مستلقياً على ظهري |
أُحدِّقُ في السماءِ الزرقاء |
وأُحصِي كمْ عددَ الزفراتِ التي تصعدُ إلى اللهِ كلَّ يومٍ |
وكم عددَ حبَّاتِ المطرِ التي تتساقطُ من جَفْنيهِ |
أديرُ قرصَ الهاتفِ |
وأطلبهُ |
تَرُدُّ سكرتيرتُهُ الجميلةُ |
إنَّهُ مشغولٌ هذه الأيَّام |
إلى أُذُنيهِ |
بتقليبِ عرائضكم التي تهرّأتْ من طولِ تململها في المخازن |
يا سيِّدتي أريدُ رؤيتَهُ ولو لدقيقةٍ واحدةٍ |
ما مِنْ مرّةٍ |
طلبتهُ |
وردَّ عليَّ |
أريدُ أنْ أسألَهُ قبلَ أنْ أُودِّعَ حياتي البائسة |
وقبل أنْ يضعَ فواتيرَهُ الطويلةَ أمامي: |
يا إلهي العادل |
أَمِنْ أجلِ تُفّاحةٍ واحدةٍ |
خسرتُ جنانَكَ الواسعةَ؟! |
أَمِنْ أجلِ أنْ يسجدَ لي ملاكٌ واحدٌ |
لم يبقَ شيءٌ في التاريخ إلّا وركعتُ أمامه؟! |
.............. |
يا أبانا… |
يا أبانا الرحيم |
أَعْرِفُ أنَّكَ لنْ تضحكَ على ذقوننا مثلهم |
لكنِّي مهانٌ ويائس |
أريدُ شبراً من هذه الأرضِ الواسعةِ أضعُ عليه رأسي ونعالي وأنام |
أريد رغيفاً واحداً من ملايين السَنَابِلِ التي تتمايس أمامي كخصورِ الراقصات |
………… |
...... |
أجلسُ أمامَ بابِ مسجدِ الكوفة |
أجلسُ أمامَ كنيسةِ لوند |
أجلسُ أمامَ حائطِ المبكى |
أجلسُ أمامَ معبدِ بوذا |
ضاغطاً راحتيَّ على ركبتيَّ |
وأُحصِي كمْ يصعدون، ظهورَنا المحدودبةَ كالسَلالم |
وكم ينـزلون |
ومع هذا |
لا أحدَ يلتفتُ إلى دموعنا المنسابةِ كالمزاريب |
أريدُ أنْ أصعدَ يوماً إلى ملكوته |
لأرى.. |
إلى أين تذهبُ غيومُ حشرجاتنا |
وهذه الأرض التي تدور |
بمعاركنا وطبولنا وشتائمنا واستغاثاتنا |
منذ ملايين السنين |
ألمْ تُوقِظْهُ من قيلولتِهِ الكونيَّةِ |
لِيُطِلَّ من شرفتِهِ |
ويَنظُر لنا؟ |
مَنْ يدري |
رُبَّما سَئِمَ من شكوانا |
فأشاحَ بوَجْهِهِ الكريم |
ونسينا إلى الأبد. |
أَحْلُمُ أنْ أركلَ الكرةَ الأرضيَّةَ بحذائي المثقُوب |
ولا أدعها تسقطُ |
حتى أُعِيدَها إليه |
كي يجيبَني |
بعيداً عن جمهرةِ المفسّرينِ والدراويش والوعّاظ: |
إذا كنتَ وحدكَ مالكَ الغيب.. |
ولمْ تفشِ أسرارَكَ لأحدٍ |
فكيف عَلِمَ أبليس |
بأَنِّي سأعيثُ في الأرضِ فساداً؟! |
....... |
وإذ كنتَ حرمتني |
من دمِ العنقودِ |
فلماذا أبحتهُ لغيري؟! |
.......... |
وإذا كان الأشرارُ لمْ يصعدوا إلى سفينةِ نوح |
وغرقوا في البحرِ |
فكيفَ امتلأتِ الأرضُ بهم ثانيةً؟! |
............. |
و "إذا السماء انشقّتْ، وأذِنتْ لربها وحُقّتْ، وإذا الأرضُ مُدّتْ، وألقتْ ما فيها وتخلّتْ"..! |
فأين ستذهبُ لوحاتُ فان كوخ، |
وقصائدُ المتنبِّي، |
ومسرحياتُ شكسبير، |
ونهجُ البلاغة، |
وسمفونياتُ موزارت |
وما الذي سنجده في متاحفِ الجنّة..؟! |
.............. |
وإذا كنتُ سأجدُ في فراديسك الواسعة |
حِبْراً |
وخمراً |
وصَفْصَافاً |
فهل أستطيعُ نشرَ قصائدي |
دونَ أنْ تمرَّ على رقيبٍ؟! |
............. |
وإذا أنكحتني |
عشرةَ آلافِ حورية عين…. |
فماذا ستتركُ لحبيبتي؟! |
و….. |
و……… |
……. |
* * * |
3/4/1997 لوليو- جنوب القطب الشمالي |