لانالَ منكَ فؤادي ما يرجيهِ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
لانالَ منكَ فؤادي ما يرجيهِ | إن كانَ طولُ التنائي عنكَ يسليهِ ؛ |
سلِ الصبابة َ عنْ جسمي السقيم ولا | تسلْ سقامي فإنّ السقم يخفيهِ ؛ |
ولا تسلْ غير طرفي عنْ مدامعهِ | لا تأخذِ الماءَ إلاّ من مجاريهِ ؛ |
أشكو إلى اللهِ وجداً ظلتُ أكتمهُ | عنْ عاذلي ودموع العين تبديه |
وخاطراً قد تمادى في غوايته | وزادَ حتى تمادى في تماديهِ |
وصرفَ دهر أصابتني نوائبهُ | بكلّ سهمٍ منَ الأحداثِ تبريهِ ؛ |
سقياً لدعرٍ مضى لو كانَ ساعدني | حظي لكنتُ بهذا الدهرِ أفديهِ ؛ |
هذا الزمانُ الذي لاَ كانَ منْ زمنٍ | ولا سقاهُ منَ الوسميّ ساريهِ |
ماتَ الوفاءُ وأبنلء الوفاءِ بهِ | فالمجدُ منْ بعدهم أقوتْ مغانيه ؛ |
فأينَ منْ يستحقُّ المدحَ مبتذلاً | للمالِ فيهِ فيوفينا ونوفيه |
لهفي على غرَّ أبياتٍ مدحتُ بها | منْ لوْ هجوتُ لأرخصتُ الهجا فيهِ |
لهفي على ثوبِ عزًّ نشرهُ عطرٌ ؛ | ألبستهُ لشقائي غيرَ أهليهِ |
وأفق نظمٍ تذيبُ الصخر رقتهُ | أطلعتُ فيه نجوماً منْ معانيهِ ؛ |
حبرته في بخيلٍ نقشُ درهمهِ ؛ | اللهُ من أعين السؤال يحميهِ |
تكادُ تسجدُ للدينار جبهتهُ | بخلاً ويعبده من دون باريهِ |
يودّ لو أنّ في آذانهِ صمماً | إذا دعاهُ إلى المعروفِ داعيهِ |
لو جاءه المصطفى مستشفعاً | بأمينِ الله في درهمٍ ما كانَ يعطيهِ ؛ |
لا المدحُ يغريه بالإعطا لسائلهِ | ولا الهجاء عن الحرمان يثنيهِ ؛ |
أزهى منَ الديكِ ؛ إذْ يمشي على صلفٍ | لهُ جناحان منْ كبرٍ ومن تيهِ ؛ |
لا حلم فيه ولا عقلٌ ولا أدبٌ | ولا وفاء إلى المعروف يهديه . |
يرومُ شأوَ العلى ؛ والبخلُ يقعدهُ | كأنه طائرٌ قصتْ خوافيهِ |
يرى التكبرِ من اسنى مناقبهِ | ويحسب البخلَ منْ أعلى معاليه ؛ |
فليتَ شعري على ما فيه من صلفٍ | أكانَ منتظراً للوحيِ يأتيه |
قلدتهُ لشقائي في سعادتهِ | عقداً منَ المدحِ قد راقت لآليهِ |
تودّ شمسُ الضحى لو أنها حليتْ | بهِ وبدرُ الدجى لو كان يحكيهِ |
منْ للزهورِ بأن تحكي شمائلهُ | ومنْ لزهرِ الدياجي لو تضاهيهِ |
وقائل لي اتهجوهُ فقلتُ لهُ | مهلاً ؛ فإنَّ هجائي ليسَ يؤذيهِ ؛ |
إني لأتلو مساويه فيحسبني .. | لفرطِ تغفيله أتلو مساعيهِ |
قد كانَ مدحي له ذنبا شقيت بهِ | فصار تكفيره عني هجائيهِ |
يا هادماً بمساويه بناء على ّ | أبوهُ دونَ ملوكِ الأرض بانيهِ ؛ |
حذار من نارِ فكرٍ أضرمتْ لهباً ؛ | ولا تقفْ لعبابٍ سالَ واديه ؛ |
فما نبا سيفُ عزمي حينَ أعملهُ | ولا خبا زندُ فكري حين أوريهِ ؛ |
وما امتدحتك أرجو منك نيلَ غنى ً ؛ | لكنْ قضاءٌ جرى في الكون ماضيهِ |
ولو أردتُ غناءً لامتدحتُ فتى ً | ينالُ مادحه أقصى أمانيه |