وهُنالكَ، |
حيثُ يلوذُ القلبُ بذكراهُ الأولى .. |
باللَّهْفَةِ للقافِيةِ البِكْرِ ، |
وبالجذعِ الشّامِخِ في الصَّحْراءْ. |
تحتَ سماءٍ، |
تحْجِبُها أشجارُ الثَّلْجِ |
تَوَسَّدْتُ الوَحْشَةَ |
بين النارِ وبين الماءْ. |
تغفو عينايَ على جِذْعٍ |
في الغُرْبَةِ لا يَعْرِفُني، |
ويباغِتُني الصَّمْتُ بصوتٍ، |
يهتفُ في أُذُنَيَّ تَأَخَّرْتَ كثيراً .. |
عبثاً هذا القلبُ |
يطاردُ حبّةَ رملٍ |
تحملها الرّيحُ |
وقد غابَ السّاحِلُ والميناءْ. |
يا وطناً |
غيّبهُ البحرُ وراء البحرِ |
أراك بقلبيَ طِفْلاً .. |
يحملُ في كفَّيْهِ الشَّمْسَ |
وأُماًّ ، |
في زاويةِ البابِ تُوَدِّعُني. |
وقصيدةَ شِعْرٍ |
سطَّرَها الدّربُ على زُوّادَةِ دَرْبي. |
ياوطناً ، |
غَيَّبَهُ البحرُ وراء البحرِ |
أراك بقلبي. |
تنفضُ عن كَتِفَيَّ غُبارَ الغُربةِ، |
تَنْضَحَ ماءَ الوردِ على وجهي، |
وتُخَضِّبُ رأسيَ بالحِنّاءْ. |
وطني، |
يا أفصحَ ملحمةٍ خرساءْ. |
وطني، |
يا أصدقَ لحنٍ في الكونِ |
ويا أعذبَ ماءْ. |
يانخلةَ مريمْ |
ياقبرَ ابنِ العاصْ |
يابحرَ عمانْ |
ياجبلَ الطورِ ويابغدادَ وياصنعاءْ. |
حسبي في هذا العرسِ الشّوقْ. |
ماجئتُ لكي أشربَ نخبَ الوهمِ، |
فقد آثرتُ الغُربةَ |
حتى يوصلَ هذا الطّوقْ. |
حتى تنطلقَ الناقةُ من مَعْقِلِها |
تطوي الأرضَ |
مُحَمَّلةً بِلبانِ ظَفارْ. |
وتعودُ تُفتِّشُ عن ذاك الرّقَمِ الساقِطِ فينا |
لتُعيدَ القيمةَ للأصفارْ. |
منذ سنينَ ، |
وخيمتُنا مطفأةُ العينينِ |
على دربِ وبارْ. |
غارقةٌ في الصّمتِ الأعجمْ. |
مبهمةٌ كالقَدَرِ المُبهمْ. |
شامخةٌ في غاربِ سفحٍ ينهارْ. |
ياسوقَ عُمانَ |
لقد نَفَقَتْ قافِلَةُ التُّجَّارْ. |
ياأهلَ عُمانَ لقد طَلَعَ الفَجْرُ |
ولم نَشْتَمَّ دُخانَ السَّمْرْ |
من أَطْفَأَ تلكَ النّارْ ؟ |
من جاءَ بأصنامِ قريشَ |
إلى هذا السّاحِلْ ؟ |
من ساقَ إليها النّخلَ قرابينَ |
لكي يُنْحَرَ فَجْراً |
بخناجِرِ أهلِ الرّدّةْ ؟ |
من خَصَّ ابنَ الهيجاءِ بنيشانِ النَّصْرِ |
لموقعةٍ لم تولدْ بعدُ |
تُسَمّى طُنْبُ الكُبْرى ؟ |
من عَلَّمَ بُطْرُسَ هذا |
فنّ القرصنةِ الدّوليةْ ؟ |
ليحاصرَ قافلةَ ابنِ عميرٍ |
خلفَ متاريسِ الصّومال. |
أذِّن في هذا البحرِ الرّاكِدِ |
يامُصْعبُ |
أن الحربَ صليبِيّةْ. |
وجياعُ القرنِ الأفريقيِّ |
تُدَجَّنُ تحتَ مخالبِ كلبِ الرّومْ. |
أذِّن يا مُصْعَبُ، |
علَّ البَحرَ الرّاكِدَ هذا يَغضبُ |
أوْ ينتفضَ النَّهْرُ |
هنالِكَ في الخُرطومْ. |