ما زِلتُ أَسمَعُ أَنَّ المُلوكَ
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
ما زِلتُ أَسمَعُ أَنَّ المُلوكَ | تَبني عَلى قَدرِ أَخطارِها |
وَأَعلَمُ أَنَّ عُقولَ الرِجا | لِ يُقضى عَلَيها بِآثارِها |
فَلِلرومِ ما شادَهُ الأَوَّلونَ | وَلِلفُرسِ مَأثورُ أَحرارِها |
فَلَمّا رَأَينا بِناءَ الإِمامِ | رَأَينا الخِلافَةَ في دارِها |
وَكُنّا نَعُدُّ لَها نَخوَةً | فَطَأمَنتَ نَخوَةَ جَبّارِها |
وَأَنشَأَتَ تَحتَجُّ لِلمُسلِمينَ | عَلى مُلحِديها وَكُفّارِها |
بَدائِعَ لَم تَرَها فارِسٌ | وَلا الرّومُ في طولِ أَعمارِها |
صُحونٌ تُسافِرُ فيها العُيونُ | وَتَحسِرُ عَن بُعدِ أَقطارِها |
وَقُبَّةُ مُلكٍ كَأَنَّ النُجو | مَ تُفضي إِلَيها بِأَسرارِها |
تَخِرُّ الوُفودُ لَها سُجَّداً | إِذا ما تَجَلَّت لِأَبصارِها |
إِذا لَمَعَت تَستَبينُ العُيو | نُ فيها مَنابِتَ أَشفارِها |
وَإِن أوقِدَت نارُها بِالعِرا | قِ ضاءَ الحِجازَ سَنا نارِها |
لَها شُرُفاتٌ كَأَنَّ الرَبيعَ | كَساها الرِياضَ بِأَنوارِها |
نَظَمنَ الفُسَيفُسَ نَظمَ الحُلِيِّ | لِعونِ النِساءِ وَأَبكارِها |
فَهُنَّ كَمُصطَبِحاتٍ بَرَزنَ | بِفِصحِ النَصارى وَإِفطارِها |
فَمِنهُنَّ عاقِصَةٌ شَعرَها | وَمُصلِحَةٌ عَقدُ زُنّارِها |
وَسَطحٍ عَلى شاهِقٍ مُشرِفٍ | عَلَيهِ النَخيلُ بِأَثمارِها |
إِذا الريحُ هَبَّت لَها أَسمَعَت | غِناءَ القِيانِ بِأَوتارِها |
وَفَوّارَةٍ ثَأرُها في السَماءِ | فَلَيسَت تُقَصِّرُ عَن ثارِها |
تَرُدُّ عَلى المُزنِ ما أَنزَلَت | عَلى الأَرضِ مِن صَوبِ مِدرارِها |
لَوَ اَنَّ سُلَيمانَ أَدَّت لَهُ | شَياطينُهُ بَعضَ أَخبارِها |
لَأَيقَنَ أَنَّ بَني هاشِمٍ | يُفَضِّلُها عُظمُ أَخطارِها |
فَلا زالَتِ الأَرضُ مَعمورَةً | بِعُمرِكَ يا خَيرَ عُمّارِها |
تَبَوَّأتُ بَعدَكَ قَعرَ السُجونِ | وَقَد كُنتُ أَرثي لِزُوّارِها |