. غياب مشترك |
نرحلُ …… |
ممتـنين لطول الطريق ووحشته الإضافية |
نغني قبل الوصول النهائي أغاني البقاء الذليل |
في البيوت التي لا أبواب لها ولا نوافذ ولا حدائق ولا حتى عناوين واضحة. |
نرحل ـ إذن ـ لا نلوي سوى على |
غصة موزعة بغير عدل بيننا |
وبين الذين بقوا . |
2. غياب لحوح |
السؤال نفسه يباغتني كلما وضعت قدمي على طرف الإجابة المحتملة |
السؤال نفسه .. |
كلما داهنت فضولي ورشيت علامات الاستفهام ببقية من يقين يتلاشى |
السؤال نفسه .. |
كلما غبتَ ، وكلما عدتَ ، وكلما ترددتْ أغانيك خلف النوافذ المغلقة جزئياً ، والأوراق المهترئة كلياً ، وحكايات الأجداد عن ذكريات الوطن الوسيع مثل سماء. |
السؤال البسيط الذي أعرف إجابته نفسها . |
3. غياب ثالث |
ما الذي يمـكن أن يحدث إن قرر الوطن أن يغيب ؟! |
من الذي سـوف يعترض أو يتنامى بين السموات الأعـلى ؟ |
وكيف ستبدو الذاكرة إن تخلت عن أورامها الحميدة عبر جراحة غير ضرورية ؟ |
؟!؟!؟! |
الشجر وحده يملك الإجابة الصحيحة |
لكنه أيضا يملك الدموع |
مثلنا ... لحسن الحظ . |
4. غياب صاخب |
بين صيحات المشجعين المدوية |
وتأوهات الكرة تتدحرج نحو الشباك الجائعة |
ينتشي بالوطن للمرة الوحيدة التي تتكرر |
فينزرع في الهواء المثقل بانصباب العرق والأهداف المهدرة وصافرة الحكم . |
يسجل الهدف ويغرق بالنشوة الجديدة |
ويتلاشى في صيحات الخاسرين |
............... |
لحظته الوحيدة |
لحظته التي لا تتكرر |
أمام حاجز التفتيش المروري ! |
5. غياب مفتوح |
الأعشاب الصغيرة النابتة على أطرافه |
تذكّرني بأهداب الروح المستسلم لقدره المحتوم |
والصغار الذين يرفعون أكفهم لتحية الوطن كل صباح مدرسي |
يكبرون بلا أكف |
وبأهداب مجزوزة من دون عناية . |
6. غياب جذاب |
التفاحة التي سقطت على رأس نيوتن |
فرحتْ قليلا بلذائذ الدهشة الكامنة |
وشرف الجاذبية |
لكنها تطلعت نحو الأعلى بذلك الحنين الذي أعرفه |
والذي ينازعني به الآخرون |
وهم ينبشون أوراقي الثبوتية من بين أسنان الشوارع الجديدة . |
7. غياب متشابه |
الغايات الكبرى ما زالت تحاول ترسيم حدودها النهائية |
مثل وطن |
مثل هوية |
مثل حديقة مهملة حد النضج |
مثل آخرين يشبهوننا |
مثل الغايات الصغرى أيضا ! |
8. غياب واقعي |
للبحر ساحل |
وللسماء طرف واقعي |
أما هذه الصحراء |
فتبدأ من الرمل حيث نقف مشدوهين |
وتنتهي إليه حيث ننتظر |
لكن الرمل ليس له ذاكرة |
والرياح تذرو البقية |
وتضحك ! |
9. غياب أخضر |
أيتها الشجرة اليتيمة |
تمعني بملامحي جيدا |
امتصي عطر الشمس |
ونسغ الأرض |
واحرسي فضاء الشارع القديم |
................ |
أيتها الشاهدة الهرمة . |
10. غياب إضافي |
حين تكبر الصغيرة |
تفتش في حقائب طفولتها المنسية |
عن عناوين وأرقام هواتف وخرائط وألوان علم وشوارع ترابية توصل إلى مدرستها الأولى |
ولن تجد سوى : |
قصاصات مهترئة من صحف الزمان القديم |
تعد بعناوين وأرقام هواتف وألوان علم وشوارع تجري من تحتها أنهار العسل والخمر والحليب و.... و.... |
11. غياب أخير |
تموت ببطء سرطاني |
ولا توصي بمثواها الأخير |
............. |
رءوفة بأولادها هذه السيدة . |