إن الحروف إشارات المداد فلا
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
إن الحروف إشارات المداد فلا | حرف هناك سوى ذات المداد طلا |
طلا الحروف اللواتي صار صبغتها | وهما وصبغته صارت وما انتقلا |
بطونها كان في غيب المداد كما | ظهورها كان بالتقدير منه إلى |
وهي التقادير منه والشؤون له | وليس ثم سواه فالهم المثلا |
وانهنّ سواه ولا تقل هي هو | تخطى ولا هو أيضا هنّ مختبلا |
فإنه كان من قبل الحروف ولا | حرف ويبقى ولا حرف هناك ولا |
وهالك كل حرف في العيان سوى | وجه المداد بمعنى ذاته جعلا |
فللحروف ظهور وهي خافية | وذاك عين ظهور للمداد حلا |
والحرف ما زاد شيئا في المداد ولم | ينقصه شيئا ولكن فصل الجملا |
وما تغير بالحرف المداد وهل | مع المداد وجود للحروف إلا |
إلا فحقق مقالي ما الوجود هنا | سوى وجود مداد عند من عقلا |
وأينما انك حرف لم يزل معه | مداده فاعقل الأمثال ممتثلا |
ونحن لم نضرب الأمثال فيه له | وإنما هو للأمثال قد بذلا |
ونحن أمثاله اللاتي ضربن لنا | في خلقه قد فهمناها ولا جدلا |
فكن بصيرا بأمر جلّ عارفه | له المداد وأنواع الحروف جلا |
واعلم بأن مداد الحرف فاعله | به محيط له فيه عليه ولا |
والحكم ليس سوى حكم الحروف وما | لها وجود فحقق رتبة النبلا |
إن الوجود الحقيقي ذات خالقنا | وهو الذي عز في سلطانه وعلا |
وهو المداد يمدّ الكل أجمعهم | بذاته فهو فهيم كلهم كملا |
وذاته في سواها لا تحلّ إذا | إذ لا سواها ولا فيها السوى حصلا |
وإنما الكل سماها الشؤون له | جيمعها فهو فيها طبق ما نقلا |
والكل منه إشارت يشير بها | وما الإشارة إلا فعل من فعلا |
نحن الكتاب لأنا أحرف كتبت | به على نفسه قد خطنا وتلا |
والكاتب الحق يمحونا ويثبتنا | كما يشاء فلا نبغي به بدلا |
والروح عرش التجلي بالصفات بدت | والذات منا ثمان عرشه حملا |
والنفس كرسيه السبع الطباق حوى | مناهي الحفظ فالوهم الذي قبلا |
فالفكر فالعقل أيضا فالخيال بدا | فالطبع فالحس فالأشياء قد شغلا |
والجسم فيها الأراضي سبعة ظهرت | جلد فعرق فعضروف به اشتملا |
فالعظم ثم الغشا فالقلب داخله | ثم الشغاف بحب القلب قد عدلا |
حتى العناصر فيها أربع عرفت | صفرا دم بلغم سوداء قل مثلا |
ثم المواليد فيها أربع ظفر | شعر وقمل وإنسان المنيّ تلا |
وكل واحدة مما ذكرت لها | بالأصل منها اتصال قط ما انفصلا |
مراتب كلها عين الوجود بدت | بها بشكل كبير واحد عملا |
ثم اقتضت إنها تبدو معدّدة | في كثرة باختصار مرأة رجلا |
ولا تعدّد فيها عند عارفها | لأنها حضرة فيها لقد نزلا |
أعني به الغيب غيب الذات وهو هنا | محض الوجود وجود الحق منتقلا |
وهي انتقالاته بالاعتبار له | تقلب في شؤون ضمنها جهلا |
الله أكبر عن هذا ومشبهه | من العلوم وعن عال وما سفلا |
ولكن القول منا كشف رتبته | لنا برتبة كشف حقق الأملا |
خذما بدا لك من قولي على أدب | واسمع كلامي فإني أوضح السبلا |
وما اختفى عنك فاكفف عنه قولك في | سرّ وجهر ولا تجعل به زللا |
ودعه للكامل التحرير يعرفه | لأنه ما ابتغى عن ربه حولا |
نحل النفوس لها الأجسام أودية | ومن قلوب الورى كم أسكنت جبلا |
وكم تنقلت الأشجار من ملأ | وما تعرش ممن جدّ أو هزلا |
يا نحل أوحى إليك الرب فاتخذي | من الجبال بيوتا واسلكي ذللا |
وكل شيء سبيل الرب خلقته | إليه في الناس من يمشي به وصلا |
هنالك العلم علم الله يخرج من | بطونها اختلفت ألوانه عسلا |
بطونها حضرات الحق إذ هي قل | ظهوره فهو منها لابس حللا |
لأنها هي تقديراته وبها | يبدي الخلائق والأملاك والرسلا |
مراتب وشؤون فيه أجمعهم | محققون وأما ليس فيه فلا |