إلى الشباب السوري..
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
حيِّ الصفوفَ لرأبِ الصدعِ تجتمعُ | وحيِّ صرخةَ أيقاظٍ بمن هجعوا |
إنَّ الشبابَ جنودَ اللهِ ألَّفهمْ | في " الشامِ " داعٍ من الأوطانِ مُتَّبع |
مَشوا على خَطوهِ تنحطُّ أرجلُهمْ | كما اشتهى " المثلُ الأعلى " وتَرتفع |
" دِمَشقُ " لم يُبق منكِ الدهرُ باقيةً | إلاّ الذي في توَقي غيرِه ضَرَع |
ولو أردتُ بكِ التقريع عن مِقَةٍ | لقلتُ : أنفُكِ رغمَ العزِّ مُجتدع |
فما انتظارُكِ مَيْتاً لا ضميرَ لهُ | حزماً فلا الخوفُ ذو شأنٍ ولا الطمع |
نُبِّئتُ في " الغُوطةِ " الغنّاءِ عاصفةٌ | تكادُ تجتثُّ ما فيها وتَقتلع |
مرَّتْ على " بردى " فالتاثَ مَوردهُ | وبالغياضِ فلا حُسنٌ ولا مَرَع |
فقلتُ : لاضيرَ إنْ كانت عجاجتُها | عن غضبةِ البلدِ المسلوبِ تنقشع |
وهل سوى مُتَعٍ زالتْ ستخلِفُها | مُخَّلداتٍ . حِساناً . خُرَّداً . مُتَع |
أمَّ البلادِ التي ما ضيِم نازِلُها | يوماً . ولم يَدْنُ منها العارُ والهَلع |
محميَّةً بالأصمِّ الفردِ تحرُسُه | غُلْبُ الرِّجالِ على الآجالِ تقترع |
مثلَ " النسورِ " إذا ما حلَّقوا رهبوا | والموتُ ملءُ خوافيهم إذا وقعوا |
الحاسِرونَ كنبعِ السروةِ احتفَلوا | بالنازلاتِ فلا التاثوا . ولا ادَّرعوا |
والرابضونَ كآسادِ الشرى فاذا | هِيجوا رأيتَ المنايا كيف تندفع |
لا ينطقونَ الخّنا حتى إذا اقتَتلوا | فمنطِقُ الفتكِ منهم منطقٌ قَذَع |
دِمَشقُ يا " أمُّ " إنَّ الرأيَ مُحتَفلٌ | والعزمَ مُحتتشَدٌ . والوقتَ مُتسِع |
قولي يُجبْ شاحِنُ الأضلاعِ مرتقِبٌ | واستصرخي ينتفضْ غَيرانُ مُستمع |
وأجمعي الأمرَ .. نُجمِعْ لا يُفرِّقنا | أأنتِ .. أمْ نحنُ فيما ينبغي تَبع |
وطوعَ أمركِ أجنادٌ مجنَّدةٌ | إلى " العُروبِة " بعد اللهِ تنقطع |
يُغنيكِ عن وصف ما يَلقونَ أنهمُ | خوفاً عليكِ ، ولمَّا تُفجعي ، فُجعوا |
وقد يكونُ قريباً أنْ ترى " حلبٌ " | خيلَ العراقِ قُبيلَ النجعِ تنتجع |
"قُبّاً " شوازبُ لا تُلوى شكائمُها | ولا يرينُ على " تقريبه " الضلَع |
ثقي " دِمَشقُ " فلا حدٌّ ولا سِمةٌ | ولا خطوطٌ – كلعبِ الطفلِ – تُبتدع |
تُقصيكِ عن أرضِ بغدادٍ ودجلتها | أمَّا الفراتُ فنبعٌ بيننا شَرع |
إذا " الجزيرةُ " روَّت منه غُلَّتها | روَّى الغليلَ الفراتيونَ وانتقعوا |
جرى على الكأسِ والأنباءُ مُفجِعةٌ | دمعٌ هو القلبُ نحوَ العينِ يَندفع |
وارتاحَ للبثِّ " خِدنٌ " كادَ يَخنقه | ذكرى " دمشقَ " وما تلقى وما يَقع |
فقلتُ : ليتَ " فرنسا " ها هُنا لترى | كيف القلوبُ على الأرزاءِ تَجتَمع |
هذي مباهجُ " بغدادٍ " ونشوتُها | وجداً عليكِ . فكيف الحزنُ والهلع |
دارتْ دمشقُ بما اسطاعتْ فما قدرت | على سياسةِ خبّ داؤها الجشَع |
كانت " أناةٌ " فلم تَنجع .. ولا جنَفٌ | وكانَ ريثٌ فلم ينفعْ .. ولا سرَع |
بعدَ الثلاثينَ عاماً وهي رازحةٌ | حسرى .. تطلَّعُ للماضي وترتجع |
كانت محافِلُ " باريسٍ " لها سنَداً | واليومَ منها يحين الحَينُ والفزع |
" اليومَ " ضاقتْ بشكواها وآهتِها | و " أمسِ "كانت على " عثمانَ " تتسع |
حتى كأنْ لم يكنْ للعُربِ مطَّلبٌ | ولا استقلَّ بحملِ القومِ مضطلِع |
ولا مشتْ " بُرُدٌ " والموتُ يحملها | ولا سعتْ " رُسلٌ " والموتُ يتَّبع |
ولا المشانقُ في أعوادِها ثمرٌ | غضٌّ منَ الوطنِ المفجوعِ يُقْتطع |
لئن تكن خُدَعٌ ساءتْ عواقبها | فكم أنارتْ طريقاً مُظلِماً خُدَع |
كانتْ دُروساً لسوريا وجيرتِها | من فرطِ ما طبَّقوها فيهمُ برعوا |
يا ثورةً قرَّبَ الظلمُ اللِّقاحَ بها | سيلمسُ المتجِّني شرَّ ما تضع |
قالوا : السياسةُ شرعٌ ما به نصفٌ | فهل تكونُ جنوناً ما به وَرَع ..؟ |
وهل يُريدونَ بعدَ اليومِ تجربةً | وفي تذكُّرِ ما قد فاتَ مُرتَدَع |
قلبَ العُروبةِ هل بُشرى نُسرُّ بها | أنَّ " السُّويداءَ " بُرْءٌ ما به وجع |
و " اللاذقيةُ " هل " ربٌّ " يقوم بها | أم ربُّها العَلمُ المحبوبُ يرتفع |
وفي " الجزيرةِ " هل زالت وساوسُها | وهل توَّحدتِ الآراءُ والشِّيَع |
يا " جنَّةَ الخُلدِ " لو لم يؤذِ نازلها | ضيفٌ ثقيلٌ عليها ، وجهُه بَشع |
بادي المخالبِ " وحشٌ " لم يلدهُ أبٌ | لكنَّه في ديارِ الغربِ مُختَرَع |
" دمَشقُ " إنَّ معي قلباً أضيقُ به | يكادُ من خلجاتِ الشوقِ ينخلع |
جمَّ النزيِّ .. إلى مغناكِ مُتَّجهٌ | كأنه من رُباكِ الخُضْرِ مُنتزَع |
ناغي خيالُكِ " أطفالي " فيقظتُهم | ذكرى ، وطيفُكِ مغناهم إذا هجعوا |
" فراتُ " أشبهُ كلِّ الناسِ بي ولعاً | فيما أُحِبُّ .. تبنَّاهُ بكِ الوَلع |