هذا أنا .. وهذه أنت !
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
كم تعذَّبْتُ في الحياةِ .. وكم | صِرْتُ رسيفاً ما بين شتَّى القُيودِ |
وتعَذَّبْتُ بالرَّفاء. وبالشَّدَةِ | فالوصْلُ كان مِثْلَ الصُّدودِ! |
يالَ هذي النَّفْسِ العجيبةِ | مما كانتْ سوى شَوْكةٍ بِدُنيا الوُرُودِ! |
يَجْتَوِيها المُرفَّهون بلا ذَنْبٍ | كَخَصْمٍ من الأُباة لدُودِ |
الورى كلُّهمْ سوى النَّزْرِ لاقوا | مثلها في قيودهم والسُّدودِ |
رَبَطَتْنيِ بهم أواصِرُ شَتَّى | من شقاء مُسَلَّطِ.. وكُنُودِ |
عَرَفوا أنَّهم. وإنْ بَذلوا الجُهْدَ | وما بعد جُهْدِهم من جُهودِ! |
فَسَيَلْقَوْنَ من نَكيرٍ . ومن | سُخْطٍ عليهم مُدَلَّلٍ الجُحودِ! |
فاستكانوا كما اسْتكنْتُ إلى | العُزْلةِ . خوفاً من اعْتِسافِ الحَقُودِ! |
*** | |
وتطلَّعتُ للسَّماء. وقد ضاقت | بيَ الأرض مثل ضيق اللَّحودِ! |
واسْتضاقَ المدىَ الرَّحِيبُ | فأَحْسَسْتُ كأّني مُسَمَّرٌ الحُدُودِ! |
في الدُّجى الحالِكِ الرَّهيبِ | تَنَوَّرْتُ شُعاعاً لِطَرْفِيَ المكْدُودِ! |
فرأَيْتُ الُّعُودَ بعد نُحوسٍ | عايَشَتْني دَهراَ وأَصْلَتْ جُلُودي! |
صِحْتُ في نشوة تباركت ربي | حين أكرمتني بهذا الصُّعودِ! |
حين أكْرَمَتْني وقد عِشْتُ أَهْوِي | لِحضيضٍ داج بهذا السُّعودِ! |
وتَبَدَّي رهْط قَليلٌ من الخَلْقِ | وما كان بَيْنَهم من حَسُودِ! |
فَكأَنَّي بهم شُهُودٌ.. وما | أَسْعَدَ نَفْسي بهؤُلاءِ الشُهود! |
شِمْتُ منهم نَدى الوِدادِ فأشجاني | فما شِمْتُ قَبْلَهم من وَدُودٍ! |
ما أحَيْلى الوُجُودَ في هذه الدُّنْيا | إذا كان مِثْلَ هذا الوُجودِ! |
وَيْكَأَنَّ الفِرْدَوْسَ عاد لعَيْنَيَّ وروحي فَلُذْتُ بالمَفْقُودِ! | |
وكأَنَّي وُلِدتُ أُخرى بُدُنْيا | غَيْر تشلكَ الدنيا. وذاكَ الكُنُودِ! |
صِرْتُ في الذُّرْوَةِ العَليَّةِ | من بَعْد مُقامي بِظُلْمَةِ الأُخدُودِ! |
*** | |
يا رِفاقي . ما أَكْرَمَ العَيْشَ | إنْ كان طَمُوحاً يَرْنُو لِمَجْدِ الخُلُودِ! |
والكِفاحُ المَرِيرُ أَجْدَرُ بالمَرءِ | وأَولى من الوَنى والرُّقُودِ! |
واللُّغوبُ المُضني أجَلُّ من الراحةِ | عُقْبى تَحُطُّ فوق النُّجودِ |
ردَّني الغابرُ السَّحيقُ إلى الرُّشْدِ | فَلَم أَخْشىَ من دَوَّي الرُّعُودِ! |
واسْتَبانَتْ لِيَ الدروب. فَهذي.. بوَعيدِ. ولهذهِ بِوُعُودِ! | |
فَسَلَكْتُ المُخِيفِ منها. وما خَفْتُ | فَلَيْس المَسِيرُ مَثلَ القُعُودِ! |
ولقد تُثْقِلُ الحُظُوظُ الموازينَ | فَيَغْدُو المُحِسُّ كالجُلْمودِ! |
كم قرودٍ ساءَتْ أُسُوداَ فعَزَّتْ | وغَدَتْ سادَةً لِشُمَّ الأُسودِ! |
*** | |
إيهِ يا فِتْنَتي . ويا رَبَّةَ الطُّهرِ | أَطِلَّي بكل مَعْنًى شَرُودِ! |
أَلْهِميني بما يَرُوعُ من الشَّعْرِ | لأِشْدُو بِفاتِناتِ القُدُودِ! |
بِعُيُونٍ تذيبنا .. وثُغُورٍ | وخُصُورٍ ضَوامِرِ ونُهُودِ..! |
أنا أَهْوى الأُمْلُودَ منها. فمَرْحى | بِعُيونٍ تهِيمُ بالأُمْلُودِ! |
ولأَنْتِ السَّنامُ منها.. وما | تَمَّ سنامٌ سِواكِ بالمَشْهُودِ! |
إِكْتَسي بالُبرُودِ. أو فاخْلَعيها | باحْتِشامٍ. فَأنْتِ مَجْدُ البُرُودِ! |
*** | |
أًَنْتِ . يا أًَنْتِ من أَجِلُّ وأَهْوى | وسواءٌ أَنْ تَبْخَلي أَو تَجُودي! |