مواجد .. وأشجان
سرَّبِتْ قُوَّتي السَّنونُ فَلَم تُبْقِ سوى عاجِزٍ أَسيفِ الحنايا! | |
جَرَّحَتْه السَّهامُ مِن كل صَوْب | وأطَلَّتْ عليِه سُودُ المنايا! |
يَوْمُه مِثْلُ أّمْسهِ فهو غَرْثانُ | ولم تَرْوِهِ فَتَشْفي الرَّكايا..! |
مِن ضَحايا الحياةِ لا الأَمْسُ يُرْضِيه. ولا يَوْمُه. فَوَيلُ الضَّحايا! | |
أَنكرتْني الرُّبُوعُ والأَهلُ والصَّحْبُ. فما لي منْهُنَّ غَيْرُ البَقايا! | |
وهي نَزْرٌ على الذي يُنْفِقُ العُمْرَ | على أّنْ يَنالَ بَعْضَ العَطايا! |
من مكانٍ يُقِلُّهُ.. وسماءٍ.. | ظَلَّلَتْهُ .. فَكرَّمَتْها الحَنايا! |
ورَعيلٍ من أَهِلهِ.. ورِفاقٍ | شَغَفُوه حُبّاً يِحُلْوِ السَّجايا! |
ظَلَّ حِيناً مُنَعَّماً يِغَوادِيهمْ | سواءٌ بِجَهْرِها والخفايا! |
*** | |
ثُمَّ أَمْسَيْتُ لا أَطيقُ سوى الوحْدةِ.. أَطْوِي بها الدُّجى وضَحايا! | |
فأَشاحُوا عَنَّي بِحَقٍّ. فما أَشْقى | وَحيداً مُطَوَّقاً بالرَّزايا! |
أَتُراني اشْتكَيْتُ ضَعْفاً مِن الوِحْدةِ؟! أنَّني اشْتَكَيْتُ الدَّنايا؟! | |
رُبَّما كان في اعْتِزالي عن النَّاسِ | رُضُوخٌ لِسطْوَةٍ مِن هَوايا! |
أَوْ عُزُوفٌ عن اللقاء؟! فكم | أَخشى لِقاءً من حاقِدٍ مَوْتُورِ؟! |
نالَني مِنْهُمُ العَذابُ وما يَعْبأُ | لُبَّي بِشائِهاتِ القُشُورِ! |
ولقد عَطْعَطُوا عَلَيَّ فقالوا | كيف يَمْشي في المَنْهَجِ المَهْجُورِ؟! |
كيف نَمشي في النُّورِ يَهْدِي ويَمْشي عاثِراً في حَواِلكِ الدَّيْجورِ؟! | |
أَفَمَسٌّ يِعَقْلِه .. أم ضَلالٌ؟! | أم غُرُورٌ يَرْميِ بِه للثُّبُورِ؟! |
وَيْلًهُ يَتْرُكُ الصَّبا يُنْعِشُ | الرُّوح ويهفو بِطَيْشِهِ لِلدَّبورِ! |
ضاقَ منه الهُدى . وسرَّ به | الغَيُّ وضاقَتْ بما جَناهُ الصُّدورُ! |
يعْلَمُ الله أَنَّني أَسْلُكُ الدَّرْبَ سَوِيّاً .. وأَعْتَلي كالطَّيورِ! | |
في فَضاءِ رَحْبٍ . وما مَسَّني | الأَيْنُ ولا مَسَّني بِهِ مِن فُتُورِ! |
في العَشِيَّ المُضَمَّخاتِ بِأَنْسامٍ يُدَغْدِغُن مُهْجَتي. والبُكُورِ! | |
فلَئِنْ ساءَهُم عُزوفى عن اللَّغْوِ | وأشقاهُمُ الرَّشِيدُ.. عُبُوري! |
فَلَقَدْ سَرَّني . وهل يَشْتَكي | المَرْءُ سَبيلاً يُفضي به للسُّرُورِ |
فدَعِ الهَجْرَ يا فُؤادِي مِن | القَوْلِ. وسَجَّلْ منه كريمَ السُّطُورِ! |
*** | |
إنَّ هذي السُّطُورَ كالثَّمر اليانِع كالزَّهرِ عابقاً بالطُّيوبِ! | |
أسْعَدتْني بأُلْفَةٍ لَيْسَ فيها | كَالأَناسِيِّ حفنة من عُيُوبِ! |
تتَبَدىَّ عَرائِسُ الشَّعْر فيها | بجَمالٍ حالى السَّماتِ. طَرُوبِ! |
ومَهِيبٍ من غَيْر عَسْفٍ وطُغْيان . وما فيه وَصْمةٌ من دُنُوبِ! | |
فالحِجا فيه مُطْمَئِنٌ إلى الوَصْل | طَهُوراً بلا وَنىَ أَوْ لُغُوب! |
والقُلوبُ المُتَيَّماتُ قرِيراتٌ | بما تَشْتَهِيهِ كُلُّ القُلوبِ! |
عدْتُ منه بَعْد التَّدَلُّل مَحْبوراً | بِعِزَّ مِن الورى مَسلُوبِ! |
ليْتَهُمْ يَعْرِفُونَ ما أَرْتَعُ اليَوْم | به بَيْنَ ماتعٍ وخَلُوبِ! |
يالَ هذا الشُّروقِ يُدْفِءُ أحْشَائي. ويَطْوي الظًّلامَ بعد الغُرُوبِ! | |
لو رَأَوني.. رَأَوْا وُثُوبي إلى | القِمَّةِ في حِينِ أنَّهُمْ في السُّهُوبِ! |
ورَأَوْني . وقد أَخَذْتُ من النُّجْح نصِيباً وأَمْعَنُوا في الرُسُوبِ! | |
لَتَوارَوْا خَلْفَ الحِجابِ وعاَدُوا | كَنِعاجٍ. ما إنْ لها مَن نُيُوبِ! |
يا ذُبابًا يطِنُّ يؤذي ويُقْذي | أَيْنَكُم مِن فَواضِلِ اليَعْسُوبِ؟! |
امْعِنوا في الرُّسُوبِ.. يا أَيُها | الرَّهْطُ.. ومُوتُوا غَيْظاً من الموهوب! |
*** | |
رُبَّ نارٍ غَدَتْ رَماداً .. ونار | تَتَلَظىَّ بجَمْرها المَشُبوب! |
يُخْطِىِءُ الحاسب الغَرِيرُ.. وما تُخْطِىءُ يَوْماً براعة الحَيْسُوبِ! | |
لَيْتنَا نَسْتَفِيقُ.. فالخُلْدْ رَمْزٌ | يتهاوى بلَطْمَةٍ من شَعُوبِ! |