بذرُ الوصل زرعَ جفاءِ |
تكدَّرت الدنيا عَلَيَّ لأنَّني | تأمَّلتُ تكديراً بماء صفاء |
ولم أشتغل عن حُسن وجهك إذ بدا | تقطُّبُه إلا بحُسن عزاءِ |
ولمّا رأيتُ الغدرَ زانك في الهوى | رجعتُ وصبري عَبدُ مالكِ رائي |
فيا نفس صبراً إن تَعِيشي تُظَفَّري | وإن متِّ وجداً كنتِ في الشهداءِ |
فإن حببي مَن يحبُّ تَنَعُّمي | وليس حبيبي مَن يحبُّ شقائي |
إذا ما لقيتُ البؤسَ عند أحبَّتي | تُرى عند أعدائي يكون رجائي |
ولن يُرتَجى نصرٌ ولا كشف غُلَّةٍ | إذا جاء داءٌ من مكان دواءِ |
إلى الماء يسعى مَن يغصُّ بأكلةٍ | فقل أين يسعى من يغصُّ بماءِ |
لك العفو عمّا قد مضى ولك الرِّضى | ولي أن تُوَفِّي لي حقوق وفاءِ |
تعالَ نكاتم عتبَنا وعتابنا | لنَأمَنَ تخليطاً من الخلطاء |
ولا تسقني ماءَ الوصال مُكدَّراً | بتحريضهم دَعني أمت بظَماءِ |
وكلّ يجرُّ النارَ حرصاً لقرصه | وكلّ بمكرٍ خادعٌ ودهاءٍ |
رضوا من معاصيهم بتشنيع تهمةٍ | فان فات شبعٌ طرمذوا بجُشاءِ |
تَسَمّى بأسماء الإخاء معاشرٌ | وما عندهم من ذمَّةٍ لإخاءِ |