حب وعرفان
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
رأيْتُ لعبد الله مَجْداً مُؤَثَّلاً | تحدَّر من آبائِهِ الصِّيدِ واسْتَعْلى! |
فمن جَدّه عبد العزيز.. وفَيْصلٍ | أبيه تَبَدَّى المجد مُمْتَنِعاً فَخَلا! |
ولله في عبد العزيز مآثِرٌ | رأَيْنا بها الوَبْلَ المُبَشِّرَ والطَّلاّ! |
وكانتْ بِلادُ العُرْبِ شَمْلاً مُمَزَّقاً | وخَوْفاً.. فلا وَعْراً أَميناً. ولا سَهْلا! |
فلا الحجُّ مأمُونٌ ولا المسجد الذي | تَمَيَّز بالمُخُتارِ.. وانْتَزَعَ الجهلا! |
فكم مِن حَجِيجٍ راح يَقُصُدُ طَيْبَةٌ | تَفَزَّعَ نَهْباً. أو تَرَدَّى بِها قَتْلا! |
طرائِقُ شَتَّى أفْزَعَتْ كُلَّ طارِقٍ | وإنْ بَذَلوا من الله ما جَلَّ واسْتَحْلى! |
تَصَدَّى لها عبد العزيز فَصانَها | من العَبَثِ المُزْري. وكانَ له أَهْلا! |
فما هي إِلاَّ جولة بعَدَ جوْلَةٍ | فَراحَ بها الباغُونَ صَرْعى بِما أَصْلى! |
فمنهم أَطاعَ السَّيْفَ يَشْدخُ هامَهُ | ومنهم رأى أَنَّ الرُّضوخ به أوْلى! |
فَلِله ما أَجْدى علينا جِهادُهُ | فقد صَحَّ منه ما تَهافَتَ واعْتَلاَّ! |
يُشِيدُ به الشَّادُونَ في كُلِّ بُقْعَةٍ | فكم مِنَّةٍ تُرْوى. وكم آيةٍ تُتْلى! |
وهذا هو الخُلْدُ الذي ظَلَّ شامِخاً | مُشِعّاً على الدُّنْيا بآلائِهِ المُثْلى! |
ومِن بَعْدِه جاءَ الغَطارِيفُ.. كُلُّهُمْ | شَغُوفٌ بِمَجْدٍ لا يَخيسُ ولا يَبْلى! |
بدا فَيْصَلٌ لِلنَّاسِ مَجْداً مُلألِئاً | يُضِيءُ.. فلا حِسّاً يَضِلُّ. ولا عَقْلا! |
تأَلَّقَ في عَيْنَيْ أَبيهِ فَسَرَّهُ.. | وكيف؟! وقد كانَ السَّبوق الذي جَلىَّ؟! |
فقال له كُنْ نائبِي.. وأَحَلَّهُ | مَحلاًّ رَفِيعاً.. ما أَعَزَّ وما أَغْلى! |
فقد كانَ فيه المُصْطَفى سَيِّدُ الورى | فكانَ به طِفْلاً.. وشَبَّ به كَهْلا! |
فَراسةُ مَوْهُوبٍ عَظِيمٍ مُسَوَّدٍ | وفِطْنَةُ مَوْهُوبٍ. وكان له نَجْلا! |
ولَسْتُ بِمُسْطِيعٍ. ولا الشّعْرُ قادِرٌ | على صَوْغِ ما كانا بِه. وله أَهْلا! |
فَفي البَحْرِ أَسْرارٌ. وفي الطَّوْدِ رِفْعةٌ | تُحَيِّرُ قَوْلا.. أَنْ يُحاوِلَ.. أْو فِعْلا! |
وشاءَ يَراعي مَرَّةً فأَرابَني | فَقُلْتُ له – لما رَثَيْتُ له – مَثلا! |
وقُلْتُ له أَبْصِرْ.. فَحَوْلَكَ ثُلَّةٌ | كَوَاكِبُ.. كانُوا لِلَّذي سادَنا نَسْلا! |
أَشاوِسُ. لَو فَوْق النُّجُومَ مَنَابعٌ | لَتاقُوا إليْها. واسْتَطابُوا بها النَّهْلا! |
ولم يَثْنِهمْ عَن قَصْدِهم غَيْرُ نيْلِهِ | وكيْفَ.. وقد أَدُّوا له الفَرْصَ والنَّفْلا! |
وقد ناضَلُوا حتى اسْتَوَوْا فَوقَ هامِهِ | فساروا وقد مَدّ الطُّمُوحُ لهم حَبْلا! |
تَذكَّرْ سعوداً وهو أوَّلُ عاهلٍ | تَسَنَّم عَرْشاً يَنْشُدُ الحقَّ والعدْلا! |
تَسَنَّمه والنَّاسُ تحمد ما بَنى | أبُوهُ.. ويَلْقى حَوْلَه الحَوْلَ والطَّوْلا! |
وحَسْبُكَ مِن هذه السُّلالِة خالِدٌ | وفَهْدٌ. وقد كانَ السُّمُوُّ لهم شُغْلا! |
فَأَوْرَثَهم مَجْداً طَريفاً وتالِداً | وأَوْرَثَنا نَحْن الكرمةَ والفَضْلا! |
لَك الله يا فَهْدُ الحَبِيبُ وخالدٌ | فإنَّكُما الجُودُ الذي اسْتَأْصَلَ البخلا! |
وإنَّكُما الفَخْرُ الذي يَستَفِزُّنا | إلى المَدْحِ.. لولا أنَّه لم يكُنْ جَزْلا! |
*** | |
ويا شِعْرُ هل لي أَنْ أَبُوحَ بِمُضْمَرٍ | من الحُبِّ أَصْلاني الذي لم أَكُنْ أصْلى! |
لَئن عَزَّني فيه الثّناءُ فَإِنَّني | أراني بِحُبِّي أعْشّق الصَّدَّ والوَصْلا! |
وأعْذُرُ شِعْري إنْ تَقَاصَر واسْتَوى | على العَجْزِ واسْتَخْذى بِقافيةٍ عَجْلى! |
فما هو إلاَّ الشِّعْرُ يَسْتَقْطِبَ النُّهى | فَيَشْدو كما تَشْدُو مَشاعِرُهُ الجَذْلى! |
وما هو إلاَّ المَجْدُ.. إلاَّ رُسُوخُهُ | وما هو إلاَّ أَنْ غَدَوْتَ له ظِلاَّ! |
عَشِقْتُ العُلا مَنْذُ الصِّبا فَوَجَدْتُها | لَدَيْهِ. فَنَادَتْني أَلا كُنْ له خِلاَّ! |