أرشيف الشعر العربي

الظلُّ الثاني

الظلُّ الثاني

مدة قراءة القصيدة : دقيقتان .

وقفتُ أمام البنايةِ

مرتبكاً

يَتَعَقَّبُني ظلُّه من وراء الجريدةِ

لفَّ معي الطُرُقاتِ

وقاسمني مطعماً في ضواحي المدينةِ

والباصَ

والمكتباتِ اللصيقةَ

حتى انتهينا إلى دورةٍ للمياهِ

وقاسمتهُ هلعي في القصيدةِ، منكمشاً

أتحسَّسُ طيَّاتِها من خلالِ التصاقِ القميصِ بنبضي الذي يتسارعُ

والعجلات التي تتسارعُ

والقُبلات التي تتسارعُ خلف الغُصُون

تحسَّسَ - حين استدارَ - انتفاخَ مُؤخّرةِ البنطلونِ

فأَبْصَرتُ فوَّهةً تترصَّدُني……

………

ولم نَفترِقْ

قاطعتنا الشوارعُ

لم نَفترِقْ

قاطعتنا أغاني المقاهي التي سيَحُطُّ الذُبابُ على لحنِها ويطيرُ إلى الشايِ، سيِّدةٌ بالثيابِ القصيرةِ تهبطُ من سُلَّمِ الباصِ تقرصها النظراتُ المريبةُ من فخذيها.. فتجفلُ، موجُ الزِحامِ الذي يتلاطمُ فوقَ ضفافِ المحلّاتِ منحسراً آخرَ الشهرِ نحوَ البيوتِ التي

النوافيرُ…

ساحةُ بيروت…

لمْ نفترِقْ…

………

دَلَفْتُ إلى البارِ

كان ورائي

يَمُدُّ مخالبَهَ في ظلالي وكانَ الوطنْ

على بعدِ منفى وكوبٍ من الشايِ

يقرأُ في صحفِ اليوم آخرَ أخبارِهِ

نافثاً في الزجاجِ المُضَبَّبِ دُخَّانَ سيجارةِ اللفِّ

يبصقُ..

[.. حين أُصَافِحُهُ، سيَمُدُّ يداً بترتها الشظايا، يشيرُ... (لصورةِ جَلَّادِهِ ساخراً تَتَرَبَّعُ أعلى الجريدةِ مزدانةً بالنياشينِ -كمْ نفختهُ الجرائدُ - يتبعهُ الدبقُ، الحشدُ والكاميراتُ).. أشيرُ إلى المطرِ المتساقطِ من غيمِ أجفانِهِ وهو يرنو لجوعِ شوارع

تمصُّ دماه وتعلو…]

.. يرى الحافلاتِ التي تتدافعُ

والخطوات التي تـتـ....

.. إلى أين يلهثُ هذا القطيعُ ؟

احتسيتُ ـ على قلقٍ ـ نصفَ كوبي

فبادلني النظراتِ

التفتُّ

رأيت الذي كان يرقبني

قابعاً خلف نظّارتيهِ وظهري

يُقَرِّبُ أُذنيهِ من طرفِ الطاولةْ

نحنُ لمْ نتبادلْ سوى جملٍ نصف مبتورةٍ

فماذا يسجّلُ فأرُ الحكومةِ في أُذنِ صاحبِهِ

وَيُهَيِّيءُ - خلفَ التقاريرِ والمعطفِ الجلدِ - طلقتَهَ القاتلةْ؟

* * *

نهاية 1992 مقهى حسن عجمي - بغداد

اخترنا لك قصائد أخرى للشاعر (عدنان الصائغ) .

غموض

نجمة..

احتراق أولي

احتراقات القمر المشاكس

تكوينات


ساهم - قرآن ٢