فلتجرعوا ما شئتموا |
من جذوة الغليان نبع شقائكم |
و جعاً دفين .. |
و لترشفوا ماء الصبابة |
لوعة الضجر الحزين |
و لتستظلوا بالحريق |
و تستفيقوا بالأنين |
الجمر بين صدوركم |
عصب العيون عن الحقيقة |
فاستدار الحلم عنكم |
و اشتراكم مارد الكذب اللعين |
فبقيتموا في لجة اللهب السعير |
مواقداً للنار ظلت تصطليكم |
كلما ضاءت بروقي في السماء |
و كلما لمعت نجومي في الجبين |
إني بنار جحيمكم و بغلكم |
كالماس أبقى ساطعاً |
متوهجاً في كل حين |
إني أحس بقدرة الإيمان تسكن عزّتي |
و تدغدغ الأنفاس عندي بالحنين |
إني أحس بقوة تسري عميقاً في دمائي |
كلما أزف العناق |
و كلما وجفت قلوب الحاسدين |
الطالعين من الجراح |
إلى الجراح |
ذوي الوجوه الكثر |
و الضعف المهين |
ما حاجتي |
لمثيل من سقط الفراغ بجوفه |
ما حاجتي لحقول صلصال و طين |
و هواجسِ لا ترتقي صرح اليقين |
إني تقمصت الهوى و الصدق |
و اخترت السماح طريقتي |
فدواخلي بالحب صارت لا تلين |
و لقد تبينت الطريق فويلكم |
بالحقد تسقيكم لظى زقومها |
ألماً سخين |
أبقى أنا جيل العطاء |
السمح و الوعد الأمين |
قمر الزمان المستمد نقاءه |
من غفوة الإيماء ترجع بالسناء |
تشد أعصاب السنين |
أحيا على مر العصور و قامتي |
فوق السماء نطل بالصحو المبين |
*** |
كم كان بيني و الخواطر |
في عيون النجم حلم |
ظل يطرق باب بيتي في اندهاشِ |
يحتويني في رباه |
أنا قد سكنت البحر قبلك يا مياه |
برقت عيون الموج في شط الجزيرة |
أدركت جوف النواة الطفل |
أعشاب الرجاء |
كم هزني عصب البراءة |
جددت تلك التلال حريقها |
و تجمدت سحب الخواء |
النار و الزبد المشتت في جروف النهر |
دغدغ صمته لحن الصبابة |
و اكتسى بالصبر و الرمل المسافر |
في عيون الشوق يحلم |
بالرغيف و بالكساء |
جاع النهار فجف حلق العصر |
و انتحب المساء |
و الليل يبحث في الدجى |
عن فجره المنثور في كل المدى |
و بكل زاوية تحلق في الفضاء |
إن صدكم خوف الذئاب من الذهاب |
إلى عرين فراستي |
فالخير زان مسافتي |
و أنا الطريق إلى دروب الإنتماء |
العز بيني و الحياة تظل بدراً |
في عيون تطلعي |
تاجاً أنيقاً و احتفاء |
و وجوهكم تبقى تراباً عالقاً بستائري |
و حديثكم محض افتراء |
كل الثعالب و الضباع تعيش مثل حياتكم |
أبداً و تحيا في الخفاء |
و بجرةٍ ملأى سموماً و ابتلاء |
زمنُ مريبْ |
ماذا لعمرك يا طبيب؟ |
تشفي عليلاُ واحدا |
و تصيب ألفاُ منً تصيب |
بالغيبة الكبرى و أسرار النميمة |
و الترصد و العداء لمن خسرت نزاله |
في ساحة البحث الرهيب |
فظللت تصرخ في الطريق و لا مجيب |
ثكلتك أنفاس الضياع |
و ضمك السقم الغريب |
حُمى تصيب الخاسرين بجوفهم |
و تؤكد الداء العجيب |
رصدتك أوجاع الملاريا و الشقاء |
بكل ميقات عصيب |
هذا زمان لم تعد فيه الصحافة |
و الحضارة قمتان |
و لم يعد فيه الحسيب و لا الرقيب |
حتى التماثيل الحوائط و الدمىَ |
تحكي قساوة من رمىَ |
إحساسه بالهمز و اللمز الكئيب |
ها إنني وحدي خرجت |
من الظلام إلى الضحى |
عبر الرجاء المستطيب |
فارقت جمع الخوف |
ودعت المهالك و النحيب |
و هززت جذع الشمس |
حتى تساقط ضوؤها |
فوق الدروب |
من الصباح إلى المغيب |
و صرخت ملء الكون صرخة ثائرٍ |
ملك الزمان بعشقه ولهاً مهيب |
أحببتها و أحبها |
و أكون في كل المحافل قربها |
حبل الوريد لقاءه بعدُ قريب |
في لحظة صار الزمان قصيدة |
و بلحظة صار الهوى انشودة |
و الأرض عندي كلها |
صارت حبيب. |