الوشم
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
الآن | في الساعة الثالثة من القرن العشرين | حيث لا شيء | يفصل جثثَ الموتى عن أحذيةِ الماره | سوى الاسفلت | سأتكئ في عرضِ الشارع كشيوخ البدو | ولن أنهض | حتى تجمع كل قضبان السجون وإضبارات المشبوهين | في العالم | وتوضع أمامي | لألوكها كالجمل على قارعة الطريق.. | حتى تفرَّ كلُّ هراواتِ الشرطة والمتظاهرين | من قبضات أصحابها | وتعود أغصاناً مزهرة (مرةً أخرى) | في غاباتها | أضحك في الظلام | أبكي في الظلام | أكتبُ في الظلام | حتى لم أعدْ أميّز قلمي من أصابعي | كلما قُرعَ بابٌ أو تحرَّكتْ ستاره | سترتُ أوراقي بيدي | كبغيٍّ ساعةَ المداهمه | من أورثني هذا الهلع | هذا الدم المذعور كالفهد الجبليّ | ما ان أرى ورقةً رسميةً على عتبه | أو قبعةً من فرجة باب | حتى تصطكّ عظامي ودموعي ببعضها | ويفرّ دمي مذعوراً في كل اتجاه | كأن مفرزةً أبديةً من شرطة السلالات | تطارده من شريان إلى شريان | آه يا حبيبتي | عبثاً أستردُّ شجاعتي وبأسي | المأساة ليست هنا | في السوط أو المكتب أو صفارات الإنذار | إنها هناك | في المهد.. في الرَّحم | فأنا قطعاً | ما كنت مربوطاً إلى رحمي بحبل سرّه | بل بحبل مشنقة | |
اخترنا لك قصائد أخرى للشاعر (محمد الماغوط) .