أتهجّى لغة البكم أداري |
محنتي الصمت.. نواميس القبيلة |
بدويُّ أرفض الأرض تدورْ |
ثابت كالطوطم المغروس في إرث العشيرة |
وإذا لاح الهلال |
لاح لي وحدي- أنا الكون ومجدي العادياتْ |
ومدى الأغنية المبحوحة الأوتار في حلق الدمن |
موقد النار وصيحات من مغارات الذئاب |
وإذا غاب المطر |
في فجاج الأرض نغدو قوتنا نبتُ العرارْ |
ربّما جاء إلينا زائرٌ نعله الفولاذ والخيلُ الحديد |
يبتغي القَارَ- وشيئاً من قرار الأرض لا ندري مداه |
لغة البكم مداها العوسجات! |
ونباحٌ. وصياحٌ العنزة العجفاء في القفر اليباسْ |
ومواعيد لاتي العزواتْ |
شيخنا لا يقبل القسمة بعد الغنيمة |
الجواري للنخاسات وتسبي المحصنات |
زمن كالثلج- لا يقوى يذوب |
وإله الشرق مأواه الصقيع |
قتل الدفء فما أبقى اشتعالاَ |
كلما ثارت- على الأرض براكين- وغاوتنا شموس |
ضمنا كهف جديد |
فحرام في مقامات القبيلة |
تُبعدُ القملَ وأسراب الذبابْ |
وحرام أن يرى الحراس في كفيك صفحات كتابْ |
وحرام أن تزرع الأرض زهوراً ومشاتل |
تحفر الأرض وتفتض مناهل |
وحرام أن تقاتل |
إرثك المملوءَ صلباً ومقاصلْ |
وحرام أن تجادل |
لغة البكم وترتاد المجاهلْ |
* * * |
عندما- رّفتْ- حمامة |
بذرةً تحمل بشرى (عشتروتْ) |
أقفلوا بوابة الأفق عليها فتاهت في المدار |
حينما أنبت في الأحجار فأسي |
فاتحاً في الصخرة الصماء كوة |
رافضاً عادي ويأسي |
ورأيت الله في البر والبحر شموساً |
وعصافير جميلة |
جرَّني- شيخ القبيلة |
لقرار البئر- لكن- |
رغم منفاي الطويل |
يحمل الضوء صراخي للملايين فتصعد |
فلماذا لا أكونْ؟ |
* * * |
أتراني بين رعب وارتعاش |
وأسى (الخمسين) والفقر والمكابر |
وضياعي وضياع الحلم المقتول في ليل المدائن |
واشتهائي أحمل الأقمار باقات ضياء وجنائنْ |
أتراني؟.. غير مل يلقى ضرير من حقير |
كسرةُ الخبز تولّى من أكفي وصغاري في العراءْ |
ما الذي يجعل الشعر مناراً في وطنْ؟؟ |
كيف؟ ماذا؟ صار منفاي الوطن؟ |
هدموا ذاكرة البوح وحبي للحياة |
هو موت- لا أبالي- بالذي يأتي |
وما أخفاه البوح مني- |
صار للأعمى مباحْ |
فاتركيني حاملاً مصباح روحي لملاذ لا أراه |
شاعراً غنى قليلاً أو كثيراً واستراحْ |
* * * |
قال لي العشَّارُ: (اصبر سنفيق) |
وأنا تحت ركام الصبر من عهد سحيقْ |
آه من كنز العقوق |
والقناعات بأثل العُدْوة الجرداءِ، |
والصّبار والموت الصفيقْ |
واصطفاق الباب في إثري ومزاليج الطريق |
وأنا أطفو قليلاً ثم أهوي كالغريق |
تستغيث النطفة السمراء في الأرحام ممَّا سيكون! |
والذي كان عقيماً! |
والذي لم يأت أدهى! |
والمواريث جنونْ! |
* * * |
يا يباس النسغ في الطين. يا مأوى الرقيق |
أتراني أشعل القنديل في ليل دروبي |
والمغارات وظلماء الشقوق |
وأحيل الثلج في الشرق.. حريق!؟ |
* * * |
ما له يَرْتَدُّ في اللحم متى اكتظّت مزارات الرّياح |
ودم العرق على العرق كما يُجتاح جُرحٌ |
يتهاوى جسدٌ. ينهدُّ مكسور الجناحْ |
يختفي من خشب الصلب فيلقى |
حاصب الرؤيا في الأبعاد.. |
يغدو- مستباحاً |
عَلَقاً فرّغه الطّاغوتُ جيلاً يورثُ العقم لجيلٍ |
والرؤى إرث مباحْ |
* * * |
لِمَ في عينيك ترسو |
سفن الذل ويُغتالْ الذهولْ |
لِمَ لا يجتاز هوة الصمت، وأشقى |
بالوصول |
حُبّنا ضليلاً ومهاناً وخرافي الحلول |
لَمْ يعانق سدرة الله ولا أعلن رفضاً وذوى عبر الفصول |
نحن- لا حربَ (ولا سلمَ- ولا موت لأنكيدو) |
ولا زهو (أخيل) |
نحن وهم المستحيلْ! |
* * * |
ها أنا عدت كما كنت طريد |
دون نعل دون خبرْ |
أختفي في جثث الموتى وأرتال العبيدْ |
كبريائي جبهة سمراء حقدي في الوريد! |
1986 |