خَيالٌ مِنَ النائي الهَوى المُتَبَعِّدِ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
خَيالٌ مِنَ النائي الهَوى المُتَبَعِّدِ | سَرى فَسَرى عَنهُ عَزيمُ التَجَلُّدِ |
دَعا وَطَراً حَتّى إِذا ما أَجابَهُ | أَطافَ بِمَطروفِ الجُفونِ مُسَهَّدِ |
فَباتَ يُناجي النَجمَ حَتّى كَأَنَّما | يُخالِسُ عَينَيهِ الكَرى لَيلُ أَرمَدِ |
إِذا أَمكَنَ السُلوانُ حَبَّةَ قَلبِهِ | ثَنى شَوقَهُ سَهمانِ ريشا بِإِثمِدِ |
يُطالِعُهُ وَجهُ العَزاءِ وَتَرتَمي | بِهِ صَبوَةٌ في شَأوِ غَيرِ مُسَدَّدِ |
إِذا أَلِفَ النَومُ الجُفونَ تَقَسَّمَت | كَراهُ تَباريحُ الهَوى المُتَجَدِّدِ |
مَلامَكِ إِنّي لَم أُعَنِّف مَلامَةً | تَراءَت بِنُصحٍ مِن ضَميرِكِ فَاقصِدي |
أَتى دونَ عَزمِ المَرءِ هَمٌّ مُبَرِّحٌ | وَقَلبٌ لَهُ إِن يَعرِضَ الشَوقُ يَكمَدِ |
وَسِربٌ مِنَ الأَشجانِ يُطوى لَهُ الحَشى | عَلى شَرقٍ مَن يَلقَهُ يَتَبَلَّدِ |
بَعَثنَ إِلى خُلّانِهِنَّ تَحِيَّةً | بِأَلحاظِ أَبصارٍ شَواهِدَ جُحَّدِ |
فَلَمّا اِشرَأَبَّت صَبوَةٌ وَمَشى الهَوى | بِهِنَّ وَخَيَّفَت بَوحَةُ المُتَجَلِّدِ |
صَفَحنَ قِياماً فَاِستَقَلَّت نُحورُها | بِمُنقَدَّةٍ عَنها الجَلابيبُ نُهَّدِ |
عَشِيَّةَ وَلَّت رَوعَةُ الشَوقِ وَاِنطَوى | بِشاهِدِهِ باقي اِعتِزامي وَمَفنَدي |
أَفاءَت لَهُ الأَرصادُ حِلماً فَرَدَّهُ | إِلى عَزمَةٍ مِن واجِدٍ مُتَلَدِّدِ |
يَكيدُ بِهِ كِتمانَ صادِقَةِ الهَوى | غُروبٌ بِأَسرابٍ مِنَ الدَمعِ حُشَّدِ |
إِلَيكَ أَمينَ اللَهِ ثارَت بِنا القَطا | بَناتُ الفَلا في كُلِّ ميثٍ مُسَرَّدِ |
أَناخَت بِكَ الأَسفارُ وَالبيدُ أَينُقاً | رَمَتكَ بِها آمالُ غافينَ وُفَّدِ |
أَخَذنَ السُرى أَخذَ العَنيفِ وَأَسرَعَت | خُطاها بِها وَالنَجُم حَيرانُ مُهتَدِ |
فَلَمّا اِنتَضى اللَيلُ الصَباحَ وَصَلنَهُ | بِحاشِيَةٍ مِن فَجرِهِ المُتَوَرِّدِ |
لَبِسنَ الدُجى حَتّى نَضَت وَتَصَوَّبَت | هَوادي نُجومُ اللَيلِ كَالدَحوِ بِاليَدِ |
يَكونُ مَقيلُ الرَكبِ فَوقَ رِحالِها | إِذا مَنَعَت لَمسَ الحَصى كُلُّ صَيخَدِ |
وَقاطِعَةٍ رِجلَ السَبيلِ مَخوَفَةٍ | كَأَنَّ عَلى أَرجائِها حَدَّ مِبرَدِ |
عَزوفٌ بِأَنفاسِ الرِياحِ أَبِيَّةٍ | عَلى الرَكبِ تَستَعصي عَلى كُلِّ جَلعَدِ |
يُقَصِّرُ قابَ العَينِ في فَلواتِها | نَواشِزُ صَفوانٍ عَلَيها وَجَلمَدِ |
مُؤَزَّرَةٍ بِالآلِ فيها كَأَنَّها | رِجالٌ قُعودٌ في مَلاءٍ مُعَضَّدِ |
إِذا الحَرَكاتُ هِجنَها وَقفَ الصَدى | عَلى نَبَزاتٍ مِن أَهازيجِ هُدهُدِ |
تَناوَلتُ أَقصاها إِلَيكَ وَدونَهُ | مَقَصٌّ لِأَعناقِ النِجاءِ العَمَرَّدِ |
بِوَجناءَ حَرفٍ يَستَجِدُّ مِراحَها | مِراحُ السُرى وَالكَوكَبِ المُتَوَقِّدِ |
إِذا قَدَحَت إِحدى الحَصا قَذَفَت بِها | فَتَقذِفُ في أُخرى وَإِن لَم تَعَمَّدِ |
أَقَلَّت إِلَيكَ الناجِداتُ مُعَرِّساً | عَلى أَمَلٍ جَوّابَ بَيداءَ قَردَدِ |
تَراءَت لَهُ الأَحداثُ حَتّى إِذا اِقتَنى | رَجاءَكَ صَدَّت عَنهُ عَن قُربِ مَعهَدِ |
وَقَفتَ عَلى النَهجِ الظُنونَ فَصَرَّحَت | وَأَدّى إِلَيكَ الحُكمَ كُلُّ مُشَرَّدِ |
إِذا اِختَلَفَت أَهواءُ قَومٍ جَمَعتَهُم | عَلى العَفوِ أَو حَدِّ الحُسامِ المُهَنَّدِ |
إِذا اِنجَحَروا جَلّى بِخَوفٍ عَلَيهِمُ | وَإِن أَصحَروا كانوا فَريسَةَ مُرصِدِ |
بِكُلِّ سَبوحٍ في العَجاجِ كَأَنَّما | تَكَنَّفَ عِطفَيها جَناحا خَفَيدَدِ |
إِذا هُنَّ غامَسنَ الدُجى بِغَنيمَةٍ | قَسَمنَ السُرى في كُلِّ سَهلٍ وَأَجلَدِ |
كَأَنَّ أَكُفَّ القَومِ مَثنى وَمَوحَدا | تَعاطَينَ جادِيّاً عَلى ظَهرِ قَرمَدِ |
تَحَيَّوا بِأَطرافِ القَنى وَتَعانَقوا | مُعانَقَةَ البَغضاءِ غَيرَ التَوَدُّدِ |
وَفاجَأتَهُ قَبلَ الوَعيدِ بِحَتفِهِ | وَقَد عَجَزَت عَنهُ عَسى وَكَأَن قَدِ |
وَخافَكَ حَتّى صارَ يَرتابُ بِالمُنى | وَيُتهِمُ نَجوى النَفسِ عِندَ التَوَحُّدِ |