أني لا شمت بالجبار
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
يا سامر الحيّ هل تعنيك شكوانا | رقّ الحديد و ما رقّوا لبلوانا |
خلّ العتاب دموعا لا غناء بها | و عاتب القوم أشلاء و نيرانا |
آمنت بالحقد يذكي من عزائمنا | و أبعد الله إشفاقا و تحنانا |
ويل الشعوب التي لم تسق من دمها | ثاراتها الحمر أحقادا و أضغانا |
ترنّح السوط في يمنى معذّبها | ريّان من دمها المسفوح سكرانا |
تغضي على الذلّ غفرانا لظالمها | تأنّق الذلّ حتّى صار غفرانا |
ثارات يعرب ظمأى في مراقدها | تجاوزتها سقاة الحيّ نسيانا |
ألا دم يتنزّى في سلافتها | أستغفر الثأر بل جفّت حميّانا |
لا خالد الفتح يغزو الروم منتصرا | و لا المثنّى على رايات شيبانا |
أمّا الشام فلم تبق الخطوب بها | روحا أحبّ من التعمى و ريحانا |
ألمّ و اللّيل قد أرخى ذوائبه | طيف من الشام حيّانا فأحيانا |
حنا علينا ظماء في مناهلها | فأترع الكأس بالذكرى و عاطانا |
تنضّر الورد و الريحان أدمعنا | و تسكب العطر و الصهباء نجوانا |
السامر الحلو قد مرّ الزّمان به | فمزّق الشمل سمّارا و ندمانا |
قد هان من عهدها ما كنت أحسبه | هوى الأحبّة في بغداد لا هانا |
فمن رأى بنت مروان انحنت تعبا | من السلاسل يرحم بنت مروانا |
أحنو على جرحها الدامي و أمسحه | عطرا تطيب به الدّنيا و إيمانا |
أزكى من الطيب ريحانا و غالية | ما سال من دم قتلانا و جرحانا |
هل في الشام و هل في القدس والدة | لا تشتكي الثكل إعوالا و إرنانا |
تلك القبور و لو أنّي ألمّ بها | لم تعد عيناي أحبابا و إخوانا |
يعطي الشّهيد فلا و الله ما شهدت | عيني كإحسانه في القوم إحسانا |
و غاية الجود أن يسقي الثرى دمه | عند الكفاح و يلقى الله ظمآنا |
و الحقّ و السّيف من طبع و من نسب | كلاهما يتلقّى الخطب عريانا |
*** | |
و الحزن في النّفس نبع لا يمرّ به | صاد من النّفس إلاّ عاد ريّانا |
و الخير في الكون لو عرّيت جوهره | رأيته أدمعا حرّى و أحزانا |
سمعت باريس تشكو زهو فاتحها | هلاّ تذكّرت يا باريس شكوانا |
و الخيل في المسجد المحزون جائلة | على المصلّين أشياخا و فتيانا |
و الآمنين أفاقوا و القصور لظى | تهوي بها النّار بنيانا فبنيانا |
رمى بها الظالم الطاغي مجلجلة | كالعارض الجون تهدارا و تهتانا |
أفدي المخدّرة الحسناء روّعها | من الكرى قدر يشتدّ عجلانا |
تدور في القصر عجلي و هي باكية | و تسحب الطيب أذيالا و أردانا |
تجيل و النوم ظلّ في محاجرها | طرفا تهدهده الأحلام و سنانا |
فلا ترى غير أنقاض مبعثرة | هوين فنا و تاريخا و أزمانا |
تلك الفضائح قد سمّيتها ظفرا | هلاّ تكافأ يوم الرّوع سيفانا |
نجابه الظلم سكران الظّبى أشرا | و لا سلاح لنا إلا سجايانا |
إذا انفجرت من العدوان باكية | لطالما سمتنا بغيا و عدوانا |
عشرين عاما شربنا الكأس مترعة | من الأذى فتملّي صرفها الآنا |
ما للطواغيت في باريس قد مسخوا | على الأرائك خدّاما و أعوانا |
الله أكبر هذا الكون أجمعه | لله لا لك تدبيرا و سلطانا |
ضغينة تتنزّى في جوانحنا | ما كان أغناكم عنها و أغنانا |
*** | |
تفدى الشموس بضاح من مشارقها | هلال شعبان إذ حيّا بشعبانا |
دوّت به الصرخة الزهراء فانتقضت | رمال مكّة أنجادا و كثبانا |
و سال أبطحها بالخيل آبية | على الشكيم تريد الأفق ميدانا |
و بالكتائب من فهر مقنّعة | تضاحك الشمس هنديّا و مرّانا |
تململ الفاتحون الصيد و ازدلفوا | إلى السيوف زرافات و وحدانا |
و للجياد صهيل في شكائمها | تكاد تشربه الصحراء ألحانا |
السابقات و ما أرخوا أعنّتها | و الحاملات المنايا الحمر فرسانا |
سفر من المجد راح الدهر يكتبه | و لا يضيق به جهرا و أمعانا |
قرأت فيه الملوك الصيد حاشية | و الهاشميّين طغراء و عنوانا |
شدّ الحسين على الطغيان مقتحما | فزلزل الله للطغيان بنيانا |
نور النّبوة في ميمون غرّته | تكاد ترشفه الأجفان فرقانا |
لاث العمامة للجلّى و لست أرى | إلاّ العمائم في الإسلام تيجانا |
يا صاحب النّصر في الهيجاء كيف غدا | نصر المعارك عند السلم خذلانا |
ترى السياسة لونا واحدا و يرى | لها حليفك أشكالا و ألوانا |
لا تسأل القوم أيمانا مزوّقة | فقد عيينا بهم عهدا و أيمانا |
أكرمت مجدك عن عتب هممت به | لو شئت أوسعته جهرا و تبيانا |
*** | |
ما للسّفينة لم ترفع مراسيها ؟ | ألم تهيئ لها الأقدار ربّانا ؟ |
شقّي العواصف و الظلماء جارية | باسم الجزيرة مجرانا و مرسانا |
ضمّي الأعاريب من بدو و من حضر | إنّي لألمح خلف الغيم طوفانا |
يا من يدلّ علينا في كتائبه | نظار تطلع على الدنيا سرايانا |
*** | |
*** | |
*** | |
*** |