البحر و القمر
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
تساءل الماء فيك و الشّجر | من أين يا كان هذه الصّور ؟ |
ألبحر و الحور فيه سابحة | رؤى بها بات يحلم القمر ! |
أطلّ و الضوء راقص غزل | دعاه قلب ، و شاقه بصر |
يهمس فيما يراه فتن | آلهة هؤلاء أم بشر ؟ |
يقفز من لجّة إلى حجر | كأنّما مسّ روحه الضّجر |
معربدا لا يريم سابحة | إلاّ و منه بثغرها أثر |
من كلذ حواء مثلما خلقت | يعجب منها الحرير و الوبر |
ألقته عنها رقائقا و نضت | جسما تحامى نداءه القدر |
في حانة ما علت بها عمد | و لا استوى في بنائها حجر |
جدرانها الماء ، و السّملء لها | سقفة ، و النّسائم و السّتر |
خمّارها منشد ، و سامرها | حور تلوّى ، و فتية سكروا |
لم تبق في الشّطّ منهمو قدم | قد خوّضوا في العباب و انتثروا |
و شيّعوا العقل حينما شربوا | و ودّعوا القلب حيثما نظروا |
و السّابحات الحسان حولهمو | كأنهنّ النّجوم و الزّهر |
يزيد سيقانهنّ من بهج | لون عجيب الرّواء مبتكر |
يضيء وردا و خمرة و سنى | ذوب من المغريات معتصر |
تغاير الموج إذ طلعن به | و ثار من حولهنّ يشتجر |
بهنّ يلتفّ مرتقى و يرى | ينشق عنهنّ فيه منحدر |
منفتلات قدودهنّ كما | ينفتل الغصن آده الثّمر |
ملوّحات بأذرع عجب | تحذرهنّ النّهود و الشّعر |
و الضّوء فوق الخصور منهمر | و الماء تحت الصّدور مستعر |
مازلن و البحر في توثّبه | يرغي كما راع قلبه خطر |
قد جاوز اللّيل نصفه فمتى | تؤمّ فيه أصدافها الدّرر |
فليصخب البحر و لتئنّ به | رماله ، و ليثرثر الشّجر |
و لتعصف الرّيح فوق مائجه | و لينبجس من غمامه المطر |
أقسمن لا ينتحين شاطئه | و إن ترامى بمائه الشّرر |
حتى يرى وهو فضّة ذهب | تمازج اللّيل فيه و السّحر ! |