أرشيف الشعر العربي

أتدري منْ تخرمتِ المنونُ

أتدري منْ تخرمتِ المنونُ

مدة قراءة القصيدة : 3 دقائق .
أتدري منْ تخرمتِ المنونُ ومن أرقتْ لمصرعهِ العيون
ومنْ ذا أثقل الأعناقَ حملاً وخفَّ لحزنه العقلُ الرصين
ومنْ ملأَ القلوبَ أسى ً وحزناً فكلُّ فتى ً لمصرعهِ حزينُ
وَمنْ في جنة ِ الفردوسِ أضحى لديهِ الظلُّ والماء المعينُ
وأيّ هلالُ أفقٍ غاب عنهُ وكان لأفقهِ أبداً يزينُ
أتدري يا زمانُ بمنْ دهتنا صروفكَ ؛ أنك الزمنُ الخؤونُ
وأنكَ بالذي أحدثتَ فينا .. جديرٌ أن تساءَ بكَ الطنونُ ؛
لئنْ كدرتَ من عيش البرايا فمبدأ خلقهم ماءٌ وطينُ ؛ .
هوى البدرُ الذي قد كان حقا به نورُ الهداية ِ مستبينُ ؛
هوى الجبلُ الذي قد كان يأوي إليه الملتجي والمستكينُ
مضى القرم الذي قد كان ذخراً تناطُ بهِ الحوائجُ والشؤونُ ؛
فأيّ سحاب دمعٍ ليسَ يهمي وأيّ حصاة قلبٍ لا تلينُ
وليسَ يردّ سهمَ الموتِ درعٌ مزردة ٌ ولا حصنٌ حصينُ
سقيتَ الغيث قبراً حلّ فيه تقى ً وعلى ً وإيمانٌ ودينُ ؛
ثوى فيكَ الذي ما كان يلفى له في كلّ مكرمة ٍ قرينُ ؛
رجعنا عن ثراهُ بجيشِ حزنٍ له في كلًّ جارحة ٍ كمينُ
وأجرينا جيادَ الصبر عنه ؛ ولكن شوط مرزئه بطينُ .
فيا لكَ ميتاً قد بانَ عنا تكادُ لبينهِ الأحشا تبين ؛
وآهِ لطولِ بعدكَ من حبيبٍ وهلْ يجدي التأوهُ والحنينُ
وَوَالهفي عليكَ وقد تدانى خروجُ الروح وانقطع الأنينُ
وأسكنتَ التراب برغم قومٍ محلكَ في قلوبهم مكينُ . .
يكادُ النوم أنْ يغشى الأماقي فتلفظه لذكراك الجفونُ ؛
أهنا إذْ دفنتَ عقودَ دمعٍ مخبأة ً لغيركَ لا تهونُ ؛ .
وكلفنا الجوانحَ عنكَ صبراً فقالتْ لا قرار ولا سكونُ ؛
وخانتنا بكَ الأيام لكنْ بحسنِ الصبر بعدك نستعينُ .
وكيفَ الصبر عنكَ أو التسلي جميلُ الصبرِ بعدكَ لا يكونُ ؛
فهلْ يدري سريرك منْ علاهُ علاهُ العلمُ أجمعُ واليقينُ ؛
وهل يدري ضريحكَ من تغشى ومن وهو تحتَ تربته دفينُ
قرنتَ بصالح الأعمال فيه وحسبك أنه نعم القرينُ ؛
يعزُّ على العلوم نواكَ عنها وأنتَ لبحرها الطامي سفين
هلالاً كنتَ غالتهُ الليالي وليثاً كنت أسلمهُ العرينُ ؛
جعلتَ ودادَ أهلِ البيتِ ديناً لعلمك أنه الحبل المتينُ ؛
ودنتَ بدينهم في كلَّ حالٍ وذاكَ لعمرك الحقّ اليقين
وكنتَ من التشيع في محلٍ تسافر دونَ غايته العيون .
فيهنيكَ القدوم على كريم خزائنُ ملكه كافٌ ونونُ ؛
ويهنيكَ الدعاء نجوتَ عبدي فعفوي لا تكدره الظنونُ ؛
ويهنيكَ ادخاركَ خير كسبٍ إذا الجاني بمكسبهِ رهينُ ؛
وأخذك للصحيفة ِ يوم حشرٍ إذا انتدبتْ لتأخذها اليمينُ ؛
سأنظمُ فيكَ ما يعلو ويغلو ويرخص عنده الدرُّ الثمينُ ؛
وأسقي تربَ قبركَ غيثَ دمعٍ يقصر دونه الغيث الهتونُ
فمثلكَ ما سمعنا في البرايا ولا قد كان قطّ ولا يكون ؛
عليكَ صلاة ُ ربك بعد طه وعترته فأنتَ بها قمينُ .

اخترنا لك قصائد أخرى للشاعر (الهبل) .


المرئيات-١