شهيد ميسلون
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
هبذ الكميّ على النفير الصّادح | مهلا ! فديتك ، ما الصّباح بواضح |
أيّ الملاحم بين أبطال الوغى | فجئتك بالشوق الملحّ البارح |
فقضيت ليلك لا هدوء و لا كرى | و وثبت في غسق الظّلام الجانح |
و الشّرق من خلف الجبال غمامة | حمراء ترعش في وميض لامح |
سلت حراب البرق فوق سمائه | هوجاء تنذر بالقضاء الجائح |
هي صيحة الوطن الجريح و أمة | هانت على سيف المغير الطّامح |
قرنت بحظّك حظّها فتماسكت | ترعى خطاك علر ربى و أباطح |
في موكب الفادين مجد أميّة | بجوانح مشبوبة و جوارح |
لو قستهم بعدوّهم و سلاحه | أيقنت أنهمو فريسة جارح |
الخائضون الفجر بحر مصارع | السّابحون على السّعير اللافح |
النّاهضون على السّيوف و تحتها | شتّى جماجم في التّراب طرائح |
الرّابضون على الحصون خرائبا | مهجا تضرّم في حطام صفائح |
صرعى ولو فتّشت عن أجسادهم | ألفيت ، ما ألفيت غير جرائح |
يا ميسلون شهدت أيّ رواية | دموية ، و رأيت أيّ مذابح |
و وقفت مثخنة الجراح بحومة | ماجت بباغ في دمائك سابح |
تتأملين دمشق يالهوانها ! | ذات الجلالة تحت سيف الفاتح ! |
جرّت حديد قيودها و تقدّمت | شمّاء من جلاّدها المتصايح |
نسيت أليم عذابها و تذكرت | في ميسلون دم الشّهيد النّازح |
من هبّ في غسق الظلام يحوطها | بدراع مقتتل و صدر مكافح |
و تسمّعت صوتا كان هتافه | يا للحبيب المحب لبائح ! |
أمّاه ! خانتني المقادر فاغفري | قدري ، و إن قلّ الفداء فسامحي ! |
*** | |
فيحاء إن نصّت حواليك القرى | أعلامها فتزيّنت بمصابح |
و تواكب الفرسان فيك و أقبلوا | بالغار بين عصائب و وشائح |
و شدا الرعاة الملهمون و أغرقوا | أبهاء ليلك في خضمّ مفارح |
أقبلت بين صفوفهم متقرّبا | بأواهري ، مترنما بمدائحي |
حيث الشّهيد رنا لمطلع فجره | و رأى الغمائم في الفضاء الفاسح |
و تلفّتت لك روحه فتمثلت | وجه البطولة في أرقّ ملامح |
حيث الرّبى في ميسلون كأنّما | تهفو إليه بزهرها المتفاوح |
و كأنما غسلته بغدادية | بدموع ملك في ثراك مراوح |
اسعى إليه بكل ما جمعت يدي | و بكلّ ماضمّت غليه جوانحي |
و هو الجدير بأن أحيّي باسمه | في الشرق كلّ مناضل و منافح |
من كلّ حرّ ، نافض مما اقتنى | يده ، و وهّاب الحشاشة مانح |
أو كلّ فاد بالحياة عشيره | لا القول في خدع الخيال السّانح |
*** | |
قل للدعاة المحسنين ظنونهم | بالغرب ماذا في السّراب لماتح ؟ |
لا تغرينكمو وعود محالف | يطأ الممالك بادّعاء مصالح |
تمضي السنون و أنتمو من وعده | تتقبلون على ظهور أراجح |
و الله لو حسر القناع لراعكم | قبر أعدّ لكم و خنجر ذابح |
من كلّ مصاص الدّماء منوّم | يدعى بمنقذ أمة و مصالح ! |
يا يوسف العظمات غرسك لم يضع | و جناه أخلد من نتاج قرائح |
قم لحظة و انظر دمشق و قل لها | عاد الكميّ من النّفير الصّادح |
و دعاك يا بنت العروبة فانهضي | و استقبلي الفجر الجديد و صافحي ! |