لا شيء أحسن من إلفَينِ قد قسما
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
لا شيء أحسن من إلفَينِ قد قسما | حسنَ الرعاية والإخلاص بينهما |
تقاسما الحسن والإحسان فامتزجا | على الصفات فصارا في الهوى عَلَما |
كأنَّما قلمٌ قد خطَّ شكلَهما | بل كان ذلك لطفَ اللَه لا قلما |
ترى الفكاهة والآداب بينهما | حدائقاً ورياضاً تنبت الحِكَما |
قد أُعطِيا من فنون الشكل ما اشتهيا | وحُكِّما في صروف الدهر فاحتكما |
وحين يسلم هذا يزدهي فرحاً | لعِلمِه أنَّ مَن يهواه قد سلما |
لو حُرِّكا انتثرا شكلاً وإن نطقا | تناثرا لؤلؤاً نظماً وما نُظِما |
صار الحفاظُ لعين العيب مُتَّهِماً | فلن ترى منهما بالعَيب مُتَّهَما |
تراضَعا بوفاءٍ كان عيشهما | منه ولو فُطِما ماتا وما انفطما |
كأنَّ رُوحَيهما روح فأنت ترى | وهميهما واحداً في كلِّ ما وَهِما |
وليس يحلم ذا حلماً برقدته | إلا وهذا بذاك الحلم قد حلما |
أعجبْ بإلفَينِ لو بالنار عُذِّبَ ذا | وذاك في جنَّة الفردوس قد نعما |
لكان ينعم هذا من تنعُّم ذا | وكان يألم هذا ذلك الألما |
حُسن اتِّفاقٍ بظهر الغيب بينهما | في كلِّ حالٍ تراه الدهرَ ملتئما |
لو مسَّ ذا سَقَمٌ قامت قيامتُه | لعِلمه أنَّ مَن يهواه قد سقما |
كذا يكون وداد الأصفياء كذا | تصفو القلوبُ فيجلو نورُها الظُّلَما |
سَقياً لإلفَين لو هَمّا بمَقلِيَةٍ | ما همَّ أن يبلغا من حيرةٍ نَدَما |
تشاكلا في دوام العهد فائتلفا | والختل والغدر من هذا وذا عَدِما |
استخلصا خلوات الأُنس بينهما | محضاً فلو أبصرا ظلَّيهما احتشما |
لو خُلِّيا سرمدَ الدنيا قد انفردا | عند التغازل ما مَلّا وما بَرِما |
ولا أرادا اعتزالاً طول عمرهما | كأنما شَرِبا من ذا وقد طَعِما |
يلتذُّ هذا لشكوى ذا ويَعلَمه | وفي التذاذهما تصديق ما عُلِما |
كلٌّ له حَرَمٌ من صون صاحبه | ولن يُصاد مصونٌ يألف الحَرَما |
فكلُّ ما فعلا قبل اعتصامهما | بالودِّ قد طهرا منه مذ اعتصما |
كالجاهليَّة بالإسلام قد غُسِلت | ذنوبُها ونفى الإسلامُ ما اجتُرِما |
صار الهوى لهما دِيناً فصانهما | عن المساءة ما عِيبا ولا اتُّهِما |
إنَّ المُحبين إن داما على ثقةٍ | تَهنَّيا العيشَ والدنيا صفت لهما |
كُلٌّ لصاحبه تُبلى سرائرهُ | بكلِّ ما أظهرا من بعد ما كتما |
فللمحبِّينَ في صفو الهوى نِعَمٌ | إن يشكروهنَّ يزدادوا بها نِعَما |
يا ربّ إنَّ الهوى لا كاد يحمله | إلا الكرام فزِد أهلَ الهوى كرما |