أب
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
أين الضجيج العذب والشغب | أين التدارس شابه اللعب؟ |
أين الطفولة في توقدها | أين الدمى في الأرض والكتب؟ |
اين التشاكس دونما غرض | أين التشاكي ماله سبب؟ |
أين التباكي والتضاحك في | وقت معا ، والحزن والطرب؟ |
أين التسابق في مجاورتي | شغفا إذا أكلوا وإن شربوا؟ |
يتزاحمون على مجالستي | والقرب مني حيثما انقلبوا؟ |
يتوجهون بسوق فطرتهم | نحوي إذا رهبوا وإن رغبوا |
فنشيدهم: (بابا) إذا فرحوا | ووعيدهم: (بابا) إذا غضبوا |
وهتافهم: (بابا) إذا ابتعدوا | ونجيهم: (بابا) إذا اقتربوا |
بالأمس كانوا ملء منزلنا | واليوم، ويح اليوم قد ذهبوا |
وكأنما الصمت الذي هبطت | أثقاله في الدار إذ غربوا |
إغفاءة المحموم هدأتها | فيها يشيع الهم والتعب |
ذهبوا ، أجل ذهبوا ،ومسكنهم | في القلب ، ما شطوا وما قربوا |
إني أراهم أينما التفتت | نفسي وقد سكنوا ، وقد وثبوا |
وأحس في خلدي تلاعبهم | في الدار ليس ينالهم نصب |
وبريق أعينهم ، إذا ظفروا | ودموع حرقتهم إذا غلبوا |
في كل ركن منهم أثر | وبكل زاوية لهم صخب |
في النافذات زجاجها حطموا | في الحائط المدهون قد ثقبوا |
في الباب قد كسروا مزالجه | وعليه قد رسموا وقد كتبوا |
في الصحن فيه بعض ما أكلوا | في علبة الحلوى التي نهبوا |
في الشطر من تفاحة قضموا | في فضلة الماء التي سكبوا |
إني أراهم حيثما اتجهت | عيني كأسراب القطا سربوا |
بالأمس في (قرنايل ) نزلوا | واليوم قد ضمتهم ( حلب) |
دمعي الذي كتمته جلدا | لما تباكوا عندما ركبوا |
حتى إذا ساروا وقد نزعوا | من أضلعي قلبا بهم يجب |
ألفيتي كالطفل عاطفة | فإذا به كالغيث ينسكب |
قد يعجب العذال من رجل | يبكي ، ولو لم أبكِ فالعجب |
هيهات ما كل البكا خور | إني وبي عزم الرجال أب |