إذا أتيتُ لِلِّقَاء في مساء غدْ |
لا تطلبي الحديث من سكوتى الطويل |
لا تطلبي من حزنى العميق أن يرُدْ |
لأنما ستلمحينني أدور في السماء بالعيون |
وما عرفت ما أقول بعد ! |
لا تتركي ارتباكك الحزين في ملامحك |
وترتمي ظلاله بوجهك الجميل |
بوجهك المضاء بالعذاب دون حد ! |
إن تلمحي عوالم الأسى بمقلتي تُمَد |
أرثي بها تهشم الحياة خلفنا |
مودعاً ضياعها إلى الأبدْ |
فقط تلمسي أصابعي براحتك |
وحاولي أن تمنحي تعاستي ابتسامةً بِوِدْ . |
... |
لا تعلمين أنت أن حزنى الغريب إن يزورني |
يقودُ خطوتي |
يسير بي إليك دائماً بغير قصد ! |
أمضي بدربك الطويل شارداً |
والناس من حولي كأنها ظلال |
أشباحها تطل باكتئابها المخيف |
تحيطني فأرتعد ! |
ألوذ بالفرار |
أحاول الهروب في مدينةٍ فضاؤها بنايةٌ وسَدْ ! |
لكنَّ طيف وجهك الجميل |
يلوح بالمدى |
يزيح من أمامى البناء والسياج |
ويمنح ابتسامةً لوجهى الكليل |
فترتمي رحابةٌ بغير حدْ. |
... |
عيناك لحظة اللقاء |
عرسان من أسى ومن شقاء |
تحاولان لمس عالم الضياء والأنوار |
لكنما السواد في العيون يستبد ! |
... |
ها نحن في طريقنا معاً |
الليل والزحام والأضواء مهرجان |
ونحن هاربان من جنون هذه المدينة / الجحيم |
نطل في مسوخها الشوهاء |
هذه التي تسير في دروبها بلا عدد ! |
لكنني نظرت في عينيك باسمًا |
( والحزن في العيون يلتقي فيتحد ) ! |
ووقتها شعرت أنني سعيد |
أن الحياة أقبلت من بعد طول صد |
حلمت لو نسير تاركين بؤسنا وراء خطونا |
لو نستطيع الانفلات من طاحونة الحياة خلفنا ولم نعد ! |
حلمت لو عرفت أن أقول كم أحبكِ |
ولو قدرت أن أزيح صمتى الطويل كي أرد |
حلمت .. كم حلمت ! |
وعندما مضيت آخر المساء |
همست في قرارة السكون في الأعماق : |
"لربما أقول كل ما أريده مساء غدْ " ! |